أعلنت حركة "حماس" مساء اليوم الاثنين، أنها أبلغت قطر ومصر بموافقتها على مقترحهم لوقف إطلاق النار في قطاع غزة"، في حين أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوقت لاحق أنه "على الرغم من أن مقترح حماس بعيد كل البعد عن الوفاء بمطالب إسرائيل، فإنها سترسل وفدا للتفاوض"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "حكومة الحرب قررت مواصلة عملية رفح لحمل حماس على إطلاق سراح الرهائن".
وجاء في بيان للحركة أن "رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية أجرى اتصالاً هاتفيا مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومع وزير المخابرات المصرية السيد عباس كامل، وأبلغهم موافقة حركة حماس على مقترحهم بشأن اتفاق وقف إطلاق النار".
وجاء إعلان "حماس" بعد ساعات من إصدار إسرائيل أمراً بإخلاء أجزاء من مدينة رفح الواقعة على الطرف الجنوبي لقطاع غزة، وهي الملاذ الأخير لنحو نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، في حين وبذل دول الوساطة (قطر ومصر والولايات المتحدة) جهوداً منذ أسابيع لإنضاج اتّفاق تهدئة يشمل الإفراج عن الأسرى المحتجزين في قطاع غزة لقاء إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
ونقلت "رويرتز" عن القيادي في "حماس" طاهر النونو تأكيده أن "المقترح الذي وافقت عليه الحركة يتضمن وقفا لإطلاق النار وإعادة إعمار غزة وعودة النازحين واتفاقا لتبادل الأسرى"، في حين قال مسؤول في الحركة لـ"فرانس برس": "بعد موافقة حماس على اقتراح الوسطاء لوقف النار، الكرة الان في ملعب الاحتلال الاسرائيلي ما اذا كان الاحتلال سيوافق على اتفاق وقف النار ام انه سيعطله".
أما القيادي البارز في "حماس" خليل الحية فقال لقناة "الجزيرة" القطرية، إنه "في المرحلة الأولى ستتم المفاوضات غير المباشرة بالوساطة المصرية والقطرية على مفاتيح التبادل... قدمنا التنازل لنفتح الباب لوقف الحرب المجنونة ولتكون هناك عملية تبادل حقيقية للأسرى".
وأضاف: "الاحتلال سينسحب إلى مناطق محاذية للحدود داخل قطاع غزة في المرحلة الأولى من المقترح... ولا قيود على عودة النازحين، وهذا نص واضح في مقترح الاتفاق".
"خدعة من حماس" و"حالة جنون"
لكن مسؤلاً إسرائيلياً وفق ما نقلت عنه "رويترز"، يؤكد أن "حماس وافقت على مقترح مصري (مخفف) لا تقبله إسرائيل"، مشيراً إلى أن "المقترح يشمل تنازلات كبيرة لا يمكن لإسرائيل القبول بها".
وأضاف: أن "إعلان حماس خدعة على ما يبدو لتصوير إسرائيل الطرف الرافض لاتفاق".
من جهتها، نقلت هيئة البث العبرية عن مصادرأن "حماس وافقت على ورقة مصرية أحادية الجانب وننتظر وصول ردها لدراسته"، مشيرة إلى أن "الورقة المصرية المعدلة التي وافقت عليها حماس تختلف عن التي صدقت عليها إسرائيل".
كما نقلت القناة 13 العبرية عن محللين سياسيين وعسكريين قولهم إن "مصر اقترحت من تلقاء نفسها بعيداً عن إسرائيل الصيغة التي وافقت عليها حماس، ولم تتسلم إسرائيل رداً رسمياً، وقد تكون المرحلة الأولى من العملية في رفح هي التي ستدفع حماس للتنازل".
وأضافوا أن "حماس تتصرف بذكاء سياسي وتفهم المعادلة الدولية والإسرائيلية الداخلية جيداً، ويعرفون متى يقولون لا ونعم (قد تكون هذه الخطوة مناورة)... حماس لن تحصل على فيتو اختيار أسماء الأسرى في الصفقة وإسرائيل لن تقبل بذلك".
واعتبروا أن "الضغط العسكري سيقود حماس للتنازل، والعملية العسكرية المتدرجة في رفح تسير بشكل مواز مع المفاوضات وما يحدث في رفح هي رسالة أن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي تنتظر رد السنوار، وأن التدرج في العملية يتيح للمستوى السياسي هامش كبير في المفاوضات (تفاوض بالنار)".
وتحدثت وسائل إعلام عبرية عن "حالة جنون إسرائيلي على المستوى الإعلامي والرسمي وفي الشارع، وكذلك حالة من الغضب العارم في تل أبيب خلال التظاهرة مقابل وزارة الدفاع للمطالبة بإتمام صفقة التبادل الآن"، مشيرة إلى أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريش هددا فوراً بحل الحكومة إن وافق رئيسها بنيامين نتنياهو على مقترح الهدنة".
وفي تطور لاحق، قال نتنياهو إن "حكومة الحرب قررت مواصلة عملية رفح لحمل حماس على إطلاق سراح الرهائن... على الرغم من أن مقترح حماس بعيد كل البعد عن الوفاء بمطالب إسرائيل، فإنها سترسل وفدا للتفاوض".
ضغط الشارع وتصريحات الجيش
إلى ذلك، خرجت مظاهرات تطالب حكومة نتنياهو بالموافقة على إتمام الهدنة للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في غزة، حيث تم إغلاف شارع ايالون وبيجن في تل أبيب، وقام البعض بإلقاء أنفسهم على الشارع، مهددين بالتصعيد في حال رفضة الحكومة الصفقة.
كما دعا أهالي الأسرى إلى مسيرة في ساحة باريس بالقدس قرب مكتب نتنياهو.
وفي وقت لاحق، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن جميع المقترحات المتعلقة بالمفاوضات من أجل إطلاق سراح الرهائن في غزة يتم دراستها بجدية، وإن الجيش يواصل، بالتوازي مع ذلك، عملياته في القطاع الذي تسيطر عليه حركة "حماس".
وردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي بشأن ما إذا كان إعلان "حماس" قبولها اقتراح وقف إطلاق النار سيؤثر على الهجوم المزمع على مدينة رفح في قطاع غزة، قال الأميرال دانيال هاغاري: "ندرس كل إجابة وكل رد بجدية شديدة ونستنفد كل الإمكانيات فيما يتعلق بالمفاوضات وإعادة الرهائن".
وأضاف: "بالتوازي مع ذلك، ما زلنا نعمل في قطاع غزة وسنواصل القيام بذلك".
3 مراحل للاتفاق
واستنادا إلى التفاصيل التي أعلنها حتى الآن مسؤولو "حماس" ومسؤول مطلع على المحادثات، فإن الاتفاق الذي أعلنت الحركة الفلسطينية موافقتها عليه يشمل ما يلي:
المرحلة الأولى:
– وقف إطلاق النار لمدة 42 يوما.
- إطلاق "حماس" سراح 33 من الرهائن الإسرائيليين مقابل الإفراج عن فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
- سحب إسرائيل قواتها جزئيا من غزة والسماح للفلسطينيين بحرية الحركة من جنوب القطاع إلى شماله.
المرحلة الثانية:
- فترة أخرى مدتها 42 يوما تتضمن اتفاقا لاستعادة "هدوء مستدام" في غزة، وهي عبارة قال مسؤول مطلع على المحادثات إن "حماس" وإسرائيل اتفقتا عليها من أجل عدم مناقشة "وقف دائم لإطلاق النار".
- انسحاب كامل لمعظم القوات الإسرائيلية من غزة.
- إطلاق "حماس" سراح أفراد من قوات الاحتياط الإسرائيلية وبعض الجنود مقابل إفراج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين.
المرحلة الثالثة:
- الانتهاء من تبادل الجثامين والبدء في إعادة الإعمار وفقا لخطة تشرف عليها قطر ومصر والأمم المتحدة.
- إنهاء الحصار الكامل على قطاع غزة.
ردود فعل
من جهته، قال ماثيو ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لصحافيين، إن واشنطن ستبحث رد حركة "حماس" مع حلفاء في الشرق الأوسط خلال الساعات المقبلة، في ما ذكر البيت الأبيض أن "رد حماس جاء في نهاية مناقشات قادها مدير المخابرات الأميركية"، مشددا على أن "التوصل إلى اتفاق يعد أفضل نتيجة على الإطلاق، ولن نوقف العمل للوصول إلى ذلك".
وأشار البيت الأبيض إلى أن "رد حماس لم يكن قد صدر خلال مكالمة بايدن مع نتنياهو التي أجريت اليوم".
من جهته، دعا الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش إسرائيل و"حماس" إلى "بذل جهد إضافي" للتوصل إلى هدنة و"وضع حد للمعاناة الحالية" في الحرب المدمرة الدائرة بينهما في قطاع غزة.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم غوتيريش، في بيان إن الأمين العام أعرب ايضا عن "قلق بالغ" إزاء مؤشرات تفيد بأن عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في مدينة رفح المكتظة في جنوب غزة قد تكون "وشيكة".
من جانبها، قالت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا): "رحب رئيس دولة فلسطين محمود عباس بالإعلان عن نجاح الجهود المصرية والقطرية في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأعرب سيادته عن ارتياحه لهذا الاتفاق الذي كان أولوية للقيادة الفلسطينية منذ اليوم الأول للعدوان على قطاع غزة، معربا عن أمله بأن تلتزم إسرائيل بوقف العدوان والانسحاب الكامل من قطاع غزة".
ووفق الوكالة، "طالب الرئيس عباس المجتمع الدولي بممارسة الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على شعبنا، ومواصلة الجهود الرامية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين".
