قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مساء اليوم الثلاثاء، إنها "تواصل مراقبة الوضع في الشرق الأوسط عن كثب وتعمل على تهدئة التوترات في المنطقة"، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة "سترسل الغواصة (يو إس إس جورجيا) إلى المنطقة المركزية لمساعدة إسرائيل".
وأضاف البنتاغون: "نواصل التركيز على تأمين وقف إطلاق النار في غزة كجزء من صفقة الرهائن، ووزير الدفاع لويد أوستن ناقش مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت التهديدات الإيرانية وجهود الحد من توسيع الصراع".
كما وافقت وزارة الخارجية الأميركية اليوم، على صفقة أسلحة لاسرائيل بقيمة تتجاوز 20 مليار دولار، تشمل مقاتلات إف-15 و33 ألفا من ذخائر الدبابات.
وقالت الخارجية الأميركية في رسالة إلى الكونغرس إن الصفقة "ستحسن قدرة إسرائيل على مواجهة تهديدات العدو الراهنة والمقبلة".
وفي وقت سابق اليوم، أفاد ثلاثة من كبار المسؤولين الإيرانيين بأن السبيل الوحيد الذي قد يرجئ رد إيران مباشرة على إسرائيل بسبب اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" على أراضيها هو التوصل في المحادثات المأمولة هذا الأسبوع إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقال أحد المصادر، وهو مسؤول أمني كبير في إيران، إنَّ بلاده وحلفاء لها مثل "حزب الله"، سيشنون هجوماً مباشراً إذا فشلت محادثات غزة أو إذا شعرت بأن إسرائيل تماطل في المفاوضات.
ولم تذكر المصادر المدة التي تعطيها إيران لإحراز تقدم في المحادثات قبل أن ترد.
وقالت المصادر، شريطة عدم الكشف عن هويتها نظرا لحساسية الأمر، إنه مع تزايد خطر نشوب حرب أوسع في الشرق الأوسط بعد مقتل هنية والقيادي في "حزب الله" فؤاد شكر، انخرطت إيران في حوار مكثف مع الدول الغربية والولايات المتحدة في الأيام الماضية حول سبل الرد على إسرائيل وحجمه.
ماذا يتوقع بايدن؟
توقع الرئيس الأميركي جو بايدن أن تتراجع إيران عن توجيه ضربة انتقامية لإسرائيل في حال التوصل لهدنة في غزة.
وفي رده على سؤال للصحافيين اليوم الثلاثاء بعد وصوله إلى نيو أورليانز عما إذا كانت طهران ستتخلى عن استهداف إسرائيل إذا تسنى التوصل لاتفاق، قال بايدن "هذا ما أتوقعه".
وفي تصريحات نشرت اليوم، قال السفير الأميركي لدى تركيا إن واشنطن تطلب من الحلفاء المساعدة في إقناع إيران بخفض التصعيد.
كما تحدثت ثلاثة مصادر حكومية في المنطقة عن إجراء محادثات مع طهران لتجنب التصعيد قبيل محادثات وقف إطلاق النار في غزة والتي من المقرر أن تبدأ يوم الخميس في مصر أو قطر.
وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة يوم الجمعة في بيان: "نأمل أن يكون ردنا في الوقت المناسب وأن يتم بطريقة لا تضر بأي وقف محتمل لإطلاق النار".
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية اليوم الثلاثاء إن الدعوات الموجهة إلى طهران لضبط النفس في ما يتعلق بالرد على إسرائيل "تفتقر للمنطق السياسي وتتعارض مع مبادئ القانون الدولي".
ولم ترد وزارة الخارجية الإيرانية أو "الحرس الثوري" حتى الآن على طلبات للتعليق، كما لم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزارة الخارجية الأميركية.
ناصر كنعاني
"إيران لا تطلب الإذن"
وانتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني دعوات الغرب، وقال في بيان "الجمهورية الإسلامية مصمّمة على الدفاع عن سيادتها... ولا تطلب الإذن من أي كان لممارسة حقوقها المشروعة".
وندّد بإعلان لا يتضمّن "أي مأخذ على الجرائم الدولية التي يرتكبها النظام الصهيوني... ويطلب بوقاحة من إيران عدم الردّ بشكل رادع (على من) انتهك سيادتها".
وقالت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا في بيان مشترك الاثنين إنها حضّت إيران على خفض التصعيد.
وكان البيت الأبيض حذّر من أن إيران قد تشنّ مع وكلائها "هجمات كبرى" على إسرائيل هذا الأسبوع، لافتا إلى أن إسرائيل لديها تقديرات مماثلة.
وخلال الأيام الأخيرة، أرسلت الولايات المتحدة مجموعة حاملة طائرات وغواصة مزوّدة بصواريخ إلى المنطقة دعما لإسرائيل.
