تمهيداً ليوم الأمم المتحدة وهو الذكرى السنوية لإنشاء المنظّمة عندما دخل ميثاق الأمم المتحدة حيز التنفيذ في 24 أكتوبر 1945. شهد المهرجان الذي تنظمه جمعيّة "معمل 961-للفنون" بالشراكة مع مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت والسفارة التشيكية في بيروت ومنظمة أمم للتوثيق والأبحاث مشاركة مجموعة من الممثلين والممثلات والمخرجين والمخرجات والطلاب وعدد من وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية، فأتاح للحضور فرصة الالتقاء بمخرجين عالميين وتبادل الخبرات.
واعتبر مدير المهرجان هيثم شمص أن ما يميّز المهرجان بدورته السّادسة هذا العام هو "النجاح في تنظيمه واستضافة مخرجين دوليين على الرّغم من كل التحديات الناتجة عن الازمات المالية والاقتصادية التي يعاني منها لبنان". وأضاف شمص أن "تنظيم المهرجان بالشراكة مع مركز الامم المتّحدة للإعلام في بيروت احتفالاً بيوم الامم المتحدة هي خطوة مهمة يؤكد من خلالها المهرجان حرصه على دعم حقوق الإنسان والسلام في لبنان والمنطقة والعالم".
وعلى امتداد ثلاثة أيام، تخلل المهرجان عرض ستة أفلام بينها خمسة أفلام وثائقية طويلة وفيلم روائي قصير. وتلي بعض الأفلام حلقات نقاش مفتوحة مع أسئلة وأجوبة مع المخرجين، الأمر الذي يعتبره شمص "بالغ الاهمية لأنه يساعد الجمهور على التفكر بالعمل المعروض". وتأتي إنتاجات الأفلام المعروضة في هذا المهرجان من بلدان عدة، هي: الأردن وليبيا وإيرلندا وبولندا والدنمارك وألمانيا والجمهورية التشيكية والبيرو.
يركز المهرجان على أهمية المصالحة من أجل التقدم نحو مجتمعٍ مسالمٍ وعادلٍ للجميع عبر عرض أفلام تسلط الضوء على تجارب أشخاصٍ عايشوا العنف في الماضي أو يعيشونه في الحاضر. كما يقدم أفلاماً تعالج آثار الحروب كالتهجير، وتوثّق محاولات شخصية وجماعية لوضع حدٍّ للظلم والعنف. "دفعتنا الازمة التي يعيشها لبنان إلى التفكير بالأسباب التي أودت بنا إلى هذا الحال ووجدنا أن غياب المصالحة مع الماضي يعيق تطور لبنان وشعبه، لذلك اخترنا هذا العنوان لرفع الوعي حول أهمية هذه الخطوة لبناء حاضر ومستقبل أفضل".
تخلّلت الأمسية الافتتاحية عرض فيلم "يونغ بلايتو"(Young Plato) الحائز على عدد من الجوائز العالمية لمخرجه الإيرلندي ديلان ماك غراث الذي يزور لبنان للمرة الأولى من أجل المشاركة بالمهركان. وسلّط الفيلم الضوء على أهمية التفكير المستقل لحل النزاعات وخصوصاً في المناطق التي شهدت حروباً كايرلندا الشمالية. ومن خلال التركيز على أهمية الفلسفة في حياة الأطفال، يقدم الفيلم نموذجًا لبناء ثقافة السلام في الأوقات العصيبة. وتبعت الفيلم حلقة سؤال وجواب أتاحت للحضور مناقشة المخرج بموضوع الفيلم.
استقطب عنوان المهرجان وتلاؤم موضوع المصالحة مع الواقع اللبناني عدداً من الفاعلين المحليين. فاعتبر الممثل اللبناني عبد الرحيم العوجي ان "المصالحة هي خطوة أساسية لخلق حاضر ومستقبل أكثر استقراراً وسلاماً، وأنها يجب أن تبدأ من التصالح مع الذات". وأضاف: "من واجب كل شخص الاعتراف باخطائه حتى يتمكن من خلق علاقات صحية مع محيطه ومجتمعه".
من جهتها، قالت الممثلة اللبنانية ومديرة جمعية شمس أن "المصالحة مع الذات أساسية لخلق مجتمعات مسالمة "المصالحة مع الذات ضرورية لبناء مجتمعات مسالمة، وهذا أحد المتطلبات الأساسية في الوقت الحالي نظراً إلى الحروب والأزمات التي نشهدها منذ اننتشار جائحة كورونا". وأضافت حديب انه "من المهم جداً ان تدعم الأمم المتحدة في لبنان هذا النوع من المهرجانات لكننا نحتاج إلى دعم الدولة اللبنانية أيضاً للثقافة لبناء حياة اجتماعية صحية".
اعتبرت المخرجة البولندية هانا بولاك التي تشارك في المهرجان من خلال فيلمها "ملائكة سنجار" (Angels of Sinjar) أن "المصالحة تبدأ بمحاسبة مرتكبي الجرائم اما الخطوة الثانية فهي فهم أحداث الماضي والتعلم منها". وتسلّط بولاك من خلال فيلمها الضوء على تجربة حنيفة وهي شابة يزيدية نجت من هجوم ما يعرف بـ"تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) على الأقلية الدينية والعرقية اليزيدية في منطقة سنجار شمال العراق. ووثقت بولاك التي ترشحت لجوائز الإيمي والأوسكار تجربة في محاولتها العثور على أخواتها الثلاث اللواتي اختطفن على يد التنظيم.
ويُختتم المهرجان اليوم بعرض فيلم "ملائكة سنجار" تليه حلقة نقاش مع بولاك وحنيفة. ويتخلل الأمسية الختامية حلقة نقاش تحت عنوان "المنظور الرابع: رواية سجون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من بيروت". تسلّط الندوة الضوء على أهمية دمج الفن والأكاديميا والمناصرة أثناء مناقشة ثقافات وتاريخ السجن في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتتضمن ترجمة فورية باللغتين الإنجليزية والعربية.
تطوّع في تنظيم المهرجان عدد من الطلاب الجامعيين في مجالات الإعلام والإخراج والصّحافة. ويعتبر طالب الصحافة في الجامعة الأمريكية للعلوم والتكنولوجيا شربل تامر أن "التطوع في تنظيم هذا المهرجان هي فرصة لممارسة المهارات التي تعلمها في الجامعة كالتصوير وكتابة الأخبار الصحافية القصيرة. وكانت هذه الامسية فرصة لي لأتعرف على صحافيين وناشطين في مجال الإخراج والإعلام في بيروت".