تتّجه الأنظار إلى الموقف الإسرائيلي الحاسم بعد إعلان حركة "حماس" موافقتها على مقترح وقف إطلاق النار في غزة، مع مؤشّرات الرفض التي بدأت تظهر بتصاريح المسؤولين الإسرائيليين.
وذكرت قناة القاهرة الإخبارية المصرية نقلاً عن مصدر رفيع المستوى أن القاهرة تستضيف وفوداً من قطر والولايات المتحدة و"حماس" بهدف التوصل إلى هدنة شاملة.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن وفداً إسرائيلياً يضم أعضاء من الموساد والشاباك والجيش وصل إلى القاهرة.
"غير مقبول"
في أحدث تعليقاته، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "مقترح حماس يبتعد كثيراً عن مطالب إسرائيل الأساسية".
وأضاف: "السيطرة على معبر رفح خطوة مهمة للغاية باتّجاه تدمير القدرات العسكرية المتبقية لدى حماس"، مشيراً إلى أن "الضغط العسكري على حماس شرط ضروري لإعادة الأسرى".
وقال: "سنمنع حماس من أي دور في الحكم بقطاع غزة".
في وثت سابق، أكّد مسؤول إسرائيلي كبير لوكالة "رويترز" اليوم الثلثاء أن "العرض الراهن من حماس غير مقبول بالنسبة لإسرائيل".
وأعلن أن "وفداً إسرائيلياً متوسّط المستوى سيسافر إلى مصر في الساعات المقبلة لتقييم إمكانية تغيير حماس لموقفها، وقال: "الوفد مكوّن من مبعوثين متوسطي المستوى. وإذا تم التوصّل إلى اتّفاق حقيقي في المستقبل القريب، سيترأس كبار المسؤولين الوفد".
قال المسؤول الإسرائيلي الذي طلب عدم الكشف عن هويته إن إصرار إسرائيل الواضح على التحرك نحو رفح دفع حركة "حماس" إلى الإسراع في طرح مقترحها الأحدث.
وأضاف أن المقترح الحالي أخذ الإطار الأساسي لمقترح سبق تقديمه في 27 نيسان (أبريل) ينص على وقف موقت للقتال وإعادة بعض الأسرى الذي يتجاوز عددهم 132 شخص مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين في إسرائيل، ووسّع ذلك المقترح إلى "أبعاد غير مقبولة".
ولفت مسؤول آخر إلى أن "حماس" وافقت على وقف إطلاق نار مرحلي واّتفاق إطلاق سراح الرهائن الذي قدّمته إسرائيل في مقترح 27 من نيسان (أبريل) مع تغييرات طفيفة لم تؤثر على بنوده الرئيسية.
ولا يسمح المقترح الجديد لإسرائيل برفض إطلاق سراح سجناء فلسطينيين محدّدين، منهم مروان البرغوثي، وهو أحد زعماء حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ويقضي حالياً عقوبة السجن المؤبد لدوره في دعم هجمات دامية ضد إسرائيليين.
وأضاف المسؤول "حماس تريد أن يكون الجميع مؤهلون (الإفراج عن أي اسم تطلبه) وألا يكون لإسرائيل رأي في هذا الأمر".
وينص المقترح أيضاً على رفع قيود مفروضة على توريد ما يسمى بالمواد ذات الاستخدام المزدوج إلى غزة والتي يمكن استخدامها للأغراض المدنيّة والعسكرية.
وتابع المسؤول قوله "حماس تطلب السماح بدخول هذه المواد لإعادة تأهيل غزة، ولكنّنا نعلم أن نيّتها هي تصنيع الذخائر".
وتعرض حركة "حماس" إضافة إلى ذلك إطلاق سراح 18 أسيراً فقط في المرحلة الأولى من الهدنة بدلاً من 33 أسيراً كما نصت مقترحات سابقة، على أن يتم إطلاق سراح الباقين في مرحلة لاحقة.
