في أكبر عملية تبادل للسجناء منذ الحرب الباردة، التقى مسؤولون من الولايات المتحدة وروسيا وألمانيا ودول أخرى على مدرج مطار في أنقرة بتركيا يوم الخميس وتبادلوا ما لا يقل عن عشرين شخصا - متوجين بذلك شهورا من الديبلوماسية المضنية التي شملت مفاوضات على أعلى المستويات في عدة حكومات، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وكان من بين المفرج عنهم الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش من صحيفة "وول ستريت جورنال"، الذي اتهم بالتجسس دون أي دليل معروف، وبول ويلان، وهو جندي سابق في مشاة البحرية الأميركية سجن لأكثر من خمس سنوات بعد إدانته بالتجسس الذي وصفته الولايات المتحدة بأنه لا أساس له من الصحة، بالإضافة إلى العديد من المعارضين الروس الذين طالبوا بالحرية والديمقراطية أو انتقدوا الحرب في أوكرانيا، بما في ذلك فلاديمير كارا مورزا، وهو مساهم في صحيفة "واشنطن بوست" في قسم الآراء وحائز على جائزة "بوليتزر".
وقال مكتب الرئاسة التركية إن السجناء تم إطلاق سراحهم من سجون سبع دول هي الولايات المتحدة وألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنرويج وروسيا وبيلاروسيا، مضيفا أنه تم نقلهم إلى تركيا بواسطة سبع طائرات، اثنتان من الولايات المتحدة وواحدة من كل من ألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنرويج وروسيا.
"ضربة لحرية الصحافة"
بعد لحظات من وصول مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" إيفان غيرشكوفيتش إلى تركيا بعد أشهر من سجنه في روسيا، أشادت رئيسة تحرير الصحيفة، إيما تاكر يوم الخميس بغيرشكوفيتش ووصفته بـ"الملهم"، مضيفة أن "القضية الزائفة" ضده كانت "ضربة لحرية الصحافة" و"تحذيرا للصحافيين الأجانب الذين يغطون الكرملين".
وقالت تاكر إن غيرشكوفيتش تعامل مع الموقف بمزيج من "القوة" و"رباطة الجأش" و"الفكاهة"، مضيفةً أنه سيُمنح الوقت والمساحة للتعافي بعد أن عاش "كابوسا".
تابعت: "نتطلع إلى رؤيته في غرفة الأخبار عندما يكون جاهزا".
وكتب الناشر والرئيس التنفيذي لصحيفة "واشنطن بوست" ويليام لويس، والمحرر التنفيذي مات موراي ومحرر الآراء ديفيد شيبلي أنهم "مرتاحون وممتنون" لإطلاق سراح الرهائن - بما في ذلك فلاديمير كارا مورزا.
بول ويلان
تضمنت عملية تبادل السجناء التاريخية بين روسيا والولايات المتحدة بول ويلان، وهو جندي سابق في مشاة البحرية الأميركية سُجن لأكثر من خمس سنوات بعد إدانته بالتجسس الذي طالما أكد هو والحكومة الأمريكية أنه كان زائفا.
فلاديمير كارا مورزا
لطالما كان كارا مورزا، وهو متزوج وأب لثلاثة أطفال ويبلغ من العمر 42 عاما، محط أنظار الرأي العام في روسيا. كان صحافيا منذ أن كان مراهقا، ثم انتقل إلى تأليف الكتب وعالم السياسة الروسية، وعمل عن كثب مع المعارض بوريس نيمتسوف الذي اغتيل في موسكو عام 2015.
في نيسان (أبريل) 2022، تم اعتقاله بسبب معارضته الغزو الروسي لأوكرانيا.
إيفان غيرشكوفيتش
في 29 آذار (مارس) 2023، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في صفحتها الأولى تقريرا عن كيف كان الاقتصاد الروسي يترنح على حافة الكارثة مع دخول غزوها لأوكرانيا عامه الثاني. وألقى أحد أفراد القلة الحاكمة اقتباسا رائعا: "لن يكون هناك أموال في العام المقبل."
كان من المفترض أن يعني وضع المقال على الصفحة الأولى للمجلة يوما احتفاليا لأحد مؤلفي المقال، وهو مراسل صحافي مرح في موسكو يدعى إيفان غيرشكوفيتش. وبدلا من ذلك، كان ذلك بمثابة بداية كابوس.
فبينما كان قراء الصحيفة يتلقون عمله على الصفحة الأولى، هو كان محتجزا من قبل قوات الأمن الروسية أثناء عمله على قصة أخرى في يكاترينبورغ، وهي مدينة تبعد حوالي 1000 ميل شرق موسكو.
"الصحافيون ليسوا جواسيس"
احتفت المجموعات المهتمة بحقوق الصحافيين بالتقارير المبكرة عن إطلاق سراح الصحافيين.
وقالت مديرة الحملات في منظمة مراسلون بلا حدود ريبيكا فينسنت إن المنظمة "مرتاحة للغاية" للتقارير التي تفيد بالإفراج عن غيرشكوفيتش، مضيفةً أنه ما كان ينبغي أن يقضي يوماً واحداً في السجن. "الصحافيون ليسوا جواسيس، ويجب ألا يُستهدفوا أبداً لأغراض سياسية. ما زلنا نشعر بقلق عميق إزاء استمرار احتجاز أكثر من 40 صحافيا آخر في روسيا".