وضعت إسرائيل جيشها في حالة تأهب قصوى للمرة الأولى خلال الشهر الحالي، بعد أن لاحظت استعدادات إيران و"حزب الله" لتنفيذ هجمات ضدها، في حين أكد دانيال هاغاري المتحدث باسم الجيش مساء اليوم الاثنين أن إسرائيل تراقب تطورات تهديد إيران بتوجيه ضربة.
وأضاف هاغاري: "نتابع ما يجري في إيران تحديدا قدر استطاعتنا. ولا نتابع بمفردنا. نتابع مع الولايات المتحدة وشركاء آخرين".
ومضى يقول إن الجيش لم يصدر إرشادات جديدة للعامة تتعلق بالسلامة، لكن إذا لزم الأمر سيقدم إفادات للجبهة الداخلية بأي تغييرات في أسرع وقت ممكن.
ويأتي ترقب على إسرائيل بعدما اغتالت نهاية الشهر الماضي زعيم حركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وقبله بساعات القيادي الكبير في حزب الله فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية لبيروت.
وفي أحدث التصريحات الأميركية، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي مساء اليوم، إن الولايات المتحدة استعدت لهجمات كبيرة قد تشنها إيران أو وكلاؤها في الشرق الأوسط هذا الأسبوع.
وأضاف كيربي للصحافيين أن الولايات المتحدة عززت وجودها العسكري في المنطقة في الأيام القليلة الماضية، وتشارك إسرائيل مخاوفها بشأن هجوم محتمل تدعمه إيران.
بيان مشترك لأميركا و4 دول أوروبية
واليوم أيضاً، تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن إلى زعماء فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة لمناقشة تهدئة التوتر في الشرق الأوسط ووقف إطلاق النار في غزة، حيث قال زعماء الدول الخمس في بيان مشترك أصدره البيت الأبيض، إنهم يؤيدون دعوة من الولايات المتحدة وقطر ومصر لاستئناف محادثات وقف إطلاق النار في غزة للتوصل لاتفاق في أقرب وقت ممكن.
وأضاف البيان أن الدول "أكدت على أنه لم يعد هناك وقت نضيعه". كما عبر عن دعم إسرائيل في مواجهة أي تهديد إيراني وحث على توزيع وتسليم المساعدات في غزة.
من جهته، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان اليوم، أن لبلاده "حق الرد" على أي هجوم يستهدفها، بعدما دعا المستشار الألماني أولاف شولتس إلى تجنّب التصعيد في ظل ارتفاع مستوى التوتر مع إسرائيل.
وقال وفق بيان نشرته وكالة "إرنا" في نسختها العربية بعد اتصال هاتفي مع شولتس إن "إيران ترحب بتطور التفاعل مع كافة الدول والتأكيد على حل المشاكل عبر التفاوض، لكنها لن تخضع أبدا للضغوط والحظر والبلطجة والعدوان، كما ترى بأن من حقها الرد على المعتدين وفق المعايير الدولية".
قبل ذلك، قالت وزارة الدفاع الأميركية إنها ترسل غواصة صواريخ موجهة إلى المنطقة وتسرع وصول حاملة طائرات ثانية، وسط مخاوف متزايدة بشأن رد إيران وحزب الله المحتمل على مقتل قادة مسلحين في طهران وبيروت.
من جهته، ذكر موقع "واللاه نيوز" العبري نقلاً عن "مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين كبار، أن إيران اتخذت خطوات تحضيرية مهمة في مجال الصواريخ والطائرات بدون طيار، مماثلة لتلك التي اتخذتها قبل الهجوم على إسرائيل في نيسان (أبريل) الماضي، لكن إسرائيل والولايات المتحدة لا تعرفان التوقيت الدقيق للهجوم".
أما القناة 12 العبرية، فأكدت أن "الاستعدادات بلغت ذروتها لدى سلاح الجو والدفاعات الجوية الإسرائيلية"، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنه "لا تغيير في تعليمات الجبهة الداخلية".
إلى ذلك، ذكرت "وول ستريت جورنال"، أنه "على مدى الأسبوعين الماضيين، ظل الناس في جميع أنحاء المنطقة ينتظرون بفارغ الصبر رداً على الهجوم، وفي بعض الأحيان ملأوا الفراغ بفكاهة سوداء. وفي الوقت نفسه، كثفت الولايات المتحدة وإسرائيل من استعداداتهما العسكرية لصد أي هجوم، كما فعل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة عندما أطلقت إيران أكثر من 300 صاروخ وطائرة بدون طيار على إسرائيل في نيسان (أبريل)".