وأردف المسؤول "يعني ذلك أن إسرائيل لن تستعيد سوى 18 أسيراً إذا تمسّكت برفضها وقف الهجوم".
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية (كان) أن وفد إسرائيل سيذهب إلى القاهرة للاستماع وطرح الأسئلة والاختلافات كبيرة.
وأكّد المتحدّث باسم الحكومة الإسرائيلية أن هدفها لا يزال هو تدمير "حماس".
وأوضح مصدر إسرائيلي أن العملية في رفح محدودة للغاية وتهدف إلى الضغط على "حماس" للقبول باتّفاق الهدنة.
"حماس"
من جهّته، حذّر مسؤول في "حماس" إسرائيل من أنّ المحادثات في القاهرة ستكون "الفرصة الأخيرة" لاستعادة الأسرى المحتجزين في قطاع غزة.
وقال المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته "هذه الفرصة الأخيرة أمام (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وعوائل الأسرى الصهاينة لعودة أبنائهم أو أن يكون مصيرهم مصير الطيار رون أراد" الذي أسقطت طائرته فوق لبنان عام 1986 ولا يزال مصيره مجهولاً.
واعتبرت الحركة أن "اقتحام جيش الاحتلال لمعبر رفح الحدودي مع مصر فجر اليوم تصعيد خطير ضد منشأة مدنيّة محمية بالقانون الدولي، يهدف إلى مفاقمة الوضع الإنساني في القطاع، عبر إغلاقه ومنع تدفق المساعدات الإغاثية الطارئة عبره لشعبنا المحاصر الذي يتعرّض لحرب إبادة وتجويع ممنهج من قبل الاحتلال النازي".
وأضافت، في بيان: "هذه الجريمة - التي تأتي مباشرة بعد إعلان حركة حماس موافقتها على مقترح الوسطاء - تؤكّد نية الاحتلال تعطيل جهود الوساطة لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، لمصالح شخصية لنتنياهو وحكومته المتطرّفة، وتنفيذاً لمخطّط الإبادة والتهجير الذي ينفّذه اليمين الصهيوني المتطرّف بقيادة مجرم الحرب نتنياهو".
وختمت: "ندعو الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي إلى الضغط على الاحتلال لوقف هذا التصعيد الذي يهدّد حياة مئات الآلاف من المدنيين النازحين في رفح وعموم قطاع غزة".
إلى ذلك، أفادت شبكة "سي أن أن" عن مصدر مطّلع بأن "مدير CIA وليام بيرنز سيعود إلى القاهرة اليوم لإجراء مزيد من المحادثات بشأن المفاوضات".
من جهّته، قال متحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية "ما زلنا نعتقد أن اتّفاق الأسرى يصب في مصلحة إسرائيل والشعب الفلسطيني، وسيؤدي إلى اتّفاق وقف إطلاق نار فوري وسيسمح بزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة".
وذكرت قناة "القاهرة الإخبارية" أنّه لا تزال هناك جهود لاحتواء التصعيد بين الجانبين، وقالت إن مسؤولين مصريين طلبوا من إسرائيل وقف عملية رفح فوراً.
"رد جدّي"
في السياق، نقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤولين قولهم إن "رد حماس جدّي والأمر متروك الآن لإسرائيل لتقرّر ما إذا كانت ستدخل في اتّفاق أم لا".
وأضافوا: "من المرجّح أن تتصادم الأطراف المتحاربة بشأن تعريف الهدوء المستدام المذكور في المقترح، ومن المتوقّع أن يعارض نتنياهو تعريف الهدوء المستدام".
في إسرائيل، اعتبر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن "مغادرة الوفد إلى القاهرة خطأ ووقوع في الفخ ويجب ألا نستسلم للضغوط".
بدوره، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إن "مناورات حماس ليس لها إلا إجابة واحدة وهي الأمر الفوري باحتلال رفح".