في الوقت الذي أكدت فيه إسرائيل أنها أحبطت جزءاً كبيراً من الهجوم الذي شنه فجر اليوم الأحد حزب الله رداً على اغتيال القيادي الكبير فيه فؤاد شكر، شدد الأمين العام للحزب حسن نصرالله في المقابل على أن الرد تم كما هو مخطط له وأن تل أبيب تتكتم على نتائجه.
في الأثناء، قال دبلوماسيان لـ"رويترز" إن إسرائيل و"حزب الله" اللبناني تبادلا رسائل عبر وسطاء اليوم، من أجل منع المزيد من التصعيد في أعقاب واحدة من أكبر عمليات تبادل إطلاق النار بين العدوين في عشرة أشهر.
وأكد دبلوماسي أن الرسالة الرئيسية كانت أن الجانبين يعتبران أن تبادل القصف المكثف اليوم "انتهى" وأن أيا من الجانبين لا يريد حربا شاملة.
وأعلنت إسرائيل الأحد أنها أحبطت "جزءا كبيرا من الهجوم"، بينما أكّد الحزب اللبناني أنه استهدف بمسيرات وصواريخ كاتيوشا بشكل أساسي قاعدة للاستخبارات العسكرية قرب تل أبيب (غليلوت).
ونفت إسرائيل إصابة القاعدة الواقعة في ضواحي تل أبيب، مشيرة الى أنها دمّرت "آلاف منصات الصواريخ" التابعة للحزب في جنوب لبنان، الأمر الذي اعتبره نصرالله "ادعاءات كاذبة".
ونفّذت إسرائيل على مدى ساعات طويلة غارات وقصفاً مدفعياً استهدف مناطق عدة في لبنان أودت بحياة ثلاثة مقاتلين، اثنان من حزب الله والثالث من حركة أمل، حليفة الحزب.
وقال الجيش الإسرائيلي إن نحو 100 طائرة حربية استهدفت ودمّرت آلاف المنصات التابعة لحزب الله في جنوب لبنان، مضيفا أنها "كانت موجهة نحو شمال إسرائيل وبعضها نحو وسط البلاد".
وأكد المتحدث باسم الجيش نداف شوشاني لصحافيين أن حزب الله "أطلق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة تجاه شمال إسرائيل"، معظمها بعد بدء إسرائيل هجومها.
وتابع أن هذا "كان جزءاً من هجوم أكبر تمّ التخطيط له وتمكننا من إحباط جزء كبير منه".
وقتل جندي في الجيش الإسرائيلي وأصيب اثنان آخران بجروح في شمال إسرائيل، وفق ما أعلن الجيش، من دون إعطاء تفاصيل.
وأوضح مسؤول عسكري إسرائيلي لـ"فرانس برس" أن ذلك حصل بحسب "تحقيق أولي"، بعد إصابة الجنود "بقذيفة اعتراضية من القبة الحديدية أو بشظية من هذه القذيفة سقطت من طريق الخطأ على زورق دورية سريع بعد اعتراض طائرة مسيّرة".
وقال نصرالله إن "الهدف الأساسي" للهجوم الذي شنه الحزب فجرا على إسرائيل كان "قاعدة غليلوت للاستخبارات العسكرية الواقعة التي فيها تجهيزات ضخمة وتدير الكثير من عمليات الاغتيال والحرب النفسية، والواقعة "على بعد 110 كلم عن حدود لبنان و1500 متر عن مدينة تل أبيب".
وأضاف أن "الهدف المساند" كان قاعدة الدفاع الصاروخي في عين شيمرا، مشيرا الى أن عددا من المسيرات طالت هذين الهدفين، "لكن العدو يتكتم".
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنه يستطيع "التأكيد أن قاعدة غليلوت لم تصب".
وأعلن حزب الله أنه استهدف بالمسيرات والصواريخ ثكنات ومواقع إسرائيلية في شمال إسرائيل وفي هضبة الجولان المحتلة "لإشغال" الدفاعات الجوية الإسرائيلية.
وقال نصرالله إن الكلام الإسرائيلي عن اعتراض آلاف الصواريخ وتدمير آلاف المنصات "ادعاءات كاذبة"، قبل أن يقرّ بأن "عشرات المنصات التي عليها صواريخ" موجودة في الوديان "دمرت".
