أعلن حاكم منطقة كورسك الروسية، اليوم الاثنين، أن أوكرانيا تسيطر على 28 تجمعاً سكنياً في المنطقة الحدودية.
وأضاف أن القوات الأوكرانية تقدمت 12 لمسافة كيلومتراً داخل الأراضي الروسية في توغل بدأته في السادس من آب (أغسطس).
قبل ذلك، أعلنت روسيا توسيع نطاق إجلاء السكان في منطقة كورسك المحاذية لأوكرانيا والتي تشهد منذ السادس من آب (أغسطس) توغلاً أوكرانياً واسعاً سبق أن أدى الى إجلاء عشرات آلاف الاشخاص.
وكتب الحاكم الإقليمي بالوكالة اليكسي سميرنوف على تلغرام أن "المركز الاقليمي للعمليات قرر إجلاء سكان" إقليم بيلوفسكي. وفي الأول من كانون الثاني (يناير) 2022، كان يقيم في الإقليم نحو 15 الف شخص وفق أرقام رسمية.
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الدفاعات الجوية الروسية دمّرت 11 طائرة مسيرة أطلقتها أوكرانيا خلال الليل مستهدفة منطقة كورسك الحدودية.
وأضافت الوزارة عبر تطبيق "تلغرام" أن وحدات الدفاع الجوي دمّرت أيضاً خمس طائرات مسيّرة أطلقتها أوكرانيا فوق منطقة بيلغورود الواقعة على الحدود مع أوكرانيا، واثنتين فوق منطقة فورونيج التي تبعد مئات الكيلومترات إلى الجنوب من موسكو.
ولم تذكر الوزارة العدد الإجمالي للطائرات المسيّرة التي أطلقتها أوكرانيا.
في بيلغورود...
في آخر المعطيات، ذكر حاكم منطقة بيلغورود جنوب غرب روسيا فياتشيسلاف غلادكوف في مقطع فيديو عبر "تلغرام": "الوضع مثير للقلق لدينا: هناك نشاطات معادية على حدود منطقة كراسنوياروجسكي. للحفاظ على سلامة سكّاننا وصحّتهم، بدأنا نقلهم إلى أماكن أكثر أماناً".
وتقع بيلغورود على الحدود مع أوكرانيا.
تقدّم أوكراني
أقرّت روسيا الأحد بأنّ القوات الأوكرانيّة توغّلت في عمق منطقة كورسك الحدوديّة، في هجوم اعتبر مسؤول أوكراني رفيع أنّ هدفه "زعزعة استقرار" روسيا و"تشتيت" قواتها المسلّحة.
بعد أشهر من التراجع على الجبهة الشرقيّة، أطلقت أوكرانيا عمليّة واسعة النطاق غير مسبوقة الثلاثاء في منطقة كورسك الحدوديّة الروسيّة، سمحت لقوّاتها بالتوغّل، بحسب محلّلين، حتّى عمق خمسة عشر كلم على الأقلّ والسيطرة على مواقع عدّة.
وقال المسؤول الأمني الأوكراني الرفيع الذي فضّل عدم كشف هويته "نحن في حالة هجوم. والهدف هو تشتيت مواقع العدوّ وإلحاق أكبر قدر من الخسائر وزعزعة الوضع في روسيا - لأنهم غير قادرين على حماية حدودهم - ونقل الحرب إلى الأراضي الروسيّة".
من جهّتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنّها "أحبطت محاولات" للجنود الأوكرانيّين باستخدام مدرّعات لتحقيق "اختراق في عمق الأراضي الروسيّة".
لكنّها أشارت إلى أنّ بعض هذه القوّات متمركز قرب قريتي تولبينو وأوبشي كولوديز، على بُعد 25 و30 كيلومترا من الحدود الروسيّة الأوكرانيّة.
أعلن الجيش الروسي الأربعاء أنّ أوكرانيا أرسلت ألف جندي للمشاركة في التوغّل الذي فاجأ الكرملين.
وعلّق المسؤول الأوكراني بالقول "هناك أكثر من ذلك"، مقدّراً عددهم بـ"الآلاف".
وبعد أيّام من امتناع السلطات الأوكرانيّة نوعاً ما عن التعليق، تطرّق الرئيس فولوديمير زيلينسكي للمرّة الأولى إلى هذه العمليّة في خطابه اليومي مساء السبت بالقول إنّ كييف تسعى إلى "نقل الحرب" إلى روسيا.
شنّت روسيا هجوماً على أوكرانيا في شباط (فبراير) 2022 واحتلّت مساحات شاسعة في شرق البلاد وجنوبها واستهدفت المدن الأوكرانيّة بقصف مدفعي وجوي بشكل يومي.
وبعدما استعادت السيطرة على مساحات واسعة في 2022، ضعف الزخم الأوكراني إلى حدّ كبير وعانت كييف نقصا في عديد قوّاتها والإمدادات العسكريّة.
العملية الأكبر...
واعتُبر الهجوم على كورسك العمليّة الأكبر العابرة للحدود والأنجح التي تنفّذها كييف حتّى الآن، وأكبر هجوم لجيش أجنبي على الأراضي الروسيّة منذ الحرب العالمية الثانية.
وأعلنت روسيا السبت إجلاء أكثر من 76 ألف شخص يقيمون في منطقة التوغل، فيما غادر المزيد الأحد.
وشغّلت شركة سكك الحديد الروسية قطارات طوارئ من كورسك إلى موسكو على بعد حوالى 450 كيلومترا، للأشخاص الذين يريدون الفرار.
وتقول مارينا التي رفضت كشف كنيتها والتي استقلّت قطاراً إلى العاصمة الروسية الأحد "إنه أمر مخيف أن تحلّق مروحيات فوق رأسكم طوال الوقت. عندما كان من الممكن أن أغادر، غادرت".
وأفاد مسؤولون روس بأن ضربة صاروخية أوكرانية على مبنى سكني في مدينة كورسك، على بعد نحو 80 كيلومتراً من موقع القتال، أسفرت عن إصابة 15 شخصاً بجروح.
وأقرّ حاكم المنطقة أليكسي سميرنوف الأحد بأن الوضع "صعب"، موضحاً أنّه أجرى محادثات مع مسؤولين في وزارة الدفاع.
من جانبه، أعلن زعيم جمهورية الشيشان رمضان قديروف أن وحدة في الجيش تضم مقاتلين من الشيشان انتشرت في منطقة كورسك، علماً بأن الجنود الشيشان يعدّون من الأكثر صلابة وخبرة في البلاد.
وعبر الحدود في منطقة سومي الأوكرانية التي أطلقت كييف التوغل منها، شاهد مراسلو "فرانس برس" الأحد عشرات المدرّعات تحمل المثلث الأبيض الذي يبدو أنه العلامة التي تحدّد المعدات العسكرية الأوكرانية المستخدمة في العملية.
"فليذوقوا طعم" الحرب
وتعرّضت منطقة سومي لقصف انتقامي أيضاً. وتخطّط السلطات فيها لإجلاء ما لا يقل عن 20 ألف مدني من المنطقة الحدودية الواقعة مقابل منطقة كورسك.
وفي مركز إجلاء في عاصمة منطقة سومي، قال عامل المعادن المتقاعد ميكولا (70 عاماً) الذي فرّ من قريته خوتين على بعد 26 كيلومتراً من الحدود الروسية إن الهجوم الأوكراني أعطاه دفعة معنوية.
وأضاف متحدّثاً لـ"فرانس برس": "دعونا ندعهم يشعرون بما هي عليه الأمور. إنهم لا يفهمون ماهية الحرب. فليذوقوا طعمها".
ورجّح محلّلون أن تكون كييف أطلقت الهجوم في مسعى لتخفيف الضغط عن قواتها في أجزاء أخرى من خط الجبهة.
لكن المسؤول الأوكراني أوضح أن التأثير كان محدوداً حتى الآن على القتال في شرق أوكرانيا.
وقال "مبدئياً، لم يتغيّر الوضع. ضغطهم في الشرق يتواصل، إنهم لا يسحبون قواتهم من هذه المنطقة" رغم أن "وتيرة الهجمات الروسية في الشرق تراجعت بعض الشيء".
وأعلنت روسيا حال الطوارئ في منطقة كورسك و"عملية لمكافحة الإرهاب" في المنطقة وفي منطقتين حدوديتين أخريين.
وأشار المسؤول الأوكراني إلى أنه عاجلا أم آجلا، "ستصد" روسيا القوات الأوكرانية في منطقة كورسك، مؤكدا أن أوكرانيا تستعد لهجوم انتقامي روسي عبر هجمات صاروخية واسعة النطاق بما في ذلك "على مركز صنع القرار" في أوكرانيا.