النهار

روسيا وأوكرانيا تواصلان تبادل تسجيل الأهداف... بلا أفق
باسل العريضي
المصدر: النهار العربي
أبدت كييف خوفها من تحركات على الحدود الشمالية مع بيلاروسيا، محذرة جارتها الحليفة لموسكو من "ارتكاب أخطاء مأساوية". وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية إنّ بيلاروسيا نشرت عدداً كبيراً من القوات والعتاد على الحدود مع أوكرانيا بحجة إجراء تدريبات عسكرية، وإنّ قوات العمليات الخاصة كانت من بين القوات التي انتشرت على الحدود.
روسيا وأوكرانيا تواصلان تبادل تسجيل الأهداف... بلا أفق
المحطة النووية في كورسك (أ ف ب)
A+   A-

ثلاثة أسابيع مضت على العملية النوعية التي ينفذها الجيش الأوكراني داخل الأراضي الروسية في منطقة كورسك الحدودية، حيث بات يسيطر على نحو 1300 كيلومتر مربع وأكثر من 100 بلدة بحسب قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي.

 

وبينما العالم يتابع أخبار الجبهتين داخل روسيا وفي شرق أوكرانيا حيث يحقق الجيش الروسي تقدماً ملموساً، أعلن فياتشيسلاف غلادكوف، حاكم منطقة بيلغورود الروسية المتاخمة لأوكرانيا والتي تقع جنوب شرق كورسك، أنه تلقى معلومات عن محاولة توغل من قبل القوات المسلحة الأوكرانية، وقال على حسابه على تلغرام إن "هناك معلومات تشير الى أن العدو يحاول عبور حدود منطقة بيلغورود. وبحسب وزارة الدفاع الروسية، فإن الوضع على الحدود لا يزال صعباً، لكنه تحت السيطرة".

 

كذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن سيطرة قواتها على بلدة أورلوفكا، مستخدمة اللفظ الروسي لقرية أورليفكا، وهي تقع قرب مدينة بوكروفسك التي تعد مركزاً لوجستياً مهمّاً.

 

وبحسب المعلومات المتداولة، فإن القوات الأوكرانية تحاول الدخول إلى المنطقة من أكثر من محور، ليأتي هذا التطور الميداني مفاجئاً خصوصاً بعد التحذيرات من أن "المغامرة" الأوكرانية في كورسك قد تكلفها خسارة المزيد من المناطق في شرق البلاد. كما أن الجيش الروسيّ عزز مواقعه على طول الحدود مع أوكرانيا بعد هجوم كورسك.

 

وفي هذا السياق، أعلنت قناة "ماش" أن القوات الأوكرانية هاجمت نقطة تفتيش حدودية في منطقة نخوتييفكا لكن موسكو طردتها منها بعد أن كبدتها خسائر، وأضافت القناة على تلغرام أن نحو 500 جندي أوكراني شنوا هجوماً على نقطتي تفتيش روسيتين في نخوتييفكا وشيبكينو في منطقة بيلغورود.

 

 

قبل ذلك وتحديداً صباح يومي الإثنين والثلاثاء، شنّت روسيا هجمات واسعة النطاق بصواريخ وطائرات مسيّرة على أكثر من نصف مناطق أوكرانيا. وأكد رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال أن 15 منطقة تعرضت لهجوم واسع، وأن "العدو استخدم أنواعاً مختلفة من الأسلحة ما بين طائرات مسيّرة وصواريخ كروز وأنظمة كينجال فرط صوتية". وقالت وزارة الدفاع الروسية إن هجمات الاثنين أصابت "جميع الأهداف المحددة" في البنية التحتية الحيوية للطاقة في أوكرانيا.

 

وصاروخ "كينجال" أو "الخنجر القناص" هو نظام صاروخي جوي روسي قتالي، تفوق سرعته سرعة الصوت بعشرة أضعاف ويصل مداه إلى ألفي كيلومتر، ويمكنه القيام بمناورات خلال تحليقه، كما يمكن تحميله رؤوسا حربية تقليدية أو نووية. وقد استخدم سابقاً لضرب منصات الدفاع الجوي "باتريوت" التي سلمتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا.