كما دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى بذل مزيد من الجهود للتوصل إلى اتفاق في غزة، قائلا إنه يتابع عن كثب التطورات الإيجابية في المفاوضات الجارية للتوصل إلى "هدنة شاملة".
وأضاف في بيان: "أتابع عن كثب التطورات الايجابية التي تمر بها المفاوضات الحالية للتوصل إلى هدنة شاملة في قطاع غزة، وأدعو كل الأطراف لبذل المزيد من الجهد للوصول إلى اتفاق يؤدي إلى إنهاء المأساة الإنسانية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني وإتمام استبدال الرهائن والسجناء".
كذلك، ذكرت وزارة الخارجية المصرية في بيان أن الوزير سامح شكري ونظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان أكدا في اتصال هاتفي اليوم "أهمية عدم إضاعة الفرصة المتاحة" للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
وجاءت المكالمة الهاتفية بعد قليل من إعلان "حماس" قبولها مقترحا من وسطاء مصريين وقطريين عقب محادثات استمرت لأسابيع بهدف التوصل لاتفاق يفضي إلى وقف مؤقت للقتال وعودة الرهائن لإسرائيل.
ووفق وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، أجرى وزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، اتصالات هاتفية مع نظيريه القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، والمصري سامح شكري، ناقش فيها مستجدات الأوضاع في قطاع غزة، والجهود القطرية والمصرية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وتبادل الأسرى والرهائن، في ظل المخاوف حول تصعيدٍ عسكري جنوبي قطاع غزة.
وأعرب آل نهيان عن أمله بأن "تسفر عن تهدئة تقود لإنهاء الحرب بما يجنب الشعب الفلسطيني المزيد من المعاناة ويخدم الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة"، مؤكداً "أهمية تعزيز الاستجابة الإنسانية لاحتياجات أهالي غزة، وضمان إيصال المساعدات الإغاثية والطبية لهم على نحو عاجل وآمن ومستدام دون عراقيل".
إخلاء رفح
وكان الجيش الإسرائيلي دعا اليوم سكان مناطق في شرق رفح بأقصى جنوب غزة إلى "الإخلاء الفوري" والتوجّه نحو وسط القطاع، وذلك في ظلّ التلويح بشنّ هجوم برّي على المدينة المكتظة بالسكان.
وقال الجيش إنه "بناء على موافقة المستوى السياسي"، فهو "يدعو... السكان المدنيين القابعين تحت سيطرة حماس الى الإجلاء المؤقت من الأحياء الشرقية لمنطقة رفح الى المنطقة الإنسانية الموسعة" في المواصي.
وأشار الجيش الإسرائيلي الى أنه قام بتوسعة "المنطقة الإنسانية في المواصي والتي تشمل مستشفيات ميدانية وخيماً وكميات كبيرة من الأغذية والمياه والأدوية وغيرها من الإمدادات"، مؤكدا أنه يسمح بالتعاون مع أطراف دولية "بتوسيع رقعة المساعدات الإنسانية التي يتم إدخالها إلى القطاع".
وأكد متحدث باسم الجيش أن عملية الإخلاء هذه ستكون "محدودة النطاق".
وقال المتحدث خلال إيجاز للصحافيين عبر الانترنت "هذا الصباح... بدأنا عملية محدودة النطاق لإخلاء مدنيين بشكل موقت من الجزء الشرقي من رفح"، مضيفا "هذه عملية محدودة النطاق".
ورداً على سؤال بشأن عدد من سيتمّ إخلاؤهم، قال المتحدث إن "التقديرات هي نحو 100 ألف".
في السياق، رفعت مصر مستوى الاستعداد العسكري في منطقة شمال سيناء المتاخمة لقطاع غزة، وفق ما ذكر مصدران أمنيان لـ"رويترز".
بدء المناورة البرية وقصف عنيف
مساءً وفي أعقاب إعلان "حماس" موافقتها على الهدنة، أكدت وسائل إعلام عبرية، أن الجيش الإسرائيلي بدأ بالمناورة البرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وذلك بعد أن دعا في وقت سابق اليوم سكان مناطق في شرق المدينة إلى "الإخلاء الفوري" والتوجّه نحو وسط القطاع، وذلك في ظلّ التلويح بشنّ هجوم برّي على المدينة المكتظة بالسكان.
ووفق وسائل الإعلام العبرية، فإن الدبابات الإسرائيلية بدأت بالفعل اختراق السياج الحدودي لغزة باتجاه رفح، مشيرة إلى أن "مجلس وزراء الحرب قرر بالإجماع أن تواصل إسرائيل العملية في رفح لممارسة الضغط العسكري على حماس من أجل تعزيز إطلاق سراح الرهائن لديها وتحقيق الأهداف الأخرى للحرب".
بالتزامن مع ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته تهاجم أهدافاً تابعة لحركة "حماس" شرقي رفح، في ما ذكرت وسائل إعلام أن هناك "استهدافات عنيفة لمربعات سكنية شرق رفح وسط إطلاق نار وقنابل إنارة من الآليات".