النهار

"أسطول الظلّ" حيلة روسيا لنقل نفطها مباشرة إلى أوروبا
برلين - شادي عاكوم
المصدر: النهار العربي
تفيد التقارير بأن روسيا استثمرت الكثير من الاموال في ما يسمى "اسطول الظل" واشترت السفن القديمة للمساعدة في التحايل على العقوبات الغربية.
"أسطول الظلّ" حيلة روسيا لنقل نفطها مباشرة إلى أوروبا
AFP__20240816__36EE683__v2__Preview__TopshotRussiaUkraineWarConflict_165024.jpg
A+   A-
تستقبل الموانئ الأوروبية، رغم العقوبات الغربية على موسكو، النفط الروسي مباشرة عبر "أسطول الظل" التابع لنظام الكرملين وبمساعدة من شركات تعتبر "غريبة"، وبمشاركة ناقلات من دول مثل إيطاليا واليونان وغيرهما. فما هو هذا الأسطول وما هي الاستراتيجية المتبعة ومدى فعاليتها؟
 
أسطول الظل
تفيد التقارير بأن روسيا استثمرت الكثير من الأموال في ما يسمى "أسطول الظل" واشترت السفن القديمة للمساعدة في التحايل على العقوبات الغربية. وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة "فرانكفوتر روندشو" عن الخبير في الشؤون الروسية كريغ كينيدي أنه كان من الحكمة اقتصادياً اعتماد موسكو على هذه السفن لإمداد أوروبا بالنفط ودعم الاقتصاد الروسي بالأموال. كذلك، فإن أسطول الظل يعتبر أيضاً وسيلة تستخدمها روسيا على وجه التحديد في ما يتعلق بكبح أسعار النفط وابتعاد الدول عن الغاز الروسي. ومن المعروف أن دول مجموعة السبع حددت سقفاً لسعر النفط الروسي، وتحصل كل شركة غربية تعمل في نقل النفط الروسي على شهادة تفيد بأن تكلفة الشحنة هي في حد أقصى 60 دولاراً للبرميل، وروسيا تستفيد أيضاً من التجارة مع الدول التي لا تدعم العقوبات الغربية، بما في ذلك الصين وكوريا الشمالية والهند. 
 
وتظهر الأرقام أنه خلال حزيران (يونيو) الماضي نقل "أسطول الظل"  3272 مليون برميل نفط يومياً، وهذا ما لم يعد باستطاعة الأسطول التقليدي قادراً على القيام به، وقال الباحث في الشؤون الاقتصادية يان مولر لـ"النهارالعربي" إنه رغم العقوبات بقيت صادرات النفط أحد أهم مصادر الدخل لروسيا، ومن دونها سيكون تمويل الحرب ضد أوكرانيا أكثر صعوبة، مبيناً أن ربع موازنة موسكو لعام 2023 كان من مبيعات النفط، ومضيفاً أنه وفق الأرقام، فإن روسيا أنفقت على بناء "أسطول الظل" ما يقارب 8 مليارات دولار. وذكّر بأنه في نهاية شهر حزيران قرر الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على ناقلات نفط فردية للمرة الأولى ضمن حزمة العقوبات الرابعة عشرة ضد روسيا.
 
تسعى الخارجية الألمانية إلى إضافة المزيد من مالكي السفن إلى قائمة العقوبات، إذ تنسق الوثيق مع شركاء مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي لضمها، لا سيما أن لدى برلين معلومات عن الانتهاكات المحتملة لقيود الاستيراد في ما يتعلق بالنفط الخام الروسي.
 
ممرات كاتدرين  
ذكرت تقارير استقصائية أنه بحكم أن روسيا لم تعد قادرة على استخدام سفنها الخاصة بسهولة، يتم استخدام ناقلات مشكوك فيها من بلدان غريبة، وغالباً ما يظل أصحابها مخفيين. وأظهر أخيراً تقرير لـ"ماينز ماغازين"، أن أكثر من اثنتي عشرة سفينة تسلّم النفط الخام الروسي مباشرة إلى الموانئ الأوروبية على رغم الحظر المفروض على روسيا، إذ تبحر العديد من السفن المشتبه بها عبر موانئ بحر البلطيق الروسية وتتجه مباشرة إلى موانئ داخل الاتحاد الأوروبي لضخ نفطها هناك، بينها عمليات نقل لسفن من شركات شحن يونانية، أي بطريقة غير قانونية وبالتحايل على عقوبات الاتحاد الأوروبي. وتسلك ممرات مائية خطيرة تسمى "كاتدرين"، وهو طريق شحن ضيق ومزدحم وعميق، وبالتالي فهو خطر للغاية ويمتد على بعد بضعة كيلومترات من الساحل الألماني، من شبه جزيرة دارس في الشرق إلى فيهرمان في الغرب. 
 
