يجتمع قادة دول حلف شمال الأطلسي الثلاثاء في واشنطن في قمة تهدف إلى تأكيد الدعم لأوكرانيا والمعارضة لروسيا ويُتوقع أن تطغى عليها جهود الرئيس الأميركي جو بايدن من أجل البقاء السياسي.
من جانبه، أكّد الكرملين أنه يتابع من كثب قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي ستبدأ في الساعات المقبلة في واشنطن وسيحضرها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة آخرون.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحافيين إن موسكو "ستتابع باهتمام بالغ (...) لهجة المحادثات والقرارات التي سيتم اتخاذها".
وأضاف "الناتو تحالف يعتبر أن روسيا عدو وخصم".
وأشار إلى أن الحلف "أعلن بانتظام عن هدفه المتمثل في إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا في ساحة المعركة" و"يشارك بشكل مباشر في النزاع الأوكراني إلى جانب أوكرانيا".
وسيحاول بايدن البالغ 81 عاما طمأنة الحلفاء خلال الاجتماع المستمر حتى الخميس بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الحلف، حيال القيادة الأميركية وقدرته الشخصية على البقاء في الحكم وسط تزايد الدعوات التي تطالبه بالانسحاب من السباق الانتخابي.
حتى الآن، قاوم المرشح الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية الضغوط التي يمارسها عليه حتى بعض من أعضاء حزبه، وذلك بعد مناظرة قدّم فيها أداء كارثيا في مواجهة منافسه الجمهوري دونالد ترامب الشهر الماضي أثار تساؤلات حول قدرته العقلية والجسدية على البقاء في البيت الأبيض لولاية ثانية.
وقال بايدن في مقابلة بُثت الاثنين "حلفاؤنا يتطلّعون إلى القيادة الأميركية"، مضيفًا "من برأيكم يمكنه أن يتدخل في هذه الحالة وفعل ذلك؟ أنا وسّعت حلف شمال الأطلسي. أنا عززت حلف شمال الأطلسي".
وفي ظلّ الشكوك المحيطة بقدرة بايدن على الحكم، تدرس الدول الأخرى في التحالف المؤلف من 32 عضوا بقلق احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر).
وخلال حملته الانتخابية، هدّد نجم تلفزيون الواقع السابق بالقضاء على مبدأ الدفاع عن النفس بموجب المادة الخامسة من معاهدة إنشاء الحلف والتي تنص على أن أي هجوم تتعرض له دولة عضو يُعتبر هجوما على جميع الأعضاء.
لكن السياسة الأميركية لن تكون وحدها محطّ الاهتمام في القمّة.
فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيشارك في الاجتماع بعدما تقدّم معسكره على اليمين المتطرف الفرنسي الذي كان يرجح حصوله على غالبية مطلقة في الجمعية الوطنية، فيما سيُشكّل حضور رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر أول رحلة دولية له منذ تسلّمه منصبه الأسبوع الماضي، في وقت يصل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بعد أيام من اجتماع مثير للجدل عقده مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبينما يتصارعون مع حقل ألغام السياسة الأميركية، سيتعيّن على قادة دول الناتو أن يظهروا أنهم لم يصرفوا انتباههم عن واقع ساحة القتال في أوكرانيا.
مسار "لا رجعة فيه"؟
سيحلّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على القمّة ضيفا على أمل ضمان حصول بلده على مزيد من أنظمة الدفاع الجوي من طراز باتريوت يطالب بها منذ أشهر للتصدي للهجمات الروسية.
وظهر ضعف قواته أمام ضربات روسية هزت الاثنين عدة مدن أوكرانية.
وقال زيلينسكي في وارسو الاثنين قبل توجهه إلى واشنطن "أودّ أن يُظهر شركاؤنا قدرا أكبر من المرونة وردًا أقوى على الضربة التي وجهتها روسيا مرة أخرى لشعبنا".
ومن المتوقع أن يكون الوعد بتقديم المزيد من الأسلحة أكبر انتصار يحصل عليه الرئيس الأوكراني في وقت تسعى قواته بصعوبة للحفاظ على مواقعها بعد عامين ونصف من بدء الغزو الروسي.
ووسط قلقهما من جر حلف شمال الأطلسي إلى حرب مع روسيا، سدّت الولايات المتحدة وألمانيا الطريق على أي حديث عن منح أوكرانيا دعوة واضحة للانضمام إلى التكتّل الدفاعي.
لكن دبلوماسيين يقولون إنهم يتطلعون إلى اعتبار طريق كييف إلى العضوية النهائية في إعلان القمة "لا رجعة فيه"، قائلين إن كييف "على جسر" الانضمام.
ويؤمل أن تكون التعهدات بشأن إمدادات الأسلحة كافية لتجنب إثارة زيلينسكي خلافا دبلوماسيا آخر بعدما انتقد علنا خلال قمة الناتو العام الماضي إحجام الحلف عن منح أوكرانيا العضوية.
ويُتوقع أن يتعهد أعضاء الحلف بمواصلة دعم أوكرانيا أقلّه بالوتيرة نفسها المعتمدة منذ بدء الغزو الروسي أي بما قدره 40 مليار يورو سنويًا، لعام إضافي على الأقلّ.
وسيتفقون كذلك على تعزيز دور الحلف في تنسيق عمليات تسليم الجيش الأميركي أسلحة لأوكرانيا، في خطوة تهدف للمساهمة في حماية الإمدادات بمعزل عن أي تغييرات سياسية في واشنطن.
وسعيا لبثّ رسالة واضحة مفادها أن الحلفاء الأوروبيين يبذلون المزيد من الجهد في مجال الدفاع، سيزيد الناتو الانفاق بين دوله الأعضاء.
ويُتوقع هذا العام أن يحقق 23 من أعضاء الحلف البالغ عددهم 32 الهدف الذي وضعه الناتو والمتمثل في إنفاق 2% من إجمالي الناتج المحلي على الدفاع، بعدما كان عدد هذه الدول ثلاث فقط قبل عشرة أعوام.