النهار

​ صواريخ أميركيّة في ألمانيا تطال موسكو... هل تغيّر عودة ترامب الخطط؟
برلين - شادي عاكوم
المصدر: النهار العربي
أكد المستشار الألماني أولاف شولتس من واشنطن أن قرار نشر الأنظمة الصاروخية كان قيد الإعداد منذ فترة طويلة، وليس بمفاجأة حقيقة لأي شخص مهتم بسياسة الأمن والسلام، وأنه يجب ان تحظى ألمانيا بحماية خاصة بها مع الردع ضد عدوان روسي ولسد ثغرات في القدرات الأوروبية من أجل الإستعداد لحالات الطوارىء، والأسلحة الدقيقة ضرورية لتحقيق ذلك.
​ صواريخ أميركيّة في ألمانيا تطال موسكو... هل تغيّر عودة ترامب الخطط؟
صاروخ توماهوك الاميركي
A+   A-
للمرة الأولى منذ الحرب الباردة، أعلن أخيراً، على هامش قمة الناتو في واشنطن، عن رغبة الولايات المتحدة في نشر أنظمة أسلحة صاروخية بعيدة المدى في ألمانيا. فماذا تعني الخطوة وما مدى فعالية هذه الصواريخ للردع الحقيقي في أوروبا؟ 

الغرض من إعادة النشر
أكد المستشار الألماني أولاف شولتس من واشنطن أن قرار نشر الأنظمة الصاروخية كان قيد الإعداد منذ فترة طويلة، وليس بمفاجأة حقيقة لأي شخص مهتم بسياسة الأمن والسلام، وأنه يجب أن تحظى ألمانيا بحماية خاصة بها مع الردع ضد عدوان روسي ولسد ثغرات في القدرات الأوروبية من أجل الاستعداد لحالات الطوارئ، والأسلحة الدقيقة ضرورية لتحقيق ذلك. 

وفي سياق ما تقدم، قالت الخبيرة في المجال الأمني كلوديا ماجور من مؤسسة العلوم والسياسة لشبكة "ايه أر دي"، أن هناك أسباباً رئيسية دفعت الناتو لنشر الأنظمة الأميركية في ألمانيا، أهمها أن روسيا قامت منذ فترة طويلة بنشر ما يسمى بصواريخ "اسكندر" في منطقة كالينينغراد على بحر البلطيق والتي يمكنها حمل رؤوس نووية، وهذا تهديد حقيقي. بالإضافة إلى ذلك، نقلت روسيا طائرات مقاتلة مزودة بصواريخ "كينشال" الأسرع من الصوت إلى هناك منذ عام 2022، فضلاً عن إعلانها أنها ستنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا. 

وتشير المعلومات إلى أن الخطط مختلفة عما سُمي القرار المزدوج الذي اتخذه الناتو في الثمانينات من القرن الماضي، حيث نشرت الولايات المتحدة في عام 1983 صواريخ بعيدة المدى كجزء من جهود التحديث التي يبذلها الناتو، وخلافاً لما كانت عليه الحال في ذلك الوقت، الأمر اليوم مختلف ولا يتعلق بنشر الصواريخ النووية، بل يتعلق بصواريخ كروز تقليدية من أجل مواجهة هذه التهديدات. 

التكاليف   
وعن تكاليف نشر أنظمة الصواريخ البعيدة المدى في ألمانيا اعتباراً من 2026 ومن الجهة التي ستديرها، بيّنت تحقيقات استقصائية أن الحكومة الألمانية لا تزال تلتزم الصمت بخصوص النشر وتكاليف البنية التحتية، وأن المناقشات السرية لا تزال قائمة بخصوص التكاليف، ولا يمكن التعليق على التفاصيل في الوقت الحالي، لا سيما أن عددها الدقيق غير محدد بعد، لكن الولايات المتحدة تعتبر أن نشر الصواريخ الأميركية في ألمانيا هو من ضمن التزامتها ضمن إطار حلف شمال الأطلسي، وهذا يعني أنها المالكة لهذه الأنظمة وستبقى تحت سيطرتها.

وإزاء ذلك، قال الباحث في الشؤون الأوروبية تيمو دوفيل لـ"النهار العربي" إن الحكومة الألمانية أقرت أخيراً الموازنة العامة لعام 2025 وتضمنت تخفيضات كثيرة على بعض موازنات الوزارات ومعونات البطالة والمتقاعدين للتأقلم مع الزيادات التي أقرت على الإنفاق العسكري، ويبقى أن يقرها البوندستاغ. وعن الجهة التي تقرر تمركز الصواريخ الأميركية في ألمانيا، أشار دوفيل إلى أن الحكومة تفاوضت مع الولايات المتحدة بشأن نشر الصواريخ، لكن بما أن الأمر لا يتضمن نشراً محدداً لجنود الجيش الألماني في الخارج، فإن الحكومة لا تحتاج إلى موافقة البوندستاغ، وهذا لا يحدث إلا عندما يكلف نشر أنظمة الصواريخ الأميركية أو تطوير الصواريخ الأوروبية أموالاً.

