النهار

تقارير تركية حول لقاء مرتقب بين الأسد وأردوغان في موسكو ... ومصدران سوريان لـ"النهار العربي": لا تقدم جدياً في الملف
سركيس قصارجيان
المصدر: النهار العربي
كانت صحيفة "ديلي صباح" المقرّبة من الحكومة التركية أعلنت صباح اليوم عن اّتفاق لعقد لقاء بين الرئيسين السوري والتركي في العاصمة الروسية موسكو في 6 آب (أغسطس) المقبل بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع احتمال دعوة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أيضاً، ليلقى الخبر رواجاً واسعاً بعد تناقله في معظم وسائل الإعلام التركية.
تقارير تركية حول لقاء مرتقب بين الأسد وأردوغان في موسكو ... ومصدران سوريان لـ"النهار العربي": لا تقدم جدياً في الملف
الأسد وأردوغان في لقاء سابق (أرشيفية)
A+   A-
 
 
نفى مصدران سوريان في حديث إلى "النهار العربي" الأنباء التي تداولتها وسائل الإعلام التركية بشكل واسع حول لقاء مرتقب بين الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب أردوغان في موسكو مطلع الشهر المقبل.
 
وأكّد المصدران المطّلعان على مسار مساعي الوساطة لعودة العلاقات بين أنقرة ودمشق أنه "لم يتم احراز أي تقدّم جدّي في الملف حتى الساعة".
 
وكانت صحيفة "ديلي صباح" المقرّبة من الحكومة التركية أعلنت صباح اليوم عن اتّفاق لعقد لقاء بين الرئيسين السوري والتركي في موسكو في 6 آب (أغسطس) المقبل بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع احتمال دعوة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أيضاً.
 
ولكن مصدرين سوريين أكدا في تصريحات متطابقة إن "دمشق منفتحة على أي جهود لعودة العلاقات بين البلدين الجارين إلى ما يجب أن تكون عليها، وقد أعربت عن موقفها بشكل واضح من خلال تصريحات المسؤولين والبيانات الرسمية والحوارات مع الوسطاء المتعددين، لكنها حتى الآن لم تلق ردوداً حازمة من الوسطاء".
 
وتشترط دمشق من أجل الاتّفاق على عقد قمة رئاسية سورية-تركية تعهّد أنقرة الانسحاب من الأراضي السورية عبر خريطة طريق واضحة وبضمانة من الدول الوسيطة، خصوصاً روسيا، وإيقاف الدعم التركي للمجموعات المسلّحة في شمال سوريا والتي تصفها دمشق بالإرهابية.
وتؤكد دمشق أن البندين السابقين لا يمكن اعتبارهما شروطاً، بل من متطلبات الحوار والجلوس الى طاولة المفاوضات "وإلا فإن اللقاءات ستكون غير ذات جدوى".
 
في المقابل، تبدو أنقرة حتى الساعة متمسّكة بخطابها الداعي إلى ضرورة اشراك المعارضة السورية في الحياة السياسية، والتعاون مع دمشق من أجل القضاء على "الإدارة الذاتية" في مناطق شمال سوريا وشرقها المعلنة من طرف واحد وأجنحتها السياسية والعسكرية التي تعتبرها أنقرة إرهابية وامتداداً لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.
 
وكانت وسائل إعلام عراقية تداولت في وقت سابق أنباء عن قرب الوصول إلى اتّفاق سوري-تركي برعاية عراقية، مشيرة إلى إمكان استضافة بغداد القمة الرئاسية الأولى بين البلدين.
 
وتشير المصادر السورية التي تواصل معها "النهار العربي" خلال الأيام الأخيرة على خلفية تزايد التصريحات التركية حول قرب التوصل إلى اتّفاق بأن "المفاوضات ستكون طويلة ومن المبكر الحديث عن لقاء رئاسي، في ظل وجود الكثير من القضايا العالقة التي تحتاج إلى اجتماعات على مستوى الأمنيين والعسكريين والدبلوماسيين".
 
