على ضفة نهر باراغواي، نجا مجتمع محلي تقليدي من حرائق الغابات التي تشهدها منطقة بانتانال البرازيلية منذ أسابيع، لكن أسلوب حياة "حرّاس" هذه المحميّة للتنوع البيولوجي ما زال مهددا.
تقول فيرجينيا باييس (55 عاما) التي تطوّعت في فرق الإطفاء للمساعدة في إخماد الحرائق ورئيسة جمعية "النساء المنتجات في محمية بايا نيغرا" لوكالة "فرانس برس": "كان النهر الشيء الوحيد الذي يفصلنا عن النيران. على الجانب الآخر، أتى الحريق على كل شيء".
وتضيف "لم نتعافَ تماماً من حرائق عام 2020 وكان علينا أن نواجه هذه المشكلة مجددا".
يضم هذا المجتمع 28 عائلة تكسب عيشها من صيد الأسماك والحرف اليدوية والصناعة البرية والسياحة البيئية في لاداريو في ولاية ماتو غروسو دو سول في وسط البرازيل الغربي.
وهو موجود داخل محمية بايا نيغرا البيئية، وهي الأولى في منطقة بانتانال، أكبر الأراضي الرطبة على الأرض، في جنوب الأمازون.
في العام 2020، وهي السنة التي شهدت فيها منطقة بانتانال أسوأ الحرائق في تاريخها، تضرّرت 50 % من المحمية بالنيران.
والشهر الماضي، اقتربت الحرائق من المحمية وأتت على الغطاء النباتي في جزيرة براسينيو، على الضفة الأخرى من النهر.
لكن مجتمعها لم يسلم من الدخان الذي يؤثر يوميا على صحة السكان. وتقول باييس "بالكاد نستطيع التنفس".
الصيد في خطر
سجّلت منطقة بانتانال 3528 حريقاً منذ مطلع 2024، وهو عدد قياسي للنصف الأول من العام، في ظاهرة تفاقمت بسبب موجات الجفاف الاستثنائي المرتبطة وفقا للخبراء بتغير المناخ.
لكن السلطات تعزو هذه الحرائق إلى النشاط البشري، خصوصا ممارسة الحرق للتوسع الزراعي.
من جهته، يعتبر أندري لويز سيكويرا من منظمة "إيكوا" غير الحكومية التي تنشط في المنطقة منذ 30 عاما أن أفراد "المجتمعات المحلية التقليدية هم الحراس الحقيقيون للأنظمة البيئية التي يعيشون فيها".
ويضيف "أخشى أن نرى في غضون سنوات قليلة، نازحين بسبب تغير المناخ" في منطقة بانتانال.
وتمتد محمية بايا نيغرا التي أنشئت عام 2010، على مساحة تزيد عن 5400 هكتار، وتعيش فيها أنواع مرتبطة بالمنطقة مثل تمساح الكايمن والجاغوار، وخنزير الماء، أكبر القوارض في العالم.
وتهدّد الحرائق بشكل مباشر نشاطاً يعدّ أساسياً لبقاء هذا المجتمع وهو صيد الأسماك. فالدخان يسمّم الأسماك فيما انخفض قاع مجرى النهر بشكل كبير بسبب الجفاف.
يقول مارسيلو هنريكي (33 عاما) "أصبح صيد الأسماك أكثر صعوبة ولم نعد نجد أسماكاً. في السابق، كنتُ أعيش من الصيد، لكنني الآن أعمل كشغّل فرن صناعي" في مصنع في لاداريو.
تهديد الجاغوار
من جهته، يستذكر ريناتو أندرادي (52 عاما) الوقت الذي كان فيه صيد الأسماك وفيرا في المحمية. في الوقت الحاضر، لا يؤثر النقص على السكان فحسب، بل يؤثر أيضا على حيوانات الجاغوار التي تفتقر إلى فرائس.
ويضيف "قبل الحرائق الكبرى (عام 2020)، لم نكن نسمع عن هجمات جاغوار في المنطقة المحيطة، لكن الآن أصبحت أسمع عواءً قرب منزلي".
وبالتالي، يفرض أفراد المجتمع نوعا من حظر تجول على أنفسهم.
ويتابع أندرادي "في الليل، يجب البقاء في المنزل. اعتبارا من الساعة السادسة والنصف مساءً، يمتنع السكان عن الخروج، نحن خائفون جدا. لقد أصبح العيش هنا خطرا بسبب نقص الفرائس الطبيعية للجاغوار" مثل خنزير الماء.
كما أن الحيوانات الأليفة تقع ضحية للجاغوار. ويوضح أندرادي "لم يعد بإمكاني إحصاء عدد الكلاب التي تأكلها حيوانات الجاغوار".