وأشار وزير المالية ليندنر إلى أن برلين قد تضطر إلى دفع تكاليف البنية التحتية إذا كانت الصواريخ ستتمركز في ألمانيا على المدى الطويل، مفيداً بأنه لا يمكن حالياً تحديد ما سيحدث للموازنة الفدرالية.

وكانت القناة الثانية في التلفزيون الألماني "زد دي اف" قد ذكرت أنه عند استيضاح وزارة الدفاع عن مكان تمركز الصواريخ، أشارت إلى أن القوات المسلحة الأميركية ستكون لديها التفاصيل الدقيقة. ولم يصدر أي رد حتى الآن من البنتاغون، والولايات المتحدة لديها قواعد عديدة في ألمانيا وأوروبا، والتقديرات أن يتم نقلها إلى فيسبادن الألمانية التي تعد المقر الرئيسي لقيادة المدفعية رقم 56، حيث كان لديها حتى عام 1991 صواريخ "بيرشينغ" بعيدة المدى. ويقال إن نشر الصواريخ سيكون على أساس التناوب، وهذا يعني أن الأسلحة الأميركية لن تبقى في ألمانيا إلى أجل غير مسمى.

 
صاروخ كينشال الروسي
 
 
وفي غمرة ذلك، أعرب حزب اليسار عن خشيته من دوامة إعادة التسلح، مشدداً على أن نشر الصواريخ الأميركية يزيد من خطر المواجهة بين الناتو وروسيا. أما حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي فحذر من جعل ألمانيا هدفاً لأي اعتداء عسكري.
 
من جهة ثانية، ثمة من اعتبر أنه ستكون هناك علامة استفهام حول الجدول الزمني في حال وصول المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وقد يتراجع كلياً عن النشر المخطط له، لا سيما أنه كان قد قلص وجود القوات الأميركية في ألمانيا وأوروبا خلال ولايته الأولى. 
 
 
أنواع الصواريخ الأميركية 
تناول الاتفاق الأميركي الألماني مبدئياً نشر 3 أنظمة صواريخ متعددة الأغراض، أهمها صواريخ "توماهوك" التي يزيد مداها عن 2000 كيلومتر، ما يسمح بالوصول إلى أهداف في العمق الروسي، وأنظمة مضادة للطائرات من طراز "أس أم 6" التي تستخدم غالباً للدفاع المضاد للطائرات، ناهيك بالأسلحة الأسرع من الصوت المطورة حديثاً والتي تهدف في المقام الأول إلى ضرب أهداف العدو على مسافات طويلة والتي تجمع بين السرعة العالية والقدرة على المناورة الكبيرة، ما يصعب على العدو اعتراضها. وهذه الإجراءات هي لضمان حماية أفضل وقوة ردع حقيقية لحلفاء الناتو في أوروبا، ويعرف خبراء الأمن هذه القوة بأنها التأثير الذي ينبغي أن تحدثه القدرات العسكرية لأي دولة على أي مهاجم محتمل. وفي المقام الثاني لسد "فجوة القدرات". وبعدما تم حل، قبل 5 سنوات وفي عهد ترامب، ما يسمى بـ"معاهدة الأسلحة والصواريخ النووية المتوسطة المدى" مع الولايات المتحدة وبدعم من شركاء الناتو لأن روسيا استثمرت سراً في تطوير صواريخ متوسطة المدى ذات قدرة نووية، قال وزير الدفاع الألماني إن "نشر الصواريخ الأميركية سوف يمنحنا الوقت الذي نحتاجه بالضبط للاستثمار والتطوير، كما لشراء مثل هذه الأسلحة للمواجهة وضمن استراتيجية الأمن القومي. هناك نقص في الصواريخ البعيدة المدة لدى الجيش الألماني وتتوافر فقط صواريخ كروزمن نوع تاوروس ويصل مداها إلى 500 كيلومتر، وبدأ التعاون لتطوير أسلحة مواجهة بعيدة المدى مع كل من فرنسا وبولندا، وانضمت أخيراً إيطاليا إلى المشروع والهدف تصنيع صاروخ جديد يبلغ مداه أكثر من 1000 كيلومتر.
 
 
 
 
 
 
 

اقرأ في النهار Premium