من ناحية أخرى، ذكر تقرير ماينز أنه وفقاً للوائح الشحن الدولية، تتبادل السفن بياناتها البحرية عبر نظام التعرف الآلي (إيه آي أس)، وأنه تم التمكن من تصوير الناقلة "كاليدا" في ميناء أوغستا النفطي في إيطاليا عبر الأقمار الاصطناعية، والتي غادرت الموانئ الروسية يوم 23 آب (أغسطس) 2024 ورست في الميناء الإيطالي يوم 11 أيلول (سبتمبر) 2024، فضلاً عن عمليات نقل أخرى بينها إلى موانئ في كرواتيا أو فرنسا وإسبانيا، حتى أن هناك تعليقات أشارت إلى أن بعض السفن تعمد أيضاً إلى ضخ حمولتها من سفينة إلى أخرى في بحر البلطيق. 
 
وبينت معلومات عن المفوضية الأوروبية في بروكسل أن المسؤولية تقع على عاتق الدول الأعضاء، لافتة إلى أن العديد من هيئات الجمارك الأوروبية، وبينها الإيطالية واليونانية، طلبت استفسارات من شركات الشحن التي شاركت في عمليات نقل للنفط الخام الروسي، إلا أنها بقيت بلا إجابات.
 
أخطار على الأفراد والبيئة 
وعن مدى تأثير ذلك وعواقبه، يفترض خبراء أن سفن الشحن أو "أسطول الظل"، وبعضها يحمل أعلاماً أجنبية، تعمل خارج الأنظمة الدولية وفي كثير من الأحيان دون تأمين مناسب. وفي هذا الصدد، نقلت "شبيغل أونلاين" عن جوستوس هاينريش رئيس التأمين البحري في شركة "اليانز كومرسيال" في ألمانيا وسويسرا وقوع عشرات الحوادث، بما في ذلك الحرائق وتعطل المحركات والاصطدامات وفقدان السيطرة وتسرب النفط، وأن تكاليف الأضرار والآثار الناتجة منها ستتحملها في أسوأ الأحوال الدول المجاورة. وتستطيع السفن التي يبلغ طولها 250 متراً نقل أكثر من 150 مليون ليتر من النفط الخام.
 
وفي رد مبدئي، قال وزير البيئة في ولاية شليسفيغ هولشتاين الألمانية توبياس غولدشميت في حديث صحافي، إنه يشعر بالقلق بخصوص الناقلات العديدة في بحر البلطيق، مشدداً على أنه ليس بإمكانه فعل الكثير، والمهمة الكبرى تقع على الدول المحيطة، ودور الوزارة والسلطات المعنية في الولاية يقتصر على مكافحة الانسكابات واتخاذ الاحتياطات اللازمة. 
 
وفي خضم ذلك، أبرز تحليل للبيانات أجرته منظمة "السلام الأخضر"،  أن ما يقرب من 1000 ناقلة نفط مرت العام الماضي عبر بحر البلطيق، ووفقاً لمعطيات المنظمة المذكورة والتي استعانت ببيانات من قائمة "لويدز" البريطانية والمتخصصة في تقييم حركة الشحن الدولي ومراقبتها وتحليلها تم تسجيل 539 ناقلة في الأشهر السبعة الأولى من عام 2024 مقارنة بحوالي 290 سفينة في الفترة نفسها من عام 2021. ومنذ شهر تموز (يوليو) الماضي تم استخدام حوالي 15 ناقلة كانت تتجه مباشرة إلى الموانئ الأوروبية من موانئ بحر البلطيق الروسية في بريمورسك وأوست لوغا ونوفوروسيسك النفطي في البحر الأسود. 

اقرأ في النهار Premium