في كلّ مرة أجلس في مقهى عام – شعبي -، أسترق السّمع لبعض الأحاديث من غير قصد، حيث تسود مصطلحات غريبة بعض الشيء، يستخدمها الشباب الذين تظنّهم لوهلة يتحدّثون عن أمر خطير، أو ربّما عن حبّ لا مثيل له، قد فرّق بين قطبيه الزمنُ، فإذا أنصتَ وتمّعنت جيّداً فستجد أن حديثهم هو عن إحدى الدراجات الناريّة الخارقة الحديثة!
الموضوع مضحك بعد الشّيء، لكنّه الحقيقة. فالدراجة النارية تُعتبر بمثابة الزوجة الثانية - إن صحّ التعبير - للرجال الذين يعتنون بها من دون ملل؛ يكتئبون إذا أصابها عطل أو وعكة ميكانيكيّة، وكأنّ الحياة لديهم تحوّلت إلى غيوم سوداء؛ ولن يهدأ البال إلا أن تخرج من العناية بصحّة جيّدة. ولا يقتصر الموضوع فقط على صحّتها وجمالها، كما هي الحال عند النساء، إذ الغيرة تنهش الشباب إذا اشترى أحد أصدقائهم آخر طراز، ويتغيّر لونهم فينظروا إلى دراجاتهم "بقرف" ويرمقونها بنظرات، وهم يهمسون في داخلهم :"ربما حان الوقت للتغيير!".
وهناك من يتكلّم بلهفة على دراجة الأحلام التي يُمكن أن تطير به، وتسافر إلى بلاد الواق- الواق من دون تعب، أو تلك المرصّعة قطعها بالألماس من دون مبالغة.
وأخيراً، بعد التكلّم عليها لمدّة نصف سنة على الأقلّ، أتت "عروسة الأحلام" وانقشعت الابتسامة من جديد، ليحتفل بها وكأن أحد أحلامه تحقق، وبات لديه زوجة ثالثة تُنسيه الثانية، ليعيش نكداً جديداً على مدار عامين قبل شراء دراجة جديدة.