وبالتزامن مع تكرار أنقرة التصريحات الإيجابية حول اقتراب موعد اللقاء بين الرئيسين التركي والسوري، تبدي الأحزاب السياسية التركية في السلطة والمعارضة رغبة متكررة في زيارة دمشق ولقاء الرئيس الأسد.
 
أمس وخلال زيارته "جمهورية قبرص التركية" عاد زعيم "حزب الشعب الجمهوري" أوزغور أوزيل ليؤكد رغبة حزبه بزيارة دمشق بوفد رسمي موسّع والحوار مع الرئيس الأسد من أجل تسهيل مسار التطبيع بين البلدين.
 
وعلمت "النهار العربي" من مصادر سورية مطّلعة ورود طلبات من 5 أحزاب تركية ومنها "حزب الشعب الجمهوري"، وذلك عبر وسطاء وقنوات خلفية لزيارة دمشق، من دون أن تنفي إمكان حدوث مثل هذه الزيارة "كون أبواب دمشق مفتوحة لجميع المبادرات الإيجابية"، بحسب تعبير المصادر ذاتها، مع تأكيد عدم وجود زيارة مقررة أو برنامج مقرر حتى الساعة.

وزن "حزب الشعب الجمهوري"
تدرك دمشق وزن "حزب الشعب الجمهوري" وأهميته، وهو المعارضة الأم في البلاد، في الداخل التركي الذي تصدّر الانتخابات البلدية الأخيرة في نهاية آذار (مارس) الماضي، حاصداً معظم البلديات الكبرى في البلاد وبفارق أصوات كبير عن حزب "العدالة والتنمية" الحاكم منذ أكثر من ربع قرن. 
 
لكن، مع الأخذ في الاعتبار استمرار حكم الرئيس التركي، الفائز بالانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة في أيار (مايو) 2023، إلى منتصف عام 2028 (فترة رئاسية 5 سنوات)، تعتقد دمشق أن المعارضة التركية لا تزال عاجزة عن تلبية "متطلّبات الحوار" كونها لا تملك سوى ورقة الضغط الداخلي لتغيير الوضع القائم، في ظل تحكّم الرئيس أردوغان بالقرارين السياسي والعسكري في البلاد، خصوصاً بعد تغيير نظام الحكم من البرلماني إلى الرئاسي بصلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية.
 
وكما بغداد، تصف دمشق الوجود العسكري التركي في شمال سوريا بـ "الاحتلال"، خصوصاً في ظل الممارسات التركية المتمثّلة بتعيين وال تركي لسوريا في مدينة عفرين وافتتاح فروع لمؤسسات حكومية كالبريد والكهرباء والمياه والبنك المركزي وفروع لكليات تتبع لجامعات تركية في عنتاب وغيرها.
 
بالإضافة إلى ذلك، تتهم دمشق جارتها بدعم "المجموعات الإرهابية" في إشارة إلى الميليشات المسلّحة التي وحّدتها تركيا تحت مظلة "الجيش الوطني" الذي أسسته المخابرات التركية كأداة للسيطرة على المنطقة التي تحاول تركيا إحداث تغيير ديموغرافي فيها من خلال استبدال عرب وافدين بسكانها ذوي الغالبية الكردية. 
 
الى ذلك، ورغم تصريح "حزب الشعب الجمهوري" برفض القرار الأخير في البرلمان حول تمديد مهمّة القوات العسكرية التركية خارج الحدود (سوريا والعراق) إلا أن هذا الرفض بقي عاجزاً عن اسقاط مشروع القرار المقدّم من قبل السلطة التي لا تزال تستحوذ على الأغلبية البرلمانية.
 
ومع تركّز جهود الوسطاء على تقريب وجهات النظر بين الحكومتين السورية والتركية من دون وجود تواصل مؤثر بين المعارضة التركية والعواصم الإقليمية الوسيطة في كل من بغداد وموسكو، والرياض ربّما، فإن احتمال نجاح المعارضة التركية في احداث خرق في مسار المصالحة المتعثر بين دمشق وأنقرة لا يزال بعيد المنال.
 

اقرأ في النهار Premium