أظهرت التقديرات الأولية لنتائج التصويت في الانتخابات التشريعية في فرنسا تصدّر تحالف اليسار في الجولة الثانية واحتلال معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون المرتبة الثانية، متقدما على اليمين المتطرف، لكن دون أن تحصل أي كتلة على غالبية مطلقة في الجمعية الوطنية.
ويُقدّر حصول "الجبهة الشعبية الجديدة" على 172 إلى 215 مقعدا ومعسكر ماكرون على 150 إلى 180 مقعدا وحزب التجمع الوطني الذي كان يُرجح في الأساس حصوله على غالبية مطلقة، على 115 إلى 155 مقعدا.
على رئيس الوزراء "المغادرة"
وعقب صدور التقديرات الأولية، رأى زعيم اليسار الراديكالي الفرنسي جان لوك ميلانشون الأحد أن على رئيس الوزراء "المغادرة" وأنه ينبغي على الجبهة الشعبية الجديدة متصدرة الانتخابات التشريعية في فرنسا الأحد والتي ينتمي إليها حزبه، أن "تحكم".
وقال ميلانشون زعيم حزب فرنسا الأبية، فيما حل اليمين المتطرف ثالثا بعدما كان فوزه مرجحا: "شعبنا أطاح بوضوح أسوأ الحلول".
وسجلت نسبة المشاركة الأحد عند الساعة 15,00 ت غ، 59,7 % وهي الأعلى في انتخابات تشريعية منذ تلك المسجلة عام 1981 (61,4 %).
وتقدر نسبة المشاركة النهائية في الدورة الثانية الأحد ب67 % بحسب معهدي "إيبسوس" و"ابينيونواي" لاستطلاعات الرأي و67,1 % بحسب "إيلاب" و66,5 % من جانب "إيفوب"، في مقابل 66,7 % في الدورة الأولى. وسيشكل ذلك مستوى قياسيا منذ الانتخابات المبكرة في العام 1997.
وتجد البلاد نفسها منذ بدء الحملة الانتخابية في أجواء متوترة جدا، مع شتائم واعتداءات جسدية على مرشحين وأشخاص يضعون ملصقات وكلام متفلت عنصري ومعاد للسامية.
رئيس وزراء فرنسا يقدم استقالته صباح الاثنين
وبالفعل، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي غابريال أتال عزمه تقديم الاستقالة من منصبه غدا الاثنين. وقال: "اليسار المتطرف حقق اليوم نتائج تاريخية ولكل الفرنسيين أقول أحترم خياركم".
ودعا إلى العمل على بناء نظام سياسي جديد، مشدداً: "نكرر رفضنا الخضوع للتطرف وسنواصل النضال".
وتابع: "نتائج اليوم أظهرت أنه لا يمكن أن يشكل المتطرفون أغلبية ساحقة".
تقارب بين الكتل الثلاث
فتحت مراكز الاقتراع في الساعة السادسة في فرنسا القاريّة، بعدما صوت الناخبون السبت في أرخبيل سان بيار إيه ميكلون في شمال المحيط الأطلسي، وغويانا والأنتيل وبولينيزيا وكاليدونيا الجديدة في جنوب المحيط الهادئ.
وصدرت النتائج الأولى في بعض أقاليم ما وراء البحار في وقت سابق. في غوادلوب، احتفظ النواب الأربعة اليساريون بمقاعدهم. وفاز اليسار أيضا في مارتينيك وغويانا.
في كاليدونيا الجديدة في جنوب المحيط الهادئ التي تشهد أعمال شغب عنيفة منذ حزيران (يونيو)، انتخب مرشح مناد بالاستقلال للمرة الأولى منذ العام 1986.
وكان ماكرون أدخل فرنسا في المجهول بإعلانه المفاجئ في التاسع من حزيران (يونيو) حل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، بعد فشل تكتله في الانتخابات الأوروبية.
وتصدر التجمع الوطني (يمين متطرف) وحلفاؤه نتائج الدورة الأولى بفارق كبير (33 في المئة) متقدما على تحالف اليسار "الجبهة الشعبية الوطنية" (28 في المئة) والمعسكر الرئاسي (يمين وسط) الذي نال فقط عشرين في المئة من الاصوات.
وسعيا لقطع الطريق أمام التجمع الوطني، انسحب أكثر من مئتي مرشح من اليسار والوسط من دوائر كانت ستشهد سباقا بين ثلاثة مرشحين في الدورة الثانية، لتعزز حظوظ خصوم التجمع الوطني.
وكان رئيس الوزراء غابريال أتال الذي يقود حملة المعسكر الرئاسي حذّر بأن "الخطر اليوم هو غالبية يسيطر عليها اليمين المتطرف، سيكون هذا مشروعا كارثيا".
من جهتها، قالت مارين لوبان من حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الفرنسي اليوم الأحد إن الرئيس إيمانويل ماكرون في وضع "لا يمكن الدفاع عنه"، بعد أن بدا أن تحالفا يساريا سيحتل بشكل غير متوقع المركز الأول في البرلمان دون تحقيق أغلبية.
وأظهرت توقعات استطلاعات الرأي المستندة إلى النتائج الأولية أن حزب التجمع الوطني يأتي في المركز الثالث خلف ائتلاف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري ومعسكر ماكرون الوسطي، على الرغم من أن حزب التجمع الوطني كان يتصدر استطلاعات الرأي قبل انتخابات اليوم الأحد.
ومع ذلك، قالت لوبان إن حزبها خسر فقط بسبب التصويت التكتيكي بين ائتلاف الجبهة الشعبية الجديدة ومعسكر ماكرون.
وعرف المشهد السياسي الفرنسي تبدلا كبيرا عام 2017 مع فوز ماكرون بالرئاسة، هازما الأحزاب التقليدية.
وفي مواجهة الغموض الحاصل، أعلن أتال أن حكومته مستعدة لضمان استمرارية الدولة "طالما أن ذلك ضروري" وتولي تصريف الأعمال بانتظار تشكيل حكومة جديدة، في وقت تستضيف باريس دورة الألعاب الأولمبية بعد ثلاثة أسابيع.
ماكرون يدعو إلى "توخي الحذر"
دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "توخي الحذر" في تحليل نتائج الانتخابات التشريعية لمعرفة من يمكن أن يتولى تشكيل حكومة، معتبرا أن كتلة الوسط لا تزال "حيّة" جدًا بعد سنواته السبعة في السلطة، حسبما أفادت أوساطه مساء الأحد.
وقال قصر الإليزيه بُعيد ذلك إن ماكرون ينتظر "تشكيلة" الجمعية الوطنية الجديدة من أجل "اتخاذ القرارات اللازمة".
"تحالف العار"
بدوره، انتقد رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف جوردان بارديلا الأحد "تحالف العار" الذي حرم الفرنسيين من "سياسة إنعاش" في وقت حلّ حزبه في المرتبة الثالثة في تقديرات نتائج التصويت في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية.
وقال بارديلا: "يُجسّد حزب التجمع الوطني أكثر من أي وقت مضى البديل الوحيد"، متعهدا أن حزبه لن ينزلق نحو "أي تسوية سياسية ضيقة" ومؤكدا أن "لا شيء يمكن أن يوقف شعبا عاد له الأمل".