سجّل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في جنوب إفريقيا تراجعا واضحا، وفق ما أظهرت الخميس النتائج الجزئية للانتخابات البرلمانية، وهو ما يؤشر إلى فقدانه غالبيته المطلقة في البرلمان.
ومع فرز 35 بالمئة الأصوات قُبيل الساعة 18,00 ت غ، حصل حزب "المؤتمر الوطني الإفريقي" على 42,5 بالمئة، أي أقل بكثير من نسبة 57 بالمئة التي فاز بها عام 2019، يليه "التحالف الديموقراطي الليبرالي" أكبر أحزاب المعارضة والذي حصل على أقل من 25 بالمئة.
أما حزب "المقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية" اليساري المتطرف فحصل على نحو 9% من الأصوات، فيما حاز حزب "اومخونتو وسیزوه" (إم كيه) بزعامة الرئيس السابق المثير للجدل جاكوب زوما أكثر بقليل من 8%.
ومن غير المتوقع صدور النتائج النهائية قبل عطلة نهاية الأسبوع.
وبلغت نسبة المشاركة 58,7 بالمئة، بانخفاض عن نسبة 66 بالمئة في الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2019.
وقالت اللجنة الانتخابية المستقلة في مؤتمر صحافي: "عادة يتم جمع 80% من النتائج في الساعات الأربع والعشرين الأولى بعد إغلاق مراكز الاقتراع"، لكنها تحدثت هذه المرة عن حصول "تأخير".
بعد أن فقد زخمه، صار حزب المؤتمر الوطني الإفريقي مهددا بخسارة غالبيته المطلقة للمرة الأولى في البرلمان بعدما حظي بولاء الناخبين الثابت لمدة ثلاثين عاما عقب إنهاء نظام الفصل العنصري.
ودعي أكثر من 27 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم الأربعاء لاختيار نوابهم الـ400 الذين سيتولون انتخاب الرئيس.
وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها الساعة التاسعة مساء (السابعة مساء بتوقيت غرينتش)، لكن في بعض المدن مدّد التصويت حتى وقت متأخر نتيجة تدفق حشود كبيرة. وبدأ العد على الفور بعد إغلاق المكاتب.
وتوقعت استطلاعات الرأي تراجعا تاريخيا لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذي حظي بـ40% إلى 47% من نيات التصويت.
بالنسبة للعديد من سكان جنوب إفريقيا البالغ عددهم 62 مليون نسمة، فشل الحزب الذي وعد بتوفير التعليم والمياه والسكن للجميع في تحقيق هذه الوعود.
بعد مرور ثلاثين عاما على انتخاب أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا في شخص نيلسون مانديلا، ما زال ثلث سكان البلاد عاطلين من العمل. وتستمر الجريمة في تحطيم الأرقام القياسية، ويتزايد الفقر وعدم المساواة.
كما يطغى على الحياة اليومية انقطاع المياه والكهرباء. وأدى تزايد قضايا الفساد التي تورط فيها مسؤولون كبار إلى تقويض الثقة في الحزب.
"على أعتاب تغيير سياسي"
إذا تأكد تراجع نسبة أصوات حزب المؤتمر الوطني الإفريقي إلى أقل من 50%، فسيتعين عليه تشكيل تحالفات وإجراء مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية.
في هذا السياق، عنونت صحيفة "بيزنس داي" المحلية صباح الخميس "جنوب إفريقيا على أعتاب تغيير سياسي".
كذلك عنونت صحيفة "ذا سيتيزن" "لقد تكلم الشعب"، بدون أن تتردد في مقارنة الطوابير الطويلة للناخبين الأربعاء بتلك التي شهدتها أول انتخابات متعددة الأعراق في عام 1994.
في ديربان (شرق)، عادت سيباهل فيلاكازي (25 عاما) في نهاية اليوم للمرة الثالثة إلى مركز الاقتراع سعيا للتصويت مع تشكل طوابير طويلة، وقالت: "لن أستسلم، نحن بحاجة إلى التغيير، الجميع هنا سيصمدون".
رغم خيبة الأمل المتزايدة، يُنتظر أن يظل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذي يشغل حاليا 230 مقعدا (57,5%)، الحزب الأكبر في البرلمان. لكن وفقا لخبراء، فإن الحزب القوي سيخرج من هذه الانتخابات ضعيفا.
في سويتو، أكد الرئيس سيريل رامابوزا (71 عاما) الذي يعول على ولاية ثانية، الأربعاء أنه "لا شك" في فوز حزب المؤتمر الوطني الإفريقي.
أما زعيم التحالف الديموقراطي المعارض جون ستينهاوزن، فتحدث عن حقبة جديدة بعد ثلاثين عاما من الانتخابات كان "من المحسوم خلالها فوز حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، ولم نتساءل إلا عن النتيجة".