التحركات العسكرية الأميركية
وفي ظل التخوفات الأميركية وصعوبة توقع طبيعة الرد وتوقيته، أرسل الرئيس الأميركي جو بايدن أسراباً وسفناً ومشاة البحرية إلى المنطقة، طائرات "الشبح" من طراز أف 22 ذات "التفوق الجوي" قطعت مسافة 10 آلاف كيلومتر من ألاسكا، وسفينة برمائية عملاقة رست في قاعدة سرية في جزيرة قبرص، وحاملة طائرات تعمل على مسافة ليست بعيدة عن إيران، هذا ما سمح بنشره عن التعزيزات الأميركية إلى المنطقة وفقاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن طائرات "إف-22" تعد من أكثر الطائرات المقاتلة الأميركية تقدماً في المنطقة، وتم تطوير طائرات الجيل الخامس لتكون طائرات "التفوق الجوي"، ويمكنها المساعدة في المهمات الدفاعية بحيث "يمكن استخدامها منصة دفاعية ذات قيمة، وتضيف القدرة على المناورة وتوفر للقيادة مجموعة واسعة من الخيارات".
كما تم نقل سرب البحرية الأميركية التي تتمتع بقوة جوية إلى قاعدة برية "أقرب إلى إسرائيل"، ووفقاً لتقرير الصحيفة تم نقل نحو 12 طائرة من طراز إف/إيه-18 "سوبر هورنت" - التي تتمركز عادة على حاملة الطائرات "تيودور روزفلت" إلى بعض القواعد الجوية في المنطقة، الأقرب إلى إسرائيل والقوات الأميركية العاملة في العراق وسوريا والأردن، لكن موقعها الدقيق بقي سرياً.
وبحسب تقرير الصحيفة، فإن نقل السرب إلى القاعدة البرية سيسمح للطائرات بالعمل بسرعة أكبر، إذ إن حاملة الطائرات "روزفلت" الآن على مسافة أبعد بكثير من خليج عمان.
وحتى لا تترك المنطقة من دون أي حاملة طائرات، سيتم استبدال، بـ"روزفلت"، حاملة الطائرات "أبراهام لينكولن" التي تشق طريقها إلى المنطقة من المحيط الهادئ، لكن ليس من الواضح أين ستتمركز بالضبط في الشرق الأوسط.
تجدر الإشارة إلى أن تموضع المجموعة القتالية "روزفلت" التي تضم مدمرات وسفناً حربية إضافية وغواصات في خليج عمان ليس عشوائياً ويمكن أن يساعد في مراقبة النشاط الإيراني في المنطقة.
كما أن سفينة حربية ضخمة هي "يو أس أس واسب" ويطلق عليها "حاملة الطائرات الصغيرة"، تعمل في الجزء الشرقي من البحر المتوسط منذ أسابيع. وقد وصلت السفينة الهجومية البرمائية إلى المنطقة ورست يوم الأربعاء الماضي في ميناء ليماسول في قبرص. وحصلت السفينة على لقبها لأنها تحمل على متنها طائرات مقاتلة من طراز AV-8B "هارير" قادرة على الهبوط والإقلاع عمودياً، إلى جانب المروحيات القتالية ووحدة من مشاة البحرية عددها غير واضح.
ولا تهمل الولايات المتحدة ساحة البحر الأحمر، حيث تمر الطائرات من دون طيار والصواريخ التي يطلقها الحوثيون تكراراً من اليمن لمهاجمة السفن التجارية وإسرائيل، ووفقاً لتقرير على موقع إلكتروني للبحرية الأميركية، فإن المدمرتين "يو إس إس لابون" و"يو إس إس كول"، اللتين انفصلتا عن المجموعة القتالية المرافقة لحاملة الطائرات "روزفلت" دخلتا البحر الأحمر.
وبالإضافة إلى القوات الجديدة التي أرسلتها الولايات المتحدة، فإن لها وجوداً دائماً في المنطقة: حوالي 2500 جندي في العراق، و900 جندي آخر في سوريا، وقوة صغيرة في الأردن.