ابّان الحرب الأهلية اللبنانية كان لكلّ فريق متصارع على الساحة اللبنانية فنّه الخاص، لذا كان لليسار اللبناني فنانوه ومسرحه وشعراؤه. لغاية بداية التسعينات كانت مدرجات الملاعب تمتلئ أثناء حفل يحييه فنان من هذا الجناح. ولكن انحسار اليسار عالمياً وداخلياً جعل من فنّ هؤلاء الكبار محصوراً بفئة خاصة من الناس من أولئك الذين يحنّون إلى الماضي ويناصرون القضية الفلسطينية كما كانت قبل أسلمة الصراع على أيدي التنظيمات الراديكالية.
ومن هؤلاء:
1- زياد الرحباني
يشكّل زياد الفنان الرمز ومصدر الإلهام لدى الكثير من اليساريّين، وبعضهم اتّخذ من طريقة كلامه ولكنته وعباراته طريقة له، متنحلاً شخصيات مسرحياته. وكما على المسرح كان لزياد باع طويل في البرامج الإذاعية والغناء.
2- مارسيل خليفة
كانت مدرّجات ملعب الصفاء في محلّة وطى المصيطبة الشاهد الأول على شعبية هذا الفنان الذي تخطى جمهوره اليسار. كانت أغانيه عن الحرب والتاريخ وبيروت والهوية تذاع في بثّ مباشر على الإذاعات خلال الحرب، وشكّل مع الشاعر الفلسطيني محمود ردويش ثنائية قدمت أجمل الأعمال المغناة. إحدى أغانيه استفذّت رجال دين مسلمين معتبرين إحدى جملها مستوحاة من القرآن الكريم.
3- أحمد قعبور
حين تذكر اسم أحمد قعبور ستراودك أغنية "أناديكم" وأغنية "يا رايح صوب بلادي" وأغنيات خاصة بشهر رمضان المبارك كـ"علوا البيارق" و"جيبوا الطرحة لبيروت". لقد مزج أحمد قعبور فنه الملتزم بأجواء أخرى وجعل لموسيقاه طابعاً وهوية تعرفها عند سماع نغمتها بطريقة بديهية.
4- خالد الهبر
خرج خالد الهبر من جلباب العود حاملاً الغيتار، فهو ليس الشيخ إمام عيسى كي يجلس على كرسيّ عازفاً. كانت أنغام الغيتار مطواعة بين يديه ليغني بالعربي والعامية للسنديانة الحمراء ولبيروت وشبابيكها ولصبحي الجيز.
5- سامي حوّاط
لم ير الجمهور يوماً سامي حوّاط بلا قبعته "البيريه"، ولو صادفوه دونها في الشارع لما عرفوه. قدّم سامي مع زياد الرحباني أعمالاً فنية في كاسيت "انا مش كافر" وانفرد في أعمال قدمها للرأي العام. فهو الفنان اليساري بالشكل والنغم.
6- جوليا بطرس
لمع نجم جوليا بطرس حين غنّت مع النجمة السورية أمل عرفة "وين الملايين"، وفي الثمانينات عرفها اللبنانيون والجنوبيون خصوصاً حين اشتهرت بأغنية "منرفض نحن نموت". كانت أعمالها ملتزمة بخط سياسي لا يخلو من أغان عاطفية واجتماعية كان المساهم الأول فيه شقيقها زياد.
7- أميمة الخليل
تفرّدت أميمة ببعض الأعمال خارج فرقة الميادينن بعدما شكّلت مع مارسيل خليفة ثنائيًّا على المسرح. كانت لها أعمال اشتهر منها "عصفور طلّ من الشباك" و" قلت بكتبلك" و"تكبر"، ولم تقف مسيرتها الفنية عند حدود، إلّا أن الجمهور ما زال يتوق لرؤيتها مع مارسيل خليفة لما قدماه سويًّا من أعمال مميزة.
8- جورجيب صايغ
نجمة لبنانية خرجت من مسرح الأخوين الرحباني لتحطّ في مسرح العبقري الصغير منهما. ولعلّ وجودها في مسرح زياد الرحباني جعل من الأغاني التي غنتها في المسرحيات مقصداً لليسار فقط دون أن يصبغها ذلك بطابعهم.
9- جوزيف صقر
إذا أوردنا اسم جوزيف صقر في آخر القائمة ليس انتقاصاً بل لتشويق الجمهور الذي يترصّد اسمه بين الأسماء، فهو الفنان الذي خسر مسرح زياد الرحباني وفنّه عاموداً أساسيّاً حين رحل وشكّل غيابه نكسة لجهور اليسار. قدم جوزيف صقر أجمل الأغاني وما كان الناس يميّزونه عن زياد ولا يفصلونه عنه.
10- عبّاس شاهين ما لا يعرفه البعض أنّ عباس شاهين شارك في أعمال غنائية مع زياد الرحباني، وعاد واستغل موهبته أحمد قعبور في الكثير من الأعمال، وهو اليساري الذي لا يخفي ذلك.