 

وبحسب تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فإنّ الهجمات الروسية التي استخدمت مئات الصواريخ هي "بمثابة رد على إدانة الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الإثنين"  للهجوم الذي شنته روسيا على شبكة الطاقة الأوكرانية، واعتباره "شائناً".

 

وقبل هذا وذاك، أبدت كييف خوفها من تحركات على الحدود الشمالية مع بيلاروسيا، محذرة جارتها الحليفة لموسكو من "ارتكاب أخطاء مأساوية". وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية إنّ بيلاروسيا نشرت عدداً كبيراً من القوات والعتاد على الحدود مع أوكرانيا بحجة إجراء تدريبات عسكرية، وإنّ قوات العمليات الخاصة كانت من بين القوات التي انتشرت على الحدود.

 

مخاوف نووية

خريطة الحرب في أوكرانيا تشي بأن لا حلول في الأفق، وأن مساعي السلام التي يقوم بها أكثر من طرف دولي لم تستطع سبر أغوار هذا النزاع المرشح لأن يتطور باتجاه كارثة إنسانية عالمية.

 

تكشف طبيعة الهجوم الأوكراني في إقليمي كورسك وبيلغورود أن من أحد أهدافه الوصول إلى محطة كورسك للطاقة النووية، وبالفعل وصلت القوات الأوكرانية على بعد 40 كيلومتراً منها. وإلى هذه المحطة وصل أمس المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة رافائيل غروسي، وزيارته هذه تأتي بعد اتهامات وجهتها موسكو إلى كييف بأنها تتعمد قصف المحطة النووية بشكل متكرر.

 

وشدّد غروسي على ضرورة عدم تعريض سلامة وأمن المنشآت النووية للخطر "تحت أي ظرف من الظروف"، مؤكداً أن اهتمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يتركز "على سلامة وأمن جميع محطات الطاقة النووية".

 

ووسط مخاوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ذكّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعقيدة بلاده النووية، إذ قال إن "لدى روسيا عقيدتها النووية الخاصة ويجري تعديلها... واللعب بالنار خطر جداً بالنسبة لمن لديهم أسلحة نووية في الغرب". وندّد رأس الدبلوماسية الروسية بطلب كييف السماح لها باستخدام الأسلحة الغربية لضرب العمق الروسي، واصفاً ذلك بـ"الابتزاز".

 

أما نائبه سيرغي ريابكوف، فكان يوجّه الاتهامات باتجاه واشنطن، مشيراً إلى أن تورط الولايات المتحدة في توغل أوكرانيا داخل منطقة كورسك في غرب روسيا "حقيقة".

 

السلام المفقود

من الواضح أن التطورات الميدانية بدل أن تفتح ثغرة باتجاه المفاوضات السلمية، فإنها تجعل الواقع أكثر تأزماً، فقد سبق للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن أعلن مع دخول قواته إقليم كورسك، أنه يريد من موسكو أن تفاوض بحسب شروط كييف.

 

شروط التفاوض، حاول استكشافها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في زيارة وصفت بالتاريخية للعاصمة الأوكرانية. على الأثر كشف زيلنسكي عن مفاوضات جارية مع السعودية وقطر وتركيا وسويسرا بشأن القمة الثانية للسلام، معرباً عن دعمه لاستضافة الهند لها.

 

النتائج التي خرج بها مودي من كييف، شاركها مع الكرملين والبيت الأبيض، بحكم أن بلاده تتمتع بعلاقات متينة مع كلا الطرفين.

 

ومن يراقب مسار التطور الميداني الأوكراني مقابل فشل مساعي السلام حتى اليوم، على الرغم من نجاح عمليات تبادل أسرى الحرب بين المتحاربين، يدرك أن سيد الكرملين فلاديمير بوتين لن يقبل بالتفاوض إلّا حسب شروطه، وربما من هنا جاء تعليق لافروف بأن "معادلة السلام مسدودة بسبب سياسات زيلينسكي".

 

ولعلّ ما يعزز ذلك، إعلان زيلنسكي عن نجاح بلاده باختبار أول صاروخ باليستي محلي الصنع، ليكون البديل عن الأسلحة الغربية لاستهداف الأراضي الروسية، بعد أن استخدمت مسيّرات محلية لضرب القوات المهاجمة.

اقرأ في النهار Premium