تعود الخدمات المقدّمة في مختلف المجالات، من شركات طيران إلى قطاعات الرعاية الصحية والشحن والشؤون المالية اليوم السبت، إلى العمل منذ أمس الجمعة بعدما أوقف عطل رقمي عالمي أنظمة الكمبيوتر لساعات، كاشفاً عن الثغرات الناشئة عن تحوّل العالم إلى التكنولوجيا المترابطة عقب جائحة كوفيد-19.
وبعد حل مشكلة العطل، تتعامل الشركات الآن مع تراكم الرحلات الجويّة المؤجّلة والملغاة وكذلك المواعيد الطبية والطلبيات التي لم تصل إلى وجهتها ومشكلات أخرى قد تستغرق أياماً لحلّها. وتواجه الشركات أيضاً تساؤلات عن كيفية تفادي انقطاع الخدمات مستقبلاً بسبب التكنولوجيا التي يُفترض أن تحمي أنظمتها.
وأفادت شركات طيران أميركية ومطارات عدّة في أنحاء آسيا عن بدء استئناف عملياتها مع عودة خدمات تسجيل الركاب في هونغ كونغ وكوريا الجنوبية وتايلاند والهند وإندونيسيا وفي مطار شانغي في سنغافورة اعتباراً من بعد ظهر السبت.
وصرّح رئيس مطارات تايلاند كيراتي كيتامانوات للصحافيين في مطار دون ميوانغ في بانكوك إن "أنظمة تسجيل الركاب عادت إلى طبيعتها (في المطارات الرئيسية الخمسة في تايلاند). لم تعد هناك طوابير انتظار كالتي شهدناها أمس".
وتسبّب تحديث برمجي من شركة الأمن السيبراني العالمية "كراود سترايك"، وهي إحدى كبرى الشركات في القطاع، في إحداث مشكلات في الأنظمة أدّت إلى تعطّل رحلات جوّية واضطرار هيئات إعلامية إلى قطع البث ومنع المستخدمين من الوصول إلى خدمات مثل الرعاية الصحية أو الخدمات المصرفية.
وأعلنت شركة " فيدكس " العالمية لخدمات الشحن أنّها واجهت اضطرابات كبيرة في خدماتها. وتضرّر بعض المشرفين المسؤولين عن مراقبة المحتوى على موقع " فايسبوك ".
ومنذ تفشي جائحة كوفيد-19 في 2020، ازداد اعتماد الحكومات والشركات على مجموعة من شركات التكنولوجيا المترابطة، وهو ما يفسّر سبب انقلاب العالم رأساً على عقب بسبب مشكلة في برنامج واحد.
وأعلن البيت الأبيض في بيان أن فريق الرئيس الأميركي جو بايدن يتواصل مع كراودسترايك والمتضررين من الخلل و"على استعداد لتقديم المساعدة حسب الحاجة".
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية "تفيد معلوماتنا أن عمليات الطيران استؤنفت في أنحاء البلاد، رغم بعض الازدحامات".
تشير التقارير الواردة من هولندا وبريطانيا إلى احتمال أن تكون الخدمات الصحية تأثرت بالاضطرابات، ما يعني أن الحجم الكامل للضرر قد لا يكون معروفاً بعد.
وأعلنت شركة إينديغو أكبر شركات الطيران الهندية في منشور عبر "إكس" عن "حل" المشكلة.
وقالت الشركة السبت "رغم حل الانقطاع وعودة أنظمتنا إلى الإنترنت، نعمل جاهدين لاستئناف العمليات العادية، ونتوقّع أن تستمر هذه الإجراءات حتى نهاية الأسبوع".
وقال أحد الركاب لوكالة "فرانس برس" إن الوضع في مطار دلهي كان يعود إلى طبيعته بحلول منتصف ليل السبت مع تأخر بسيط فقط في الرحلات الدولية.
تجربة للمستقبل
وسلّط العطل الضوء على شركة "كراود سترايك"، وهي شركة قيمتها 83 مليار دولار وغير ذائعة الصيت، لكن لديها أكثر من 20 ألف مشترك حول العالم، منهم شركة " أمازون دوت كوم " وشركة " مايكروسوفت ".
وقال الرئيس التنفيذي للشركة جورج كيرتز عبر منصّة "إكس" للتواصل الاجتماعي إن خللاً رُصد "في تحديث محتوى فردي لخوادم استضافة نظام ويندوز" أثر في عملاء " مايكروسوفت ".
وأضاف لشبكة "أن بي سي نيوز" "أنّنا آسفون جدّاً على الأثر الذي سببناه لدى العملاء والمسافرين وأي شخص تأثّر بهذا، بما في ذلك شركتنا". وتابع "يعيد كثير من العملاء تشغيل النظام ويُفتح النظام ويعود إلى العمل".
وكان السفر الجوي الأسرع تضرّراً من العطل إذ تعتمد شركات الطيران تعتمد على جدولة سلسة، والتي عند انقطاعها يمكن أن تؤدي إلى تأخيرات طويلة. ومن بين أكثر من 110.000 رحلة تجارية مجدولة أمس الجمعة، تم إلغاء خمسة آلاف رحلة على مستوى العالم، مع توقّع المزيد، وفقاً لشركة " سيريوم " لتحليلات الطيران.
وقالت المطارات من لوس أنجليس إلى سنغافورة وأمستردام وبرلين إن شركات الطيران كانت تقوم بتسجيل الركاب ببطاقات صعود مكتوبة بخط اليد، ما تسبّب في تأخيرات.
وحذّرت البنوك وشركات الخدمات المالية العملاء من الاضطرابات وتحدّث المتداولون في الأسواق عن مشاكل في تنفيذ المعاملات. وقد تواجه شركات التأمين مجموعة كبيرة من المطالبات الناتجة عن اضطراب الخدمات.
ومع مرور اليوم، أبلغت المزيد من الشركات عن العودة إلى الخدمة الطبيعية.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية نقلاً عن الهيئة الوطنية للأمن السيبراني أن تأثير العطل الرقمي العالمي على الجهات الوطنية في المملكة محدود.
وقال وزير النقل الأميركي بيت بوتيجيغ إن مشاكل النظام تم حلّها على ما يبدو، ومن المأمول أن تعود وسائل النقل إلى طبيعتها بحلول اليوم السبت.
وأثار العطل أيضاً مخاوف من أن كثيراً من المنظّمات ليست مستعدّة جيّداً لتنفيذ خطط طوارئ عند تعطّل نظام لتكنولوجيا المعلومات أو برنامج داخلها قادر على التسبّب في توقّف النظام بأكمله.
لكن خبراء يشيرون إلى أن هذا الانقطاع سيحدث مجدّداً إلى حين دمج مزيد من خطط الطوارئ في الشبكات واستخدام المنظّمات أدوات احتياطية أفضل.