أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الإثنين أن القوّات الروسية تتقدّم في شرق أوكرانيا بوتيرة أسرع مما كانت تفعل قبل فترة طويلة وتسيطر على كيلومترات مربّعة عدّة يومياً في الوقت الذي تحاول فيه اختراق خط دفاعي أوكراني رئيسي.
وتتقدّم القوّات الروسية، التي تسيطر على 18 بالمئة من مساحة أوكرانيا، في الشرق منذ فشل هجوم كييف المضاد عام 2023 في تحقيق اختراق كبير.
ورغم توغّل أوكرانيا بقوّة داخل منطقة كورسك الروسية في السادس من آب (أغسطس)، تمكّن الجيش الروسي، الأكبر من حيث العدد، خلال الأسابيع القليلة الماضية من التقدّم بسرعة نسبياً عبر التجمّعات السكنية في شرق أوكرانيا على الطريق المؤدي إلى مدينة بوكروفسك ذات الأهمية الاستراتيجية.
وقال بوتين لتلاميذ مدرسة ثانوية في كيزيل بمنطقة توفا على بعد حوالي 4500 كيلومتر شرقي موسكو "لم يكن الهجوم في (منطقة) دونباس بمثّل هذه الوتيرة قبل فترة طويلة".
وأضاف "لا نتحدّث الآن عن التقدّم 200 أو 300 متر للأمام... القوّات المسلّحة الروسية لا تخضع لسيطرتها مسافة 200 أو 300 متر وإنما مسافات تقارس بالكيلومترات المربعة".
وعن توغّل كورسك، أعلن بوتين أنّه "سيتولى أمر" الجنود الأوكرانيين المنخرطين فيه. وقال "علينا تولّي أمر قطّاع الطرق هؤلاء الذين تسللوا إلى الأراضي الروسية في منطقة كورسك ويحاولون زعزعة استقرار الوضع في المناطق الحدودية بالمجمل".
وأضاف أن أوكرانيا تسعى إلى "وقف عملياتنا الهجومية في أجزاء رئيسية من منطقة دونباس. النتيجة معروفة... لم ينجحوا بوقف تقدّمنا في دونباس".
وتابع "النتيجة واضحة. نعم، يعاني الناس من صعوبات خصوصاً في منطقة كورسك. لكن الهدف الرئيسي الذي كان لدى العدو هو إيقاف هجومنا في دونباس، ولم يحقّقه".
وأردف:"أنا متأكد من أن هذا الاستفزاز سيفشل"، في إشارة إلى العملية الأوكرانية في كورسك.
أكبر تقدّم منذ تشرين الأول 2022
وفي السياق، حققت القوات الروسية في آب (أغسطس) أكبر تقدّم شهري لها منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2022 في أوكرانيا بسيطرتها على 477 كيلومترا مربعا، وفق بيانات نشرها معهد دراسة الحرب وحللتها وكالة فرانس برس.
من جهته، حقّق الجيش الأوكراني تقدما سريعا في مطلع آب (أغسطس) في روسيا، في منطقة كورسك، على مساحة تزيد عن 1100 كيلومتر مربع في أسبوعين وعلى بعد أقل من 35 كيلومترا من العاصمة الإقليمية، إلا أن هذه الجبهة بدأت تشهد جمودا تدريجيا مع تقدم يتراوح ما بين 1150 و1300 كيلومتر مربع خلال الخمسة عشر يوما الماضية.
و في آب، احرزت القوات الروسية تقدما في أوكرانيا يزيد معدله عن 15 كيلومترا مربعا في اليوم، معظمه في منطقة دونيتسك.
وتم تحقيق معظم هذه المكاسب باتجاه المحور اللوجيستي المهم لكييف في مدينة بوكروفسك والتي بات الجيش الروسي على بعد أقل من 7 كيلومترات منها مساء الأحد.
وتعود المرة الأخيرة التي استولت فيها موسكو على هذا القدر من الأراضي في شهر واحد، إلى تشرين الأول 2022، حين ردت على الهجوم الأوكراني المضاد حول خاركيف (شمال شرق)، عندما كان خط المواجهة أكثر تقلبا من الآن.
منذ بداية 2024، استأنفت موسكو تقدمها في الأراضي الأوكرانية، مع سيطرتها على 1730 كيلومترا مربعا اضافيا، ما يعادل أكثر بثلاثة أضعاف مكاسبها في عام 2023، والتي استعادتها أوكرانيا منذ ذلك الحين بفضل هجومها المضاد.
لكن في الأشهر الأخيرة، تحاول القوات الأوكرانية جاهدة صد الهجوم على أراضيها. في عام 2024، تمكنت خلال 8 أيام من استعادة أراض أكثر من تلك التي سيطر عليها الروس، مع تقدم طفيف للغاية يبلغ بضعة كيلومترات مربعة.
وبحلول الأول من أيلول، باتت روسيا تحتل 66,266 كيلومترا مربعا من الأراضي الأوكرانية.
وبإضافة شبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014، والمناطق الشرقية الخاضعة بالفعل لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا قبل الغزو، فإن التقدم الذي أكدته موسكو أو طالبت به يمثل 18% من أراضي أوكرانيا في عام 2013.
معارك عنيفة
وذكر مدوّنون عسكريون موالون لروسيا اليوم الإثنين أن القوات الروسية تقاتل الآن في بلدتي سيليدوف وأوكرينسك بشرق أوكرانيا.
ولم تدل أوكرانيا بتعليق حتى الآن على ما يقال عن تقدّم روسيا.
ولفت يوري بودولياكا، وهو مدوّن عسكري مؤثر من أصل أوكراني ومناصر لروسيا، إلى أن معارك ضارية تدور في سيليدوف على بعد حوالي 20 كيلومتراً جنوبي بوكروفسك، وعلى بعد حوالي 14 كيلومتراً جنوبي سيليدوف في أوكراينسك.
وأضاف أن كلا الجانبين يدفعان بقوّاتهما إلى معارك للسيطرة على البلدتين اللتين يزيد عدد سكانهما عن 20 ألفاً و10 آلاف على الترتيب قبل بدء الحرب الشاملة في شباط (فبراير) 2022.
وقال مدوّن موالٍ لروسيا يدعى ريبار إن القتال دائر في كلتا المدينتين.
وأفادت وكالة "تاس" الروسية الرسمية للأنباء بأنّه تم طرد القوات الأوكرانية من جزء من سيليدوف.
وأشار مدوّنون روس إلى أن القوّات الروسية تسعى، من خلال التقدّم جنوباً باتجاه بلدة كوراخيفكا، إلى اختراق خطوط الدفاع الأوكرانية وزيادة سيطرتها على طريق بوكروفسك-دونيتسك وتطويق مناطق من البلدة.
وتحاول روسيا طرد القوات الأوكرانية من منطقة كورسك الجنوبية التي توغّلت داخلها لأسباب منها الضغط على الجنرالات الروس لنقل قوات من مناطق أخرى من الجبهة الشرقية في أوكرانيا.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع قولها اليوم الإثنين إن القوّات الروسية سيطرت على قرية سكوتشني في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا.