بدأت إيران مساء السبت تنفيذ هجوم على إسرائيل بإطلاق أكثر من 100 طائرة مسيرة وصواريخ من أراضيها وكذلك من اليمن والعراق الذي أغلق جميع مطاراته ومجاله الجوي، وذلك بعد ساعات من مهاجمة طهران سفينة مملوكة جزئياً لإسرائيل في مضيق هرمز.
وذكرت وسائل إعلام عبرية أن "جزءاً من المسيرات تم إطلاقها من إيران و الجزء الآخر من العراق واليمن"، مشيرة إلى أن هناك تحليقاً مكثفاً لطائرات حربية في عموم أجواء الضفة والقدس والمدن الإسرائيلية، في ما لفتت كذلك إلى أن "هذه المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق صواريخ أو طائرات مباشرة من إيران ويحتاج وصولها نحو 8 ساعات".
كما تحدثت عن تقارير تفيد بإطلاق صواريخ مجنحة من إيران نحو إسرائيل بعد وقت من إطلاق أسراب المسيرات، مشيرة إلى أنباء عن قصف ومسيرات من اليمن نحو إيلات وأجواء البحر الأحمر، وكذلك تحدثت عن إقلاع مقاتلات بريطانية من قبرص لاعتراض طائرات مسيرة وصواريخ تطلق من إيران باتجاه إسرائيل.
وذكرت "القناة 12" التلفزيونية الإسرائيلية في وقت متأخر مساء اليوم السبت (صباح الأحد بالتوقيت المحلي) أن طائرات حربية أميركية وبريطانية أسقطت بعض الطائرات المسيرة الإيرانية المتجهة إلى إسرائيل فوق منطقة الحدود بين العراق وسوريا.
ولم تذكر القناة مصادر للخبر.
وترد إيران على قصف قنصليتها في دمشق الذي أدى حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى سقوط 16 قتيلاً بينهم جنرالان في الحرس الثوري.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني أنه نفذ عملية بطائرات مسيرة وصواريخ لضرب أهداف محددة "ردا على جريمة الكيان الصهيوني بقصف قنصليتنا في سوريا"، في عملية أطلق عليها اسم "الوعد الصادق"، في حين نقلت وكالة أنباء مهر عن وزير الدفاع الإيراني قوله: "أي بلد سيفتح مجاله الجوي أو أراضيه أمام هجمات إسرائيلية على إيران سيتلقى رد طهران الحازم".
وأعاد حساب المرشد الإيراني علي خامنئي نشر تدوينة سابقة على منصة إكس يقول فيها: "سيعاقَب الكيان الصهيوني الخبيث"، وذلك تزامنا مع بدء الهجوم.
سوريا والأردن ومصر
ومن ضمن أبرز التطورات المتسارعة، نقلت "رويترز" عن مصادر عسكرية قولها إن "سوريا وضعت أنظمة الدفاع الجوي روسية الصنع من طراز بانتسير حول العاصمة والقواعد الرئيسية في حالة تأهب قصوى"، بينما نقلت كذلك عن مصدرين أمنيين بالمنطقة أن "الدفاعات الجوية الأردنية مستعدة لاعتراض وإسقاط أي طائرات مسيرة أو طائرات إيرانية تنتهك المجال الجوي الأردني"، مضيفين أن "الجيش أيضا في حالة تأهب قصوى وأن أنظمة الرادار تراقب نشاط الطائرات المسيرة".
وفي مصر، أكدت قناة القاهرة الإخبارية القريبة من الحكومة نقلا عن مصدر أمني رفيع أن "الدفاعات الجوية في حالة تأهب قصوى".
وذكرت القناة نقلا عن مسؤول مصري أمني كبير أن "خلية أزمة تتابع من كثب تطور الوضع وترفع تقاريرها إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي ساعة بساعة".
من جهته، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري: "نحاول أن نمنع وصول المسيرات الإيرانية إلى إسرائيل"، مضيفا: "سنتعامل مع المسيّرات الإيرانية فور وصولها لكن ننبه أن الدفاع لن يكون 100%".
ومساء اليوم، أعلن الجيش الإسرائيلي إلغاء الأنشطة التعليمية وغيرها من الأنشطة الشبابية التي كانت مقررة في الأيام المقبلة، لافتا إلى أن "كل القوات على أهبة الاستعداد وعشرات من الطائرات تقوم بدوريات في إطار الاستعداد للتهديد الإيراني".
