الموريسكيون، مصطلح بدأ استعماله عقب سقوط غرناطة، وأطلق على المسلمين الذين اختاروا البقاء في شبه الجزيرة الإيبيرية ورضوا بالعيش تحت حكم الممالك المسيحية، ولا زال قسم منهم موجودًا في إسبانيا حتى يومنا هذا.
وتضمّ المجموعات مسلمي غرناطة بالإضافة إلى المدجنين وهم المسلمين الذين عاشوا تحت سلطة حكم الممالك المسيحية في شمالي إسبانيا، وذلك بعد سقوط طليطلة عام 1082 ميلاديًا.
كلمة موريسكو مشتقة من كلمة Maurus، وهي لفظة موريسكية تحمل في ثناياها احتقارًا وانتقاصًا، وتطلق على الموروس الذين بقوا وعمدوا بعد سقوط غرناطة أو احتفظوا سرًا بهوياتهم العرقية والثقافية ولم يتخلو عن جذورهم، كما تشمل أيضًا الذين طردوا من البلاد.
ترتبط القصة بنهاية حكم المسلمين في الأندلس الذي دام حوالي 781 سنة، حيث قام الملك أبو عبد الله الصغير محمد النصري بتسليم مفاتيح غرناطة عام 1492 ميلاديًا، لتتشكل معها أزمة خلّفت ضحايا من المسلمين واليهود وعدد من الطوائف المسيحية.
وعانى المسلمون تهميشًا منهجيًا وإقصاءًا وتمييزًا عنصريًا تحت حكم الإسبان الكاثوليك، ليجبروا على اعتناق المسيحية إكراهًا، فيما اضطر الكثير من الأندلسيين وعلى الرغم من وضعهم المرير على إخفاء هوياتهم والعيش حياة مزدوجة من أجل البقاء في بلادهم، هم مسيحيون في العلن ومسلمون سرًا.
كذلك قام كثر من الموريكسيين وعقب سقوط دولتهم، باستخدام لغة خاصة تدعى "ألخميادو"، يستخدم فيها الأحرف العربية لكتابة الكلمات الإسبانية.
تغيير الدين والأسماء واللغة، لم يحمهم جميعًا، إذ ومنذ خضوع غرناطة للحكم المسيحي الجديد الذي افتتحت عهده الملكة إيزابيلا وزوجها فرناندو، تمّ نقد العهود والوعود بمنح الأمان للجميع حيث فرض على الأندلسيين تغيير ألقابهم وأسمائهم ونقض عهد التسليم بعد انقضائه بـ 10 سنوات فقط، وتمّ منعهم من ممارسة الشعائر الإسلامية والاحتفال بالأعياد والحديث باللغة العربية حتى وصل الأمر بمنع الأزياء العربية كذلك، ضمن حملة لاجتثاث ثقافتهم.
فأقيمت محاكم التفتيش في غرناطة عام 1478 وشرعت في التمييز ضد كل من يتهم بعدم الالتزام بالقيم المسيحية، ليعلن بعد ذلك الكاردينال فرانشيسكو خيمينيث دي ثيسنيروس إغلاق المساجد وتحويلها إلى كنائس، والبدأ في حملة تنصير جماعية للمسلمين.
لم يستسلم الموريسكيون لهذه القرارات، بل قاوموها دفاعًا عن أرضهم وإرثهم وهويتهم، فاستمرت هذه الحروب والانتفاضات سنوات عديدة، كان من أبرزها احتجاجات حي البيازين في غرناطة وذلك عام 1499، تلتها ثورة عام 1500 امتدت إلى جبال البشارات ومنطقة ألماريا واستمرت شعلتها فترات طويلة حتى عام 1571، إلا أنّ البطش كان لا يحتمل حيث عذب المسلمون وعانوا أشد الويلات، كي يجبروا على اعتناق المسيحية.
ليصدر عام 1609 قرار بطرد الموريسكيين من عموم إسبانيا، وتستمر عملية الطرد سنوات كان آخرها عام 1614، ليبلغ عدد من أجبر على مغادرة أرضه قصرًا حوالي 300 ألف موريسكي، وانطلقوا باتجاه العالم العربي والإسلامي. لتعتبر كل تلك الممارسات إحدى أكثر الفصول السوداوية في العهد الإسباني، وإحدى أكبر عمليات التصفية والتهجير في تاريخ أوروبا آنذاك، لما خلفته من كوارث ومجازر.