وأعلن حزب الله "إنجاز" عمليته العسكرية على إسرائيل "لهذا اليوم"، والذي أدرجه في إطار "ردّ أولي" على مقتل شكر في 30 تموز (يوليو) في غارة إسرائيلية.
وأوضح نصرالله أن الحزب سينتظر ويقيم نتيجة ما قام به اليوم ليقرر ما إذا كان سيقوم بردّ آخر، مشدداً على أن رد حزب الله حصل، و"يبقى ردّ إيران وردّ اليمن".
"لم تقل كلمتها الأخيرة"
وحذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مستهل جلسة مجلس الوزراء من أن إسرائيل لم تقل "كلمتها الأخيرة" بضرباتها اليوم على جنوب لبنان.
وقال نتنياهو في وقت سابق صباحاً: "نحن مصممون على القيام بكل شيء لحماية بلادنا وإعادة سكان الشمال بأمان إلى منازلهم، ومواصلة اتباع قاعدة بسيطة: من يؤذنا، نؤذه".
ويتبادل حزب الله وإسرائيل القصف بشكل يومي منذ بدء الحرب بين الدولة العبرية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول (أكتوبر). لكنّ منسوب التوتر ارتفع في الأسابيع الأخيرة بعد مقتل شكر الذي تلاه بعد ساعات اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيّة في طهران في ضربة نُسبت الى إسرائيل. وتوعّدت طهران وحزب الله بالردّ على مقتلهما.
ومنذ بدء التصعيد بين حزب الله واسرائيل، قتل 605 أشخاص في لبنان، بينهم 393 مقاتلا من حزب الله و131 مدنيا.
في الجانب الإسرائيلي، أحصت السلطات مقتل 23 جنديا و26 مدنيا، بينهم 12 في الجولان السوري المحتل.
ودعا مكتب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان وقوة الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) في بيان مشترك "الجميع إلى وقف إطلاق النار والامتناع عن المزيد من التصعيد".
وشدّد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بعد اجتماع حكومي طارئ، على ضرورة "وقف العدوان الإسرائيلي أولا".
وأعلنت شركات طيران عدّة تعليق أو تأخير رحلاتها الى مطاري بن غوريون في تل أبيب ورفيق الحريري الدولي في بيروت نتيجة التصعيد، ما تسبّب بإرباك وانتظار طويل لبعض المسافرين.
رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال سي كيو براون
واشنطن تدعم إسرائيل
وأكّدت الولايات المتحدة التي كانت قد عززت انتشارها العسكري في المنطقة خلال الأسابيع الماضية، جاهزيتها لدعم "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي شون سافيت في بيان إنه بتوجيه من الرئيس جو بايدن "يتواصل المسؤولون الأميركيون الكبار بشكل مستمر مع نظرائهم الإسرائيليين"، مضيفا: "سنواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وسنواصل العمل للحفاظ على الاستقرار الاقليمي".
وأكدت وزارة الدفاع الأميركية أنها "مستعدة لدعم" الدولة العبرية.
وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية لم يشأ كشف هويته لوكالة "فرانس برس" إن "الولايات المتحدة لم تشارك في ضربات إسرائيل الوقائية مساء أمس. قدمنا معلومات استخباراتية (إضافة إلى عمليات) رصد واستطلاع لتعقب الضربات التي مصدرها حزب الله اللبناني"، مضيفا أن مساعدة أميركية لمواجهة هذه الهجمات "لم تكن ضرورية".
إلى ذلك، وصل رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال سي كيو براون إلى إسرائيل مساء اليوم، ومن المتوقع أن يعقد اجتماعات مع كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين.
مفاوضات
ويأتي هذا التصعيد في يوم يتوقع أن تتواصل فيه المفاوضات في القاهرة بوساطة أميركية ومصرية وقطرية بين إسرائيل وحماس في محاولة للتوصل الى هدنة في قطاع غزة.
وأكدت واشنطن الجمعة أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي ايه" وليام بيرنز وصل إلى القاهرة للمشاركة في المباحثات.
وقال متحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي اليوم إن قرار إرسال وفد الى القاهرة سيؤخذ لاحقا اليوم.
وقال قيادي في حركة حماس لـ"فرانس برس" السبت إن الحركة سترسل وفدا الى القاهرة.