وبحسب موقع "واللاه نيوز" العبري، "في ظل التوترات الأمنية، انتقل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزوجته اليوم السبت إلى منزل عائلة الملياردير سيمون فاليك في حي تلبيوت بالقدس، حيث يوجد بحسب تقارير مختلفة ملجأ متطور مضاد للصواريخ".
من جهته، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلغاء زيارة مقررة للنمسا والمجر مع عائلات الرهائن في غزة.
وقالت وسائل إعلام عبرية نقلاً عن مصادر أميركية رفيعة إنه "من المرجح جداً أن تشن إيران هجوماً على أهداف في إسرائيل في الساعات الأولى من صباح الغد من أراضيها وكذلك بمشاركة فصائل تابعة لها في العراق وسوريا"، مشيرة إلى أن "الولايات المتحدة سوف تدافع عن إسرائيل وقدراتنا العسكرية الإضافية باتت في مواقعها وجاهزة للتصدي لأي هجوم من إيران ووكلائها".
وأضافت: "من المتوقع حدوث تغييرات في عمليات الهبوط والإقلاع في مطار بن غوريون بتل أبيب خلال الأيام المقبلة".
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت مساء اليوم إن إسرائيل تترقب عن كثب هجوماً محتملاً عليها من جانب إيران وحلفائها في المنطقة، دون تقديم مزيد من التفاصيل عن طبيعة هذا التهديد.
وأضاف غالانت في بيان أنه يتعين على الإسرائيليين أن يستجيبوا لأي أوامر قد تصدر عن قيادة الجبهة الداخلية بالجيش، التي ترصد الصواريخ القادمة والتهديدات الجوية الأخرى حتى يتمكنوا من معرفة ما إذا كان عليهم الاحتماء أم لا.
كما تحدث وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مع نظيره الإسرائيلي لمناقشة التهديدات الإقليمية، وأكد مجدداً موقف واشنطن الثابت بالدفاع عن إسرائيل، مثلما أكد أن إسرائيل يمكنها الاعتماد على واشنطن في وجه أي هجمات من جانب إيران ووكلائها الإقليميين.
إلى ذلك، قال البيت الأبيض إن الرئيس جو بايدن قرر اختصار العطلة الأسبوعية بولاية ديلاوير والعودة إلى واشنطن بعد ظهر اليوم للتشاور مع فريقه للأمن القومي بشأن الأحداث في الشرق الأوسط.
وسط حالة من الاستنفار غير المسبوق في الشرق الأوسط جراء التهديدات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، أقدم الحرس الثوري الإيراني على مهاجمة سفينة مملوكة جزئيّاً للدولة العبرية في مضيق هرمز والسيطرة عليها.
وأعلنت القوة البحرية في الحرس الثوري الإيراني أنها احتجزت السبت ناقلة حاويات "مرتبطة" باسرائيل في مياه الخليح على ما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا).
وأضافت الوكالة "احتجزت القوة البحرية الخاصة ناقلة الحاويات ام سي اس أريز" خلال "عملية نفذتها مروحية قرب مضيق هرمز"، مشيرةً إلى أن السفينة "ترفع العلم البرتغالي وتديرها شركة زودياك التي يملكها الرأسمالي الإسرائيلي إيال عوفر" و"يتم اقتيادها إلى المياه الإقليمية" الإيرانية.
"إيران ستتحمل العواقب"
على مقلبٍ آخر، شدد متحدث عسكري إسرائيلي على أن إيران ستتحمل العواقب في حالة تصعيدها للعنف في المنطقة.
وقال دانيال هاغاري في بيان: "إيران ستتحمل العواقب في حالة اختيارها المزيد من التصعيد... إسرائيل في حالة تأهب قصوى.. رفعنا استعدادنا لحماية إسرائيل من أي عدوان إيراني آخر... مستعدون أيضاً للرد".
من جهته، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنَّ طهران نفذت عملية قرصنة ويجب فرض عقوبات عليها.
وأضاف: "نظام آية الله خامنئي هو نظام إجرامي يدعم جرائم حركة "حماس" وينفذ الآن عملية قرصنة في انتهاك للقانون الدولي". وقال: "أدعو الاتحاد الأوروبي والعالم الحر إلى إعلان الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية وفرض عقوبات على إيران على الفور".
وأكدت "إذاعة الجيش الإسرائيلي" أن السفينة التي هاجمتها القوات الإيرانية بالقرب من مضيق هرمز مملوكة جزئياً لجهة إسرائيلية.
إلى ذلك، دعا كاتس الاتحاد الأوروبي الى إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة "المنظمات الإرهابية".
وكتب كاتس عبر "إكس": "أدعو الاتحاد الأوروبي والعالم الحر الى إعلان الحرس الثوري الايراني فورا منظمة إرهابية ومعاقبة ايران من الآن"، مندّداً بـ"النظام الإجرامي" في طهران.
السفينة المحتجرة...
لاحقاً، أعلنت شركة الشحن الدولية "زودياك ماريتايم" في بيان أن "إم.إس.سي" هي المدير والمشغل التجاري للسفينة التي استولت عليها السلطات الإيرانية.
وقالت الشركة التي يملك رجل الأعمال الإسرائيلي إيال عوفر جزءاً فيها: "إم.إس.سي هي المسؤولة عن جميع أنشطة السفينة بما فيها عمليات الشحن والصيانة. ملكية السفينة المحتجزة تعود لشركة "جورتال شيبينغ" كونها الممول وتم تأجيرها لشركة "إم.إس.سي" تأجيراً طويل الأجل. و"جورتال شيبنغ" تابعة لزودياك ماريتايم".
وتقل السفينة طاقماً من 25 فرداً، كما ذكرت الشركة الإيطالية السويسرية المشغلة لها "ميديتيرنيان شيبينغ كومباني" (إم إس سي).
وذكرت وسائل إعلام هندية أن 17 هندياً على متن السفينة.
وتم تحديد موقع السفينة "MSC Aries" آخر مرة قبالة دبي متجهة نحو مضيق هرمز يوم الجمعة. وكانت السفينة قد أوقفت بيانات التتبع الخاصة بها، وهو أمر شائع بالنسبة للسفن التابعة لإسرائيل التي تتحرك عبر المنطقة، وفقاً لـ"الأسوشيتد برس".
مقطع الفيديو
"سلطات إقليمية"...
بدورها، أفادت وكالتا "يو كاي أم تي أو" و"أمبري" البريطانيتان للأمن البحري، بأنه تم الاستيلاء على سفينة من قبل "سلطات إقليمية" على بعد 50 ميلاً بحرياً قبالة سواحل الفجيرة الإماراتية.
ولفتت "أمبري" إلى أنها اطلعت على "لقطات ثابتة لثلاثة أفراد على الأقل ينزلون من مروحية إلى ما يبدو أنها سفينة شحن"، لافتةً إلى أن هذا الاسلوب "استُخدم سابقاً من البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني".
وقالت وكالة "الأسوشيتد برس" إنَّها شاهدت مقطعاً مصوراً يُظهر غارة شنتها قوات كوماندوز بواسطة طائرة هليكوبتر على سفينة بالقرب من مضيق هرمز.
وأشارت إلى أن مسؤولاً دفاعياً في الشرق الأوسط نسب الغارة إلى إيران وسط توترات أوسع بين طهران والغرب.
صورة للسفينة
وكان الجيش البريطاني حذر أيضاً، اليوم، من احتمال اعتلاء جهة مجهولة سفينة بالقرب من مضيق هرمز.
وشارك مسؤول الدفاع، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة المسائل الاستخباراتية، المقطع المصور مع وكالة "الأسوشيتد برس".
وعلى الرغم من أن الوكالة لم تتمكن من التحقق من ذلك على الفور، إلا أن التسجيل يتوافق مع التفاصيل المعروفة للصعود على متن الطائرة، ويبدو أن المروحية المعنية هي طائرة يستخدمها "الحرس الثوري" شبه العسكري الإيراني، الذي نفذ غارات أخرى على السفن في الماضي.
عنصر مسلح
تصاعد التوترات...
ويأتي الحادث وسط تصاعد التوترات بين إيران والغرب، لاسيما بعد الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في سوريا.
ولم تعترف إيران على الفور باحتجاز أي سفينة، ولم تنشر وسائل الإعلام الرسمية أي تقرير حول الحادث.
مع ذلك، نفذت إيران منذ عام 2019 سلسلة من عمليات الاستيلاء على السفن وشنت هجمات على سفن، وسط التوترات المستمرة مع الغرب بشأن برنامجها النووي الذي يتقدم بسرعة.