قادت زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو تظاهرة شارك فيها آلاف المناصرين في كراكاس السبت رفضا لإعلان إعادة انتخاب الرئيس نيكولاس مادورو الذي تجمّع مؤيدون له "احتفالا بالنصر".
وبعدما أشارت الخميس إلى أنها "مختبئة" وتخشى على حياتها، قالت ماتشادو السبت: "لم نكن يوما أقوى مما نحن عليه اليوم" و"لم يكن النظام يوما أضعف مما هو عليه".
وظهرت زعيمة المعارضة في منتصف النهار على شاحنة تحمل عبارة "فنزويلا فازت" واستقبلها آلاف المؤيدين وهم يهتفون "حرية".
بعد إعلان السلطات عدم أهليتها، لم تترشح ماتشادو للانتخابات التي أجريت في 28 تموز (يوليو)، وحل محلها إدموندو غونزاليس أوروتيا الذي اعترفت به الولايات المتحدة ودول أميركية لاتينية عدة رئيسا للبلاد.
ولم يشارك أوروتيا في تظاهرة السبت.
وقالت زعيمة المعارضة أمام مناصريها وسط حضور لعناصر أمن بزي مدني: "لن نخرج من الشارع".
وقال أدريان باتشيكو وهو تاجر يبلغ 26 عاما في تصريح لوكالة فرانس برس: "أشعر بالأمل لدى رؤيتها على الرغم من التهديدات".
في المقابل تجمّع آلاف من مناصري النظام في وسط المدينة حيث شاركوا في مسيرة نحو القصر الرئاسي بعنوان "السلام الوطني".
والمسيرة وفق مادورو وريث الزعيم الاشتراكي هوغو تشافيز والذي يرأس منذ 2013 بلدا غارقا في أزمة اقتصادية غير مسبوقة وخاضعاً لعقوبات أميركية هي "أم لكل مسيرات الاحتفال بالنصر".
وشدّد مادورو السبت على أنّ البلاد لن تقبل محاولة المعارضة "اغتصاب الرئاسة مرّة أخرى". وقال إنّه بوجود "القوانين الوطنيّة فإنّنا لن نقبل" محاولتهم "اغتصاب رئاسة الجمهوريّة مرّة أخرى"، في إشارة إلى اعتراف بعض الدول بغونزاليس أوروتيا "رئيسا منتخبا"، بعد خمس سنوات على اعتراف جزء من المجتمع الدولي بمرشّح المعارضة خوان غوايدو في عام 2019.
وأشار مادورو إلى أنّ "الدوريّات العسكريّة والشرطيّة لا تزال مستمرّة في كلّ أنحاء فنزويلا لحماية الشعب"، في وقت سُجّلت اضطرابات أعقبت الانتخابات، وسط تنديد المعارضة بالقمع مع حصول نحو ألف عمليّة اعتقال وتسجيل حالات "اختفاء".
12 قتيلا على الأقل
ولم يكن مفاجئا تأكيد الهيئة الانتخابية الجمعة إعادة انتخاب مادورو لولاية ثالثة حتى عام 2031، بنيله نسبة 52% من الأصوات متقدما على غونزاليس أوروتيا (43%)، من دون نشر النتائج التفصيلية.
ودعت حكومات إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وهولندا وألمانيا وبولندا والبرتغال السبت فنزويلا إلى "الإسراع في نشر الوثائق الانتخابية".
وشددت الدول في بيان مشترك على أن "حقوق جميع الفنزويليين، خصوصا القادة السياسيين، يجب احترامها"، ودانت "بشدة أي اعتقال أو تهديد ضدهم".
وفق إحصاء المعارضة، حصل غونزاليس على 67% من الأصوات.
وقُتل ما لا يقل عن 11 مدنيا وجندي واحد، واعتُقل أكثر من 1200 شخص خلال تظاهرات عمت أنحاء البلاد في اليومين التاليين للانتخابات.
وتحدثت المعارضة التي نددت بـ"القمع الوحشي"، عن مقتل 20 شخصا واختفاء 11 قسرا.
وندّدت المعارضة الجمعة بتخريب مقرها في كراكاس على يد مجموعة مسلحين وملثمين، وبـ"الاحتجاز التعسفي" لأحد قادتها وهو الصحافي رولاند كارينيو الذي أوقف في العاصمة.
"انقلاب"
من جانبه، هاجم مادورو مجددا بشدة "غونزاليس القاتل" و"ماريا اللعينة" التي كان قد هدد بسجنها.
وفي ما يتعلق بالتظاهرات التي أعقبت الانتخابات، دان الرئيس الاشتراكي "مخططا متعمدا" وضعه "فاشيون" و"مجرمون ومدمنو مخدرات" هاجموا "رموز التشافيزية البوليفارية".
وتحدّث الرئيس الفنزويلي مجددا عن "انقلاب" يتهم "الولايات المتحدة واليمين المتطرف الدولي" بمحاولة تنفيذه منذ إعادة انتخابه.
من جهته، أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن "قلقه" بشأن أمن ماتشادو وغونزاليس أوروتيا خلال محادثة معهما الجمعة، وفق ما أفادت وزارة الخارجية في بيان.
واعتبر بلينكن منذ الخميس أن المعارضة انتصرت استنادا إلى "أدلة قاطعة".
عقب هذا الإعلان، اعترفت خمس دول في أميركا اللاتينية بفوز غونزاليس أوروتيا الجمعة، وتحدثت أيضا عن "أدلة قاطعة" على فوزه.
وأصبحت البيرو الثلاثاء أول دولة تعترف بغونزاليس أوروتيا رئيسا منتخبا "شرعيا" للبلاد، ما دفع كراكاس الى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع ليما.
والسبت عاد السفير الأرجنتيني إلى بوينس آيرس بعد أن طردته فنزويلا بسبب طعن بلاده في إعادة انتخاب الرئيس.
وقال أندريس مانجياروتي لدى نزوله من الطائرة "خلال ليل الاثنين الثلاثاء، وصلت سيارات شرطة وعلى متنها ملثمون وكنا نخشى الأسوأ، خصوصا على طالبي اللجوء لأنهم يخشون على حياتهم"، في إشارة إلى ستة معارضين فنزويليين لجأوا إلى السفارة منذ آذار (مارس).
في المقابل، اعترفت نيكاراغوا، إحدى الدول الحليفة لكراكاس إضافة إلى روسيا وإيران خصوصا، بانتصار مادورو.
وشكر مادورو رؤساء البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا وكولومبيا غوستافو بيترو والمكسيك أندريس مانويل لوبيز أوبرادور الذين "يعملون معا من أجل أن تحظى فنزويلا بالاحترام".
وكانت هذه الدول الثلاث التي تربطها علاقات جيدة بفنزويلا، طلبت "تحقيقا محايدا في نتائج" الانتخابات.