محادثات
من جهته، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي للصحافيين أمس الاثنين: "قد تفعل إيران وحلفاؤها شيئا ما هذا الأسبوع... هذا تقييم أميركي وإسرائيلي".
وأضاف: "إذا حدث شيء هذا الأسبوع، فسيؤثر التوقيت بالتأكيد على هذه المحادثات التي نريد إجراءها يوم الخميس".
وشككت "حماس" مطلع الأسبوع فيما إذا كانت المحادثات ستمضي قدما. وعقدت هي وإسرائيل عدة جولات من المحادثات في الأشهر القليلة الماضية لكن بدون التوصل إلى اتفاق على وقف دائم لإطلاق النار.
ويعتقد العديد من المراقبين في إسرائيل أن الرد الإيراني وشيك بعدما قال الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي إن بلاده "ستعاقب بشدة" إسرائيل على اغتيال هنية في طهران.
والحرس الثوري الإيراني هو الذي يحدد سياسة طهران في المنطقة. وأكد الرئيس الإيراني الجديد المعتدل نسبيا مسعود بزشكيان مرارا موقف بلاده المناهض لإسرائيل ودعمها لحركات المقاومة في جميع أنحاء المنطقة منذ توليه منصبه الشهر الماضي.
وعبر مائير ليتفاك الباحث في مركز الدراسات الإيرانية بجامعة تل أبيب عن اعتقاده بأن إيران ستضع احتياجاتها قبل مساعدة حليفتها حماس وإنها تريد أيضا تجنب حرب شاملة.
وقال: "لم يضع الإيرانيون أبدا استراتيجيتهم وسياساتهم رهن احتياجات حلفائهم أو وكلائهم. الهجوم محتمل ولا مفر منه تقريبا، لكنني لا أعرف نطاقه أو توقيته".
وقال المحلل الإيراني سعید لیلاز إن زعماء طهران حريصون الآن على السعي نحو وقف إطلاق النار في غزة "للحصول على مكاسب (سياسية) وتجنب اندلاع حرب شاملة وتعزيز مكانة إيران في المنطقة".
وأضاف أنه لم يسبق لإيران وأن شاركت في عملية السلام في غزة لكنها مستعدة في الوقت الراهن لتنهض "بدور محوري".
وقال مصدران إن إيران تدرس إرسال ممثل عنها إلى محادثات وقف إطلاق النار فيما ستكون المرة الأولى منذ بدء الحرب.
ولن يحضر الممثل الاجتماعات بشكل مباشر لكنه سيشارك في المحادثات التي تُجرى خلف الكواليس "للحفاظ على قناة تواصل دبلوماسية" مع الولايات المتحدة في أثناء استمرار عملية المفاوضات.
وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك لرويترز إن طهران لن يكون لها ممثل حاضر على هامش محادثات وقف إطلاق النار.
وقال مصدران كبيران مقربان من "حزب الله" إن طهران ستعطي المفاوضات فرصة لكنها لن تتخلى عن نواياها للرد.
وقال أحد المصادر إن وقف إطلاق النار في غزة سيوفر لإيران ذريعة للاكتفاء برد فعل "رمزي" أو محدود.
صواريخ نيسان
لم تشر إيران بشكل علني إلى ما سيكون هدفا لأي رد محتمل منها على اغتيال هنية.
وفي 13 نيسان (ابريل)، بعد أسبوعين من مقتل جنرالين إيرانيين في هجوم على سفارة طهران في سوريا، أطلقت إيران وابلا من مئات الطائرات المسيرة وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية على إسرائيل، مما أدى إلى إلحاق أضرار بقاعدتين جويتين، لكن جرى إسقاط جميع الأسلحة تقريبا قبل بلوغ أهدافها.
وقال فرزين نديمي، وهو خبير بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "إيران تريد أن يكون ردها أكثر فاعلية من هجوم 13 نيسان".
وأضاف أن مثل هذا الرد سيتطلب "الكثير من التحضير والتنسيق"، لا سيما إذا كان سيشمل شبكة إيران في الشرق الأوسط من الجماعات المسلحة المتحالفة معها والمناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة والتي تعرف باسم تحالف (محور المقاومة)، الذي يضم "حزب الله" العضو الأكبر فيه فضلا عن الجماعات المسلحة العراقية وجماعة الحوثي في اليمن، والذي ينهك إسرائيل منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر).
وقال مصدران إيرانيان إن طهران ستدعم "حزب الله" وحلفاء آخرين في حال ردوا على اغتيال هنية والقائد العسكري البارز في "حزب الله" فؤاد شُكر الذي قُتل في هجوم على بيروت قبل يوم من مقتل هنية في طهران.
ولم تحدد المصادر ماهية الدعم.