يصادف الثامن من أيلول هذا العام، الذكرى الـ 48 لتولّي الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، مقاليد الحُكم في إمارة الفجيرة، خلفًا لوالده الشيخ محمد بن حمد بن عبدالله الشرقي، ليُكمل مسيرة بناء الوطن وتطوير أساساته في جميع المجالات التي ترتكز عليها الدولة وتنميتها المستدامة.
يشكل هذا التاريخ مناسبةً وطنيّةً هامةً في مسيرة دولة الإمارات، وإمارة الفجيرة، ويحكي تاريخًا حافلًا بالبذل والعطاء والمسؤولية، ويسطّر سجلًا وطنيًا مليئًا بالإنجازات المحلية والعالمية التي ساهمت في تعزيز مكانة دولة الإمارات على خارطة الدول الأكثر تقدمًا في العالم.
فمنذُ تولّيه، حُكم الإمارة، خطَت الفجيرة خطوات متسارعة نحو تنمية الإنسان وتطوير العمران، بفضل رؤية حكيمة، ومتابعة حريصة، وإرادة ثابتة في تنفيذ الخطط التنموية في الاقتصاد والتعليم والثقافة والعمران والصحة، والعمل الدؤوب في تخطيط وتنفيذ المشاريع التطويرية التي وضعت الإنسان على رأس أولوياتها، حتى أصبحت اليوم أرضًا خصبة للاستثمار الاقتصادي، ووجهة الثقافة المنفتحة، والسياحة الناجحة، وأرض الثروات البيئية الطبيعية، والمدينة الأولى في الأمن والأمان والاستقرار المعيشي .
القائد الوالد
ينبثقُ أسلوب حاكم الفجيرة، في القيادة والإدارة، من رؤيةٍ اتحاديّةٍ امتدت على مدار ما يربو على 50 عامًا من الحكمة والريادة الفكرية التي أسّس لها الآباء الأوائل للاتحاد، تحت راية الوحدة الوطنية، ومبادئ استشراف مستقبلٍ أفضل للمنطقة، وإيلاء الإنسان المركز الأول في الرعاية والخدمات المعيشية وتوفير سُبل الحياة الكريمة لكل من يعيش على أرض الإمارات.
وقد حرص، على نقل هذا الامتداد الوحدوي، والمنهج الوطني، وترسيخه في قلب كل من يحيط به، ابتداءً من أفراد المجتمع وحتى مؤسساته التي أوجِدت لخدمة الشعب، عبر تسخير كافة الموارد والإمكانيات لبناء مجتمع متماسك يحظى أفراده بالوعي والتمكين، ويسهم بفاعلية في تحقيق نهضة حضارية متميزة، تطبيقًا لدستور دولة الإمارات الرصين، ورؤية قادتها المخلصين وحكمة مؤسسيها الأوائل، على خُطى سديدة منذ قيام الدولة حتى اليوم.
البداية
شَبَّ الشيخ حمد بن محمد الشرقي على حب التعلم والمعرفة، وتشرّب مبادئ القيادة وأساليب بُعد النظر، مُستقيًا تلك السّمات الشخصية الفريدة من والده، ومتداخلًا مع بيئته التي وُلد وترعرع فيها على أرض الفجيرة الزاخرة بمعاني الثبات والعزم والطموح الذي لا يعرف حدًا ولا مستحيلًا. وقد حرص الأب الوالد على أن يحصل ابنه على المعارف الضرورية لبناء شخصيته وتكوين ذاته، فتلقّى سموّه تعليمه الأول في المدرسة الصباحية بالفجيرة، ثم غادر الوطن شابًا لإكمال دراسته العليا في اللغة الإنكليزية والعلوم العسكرية، ليكون شريكًا في رحلة البناء والتطوير.
ومنذ عودته إلى أرض الوطن، بعد استكمال دراسته الجامعية في كلية "لندن كوليدج"، وتخرجه من كلية "هندن" العسكرية، وكلية "مونز" التي تم دمجها لاحقًا بكلية ساند هيرست العسكرية في المملكة المتحدة، حرص الشيخ حمد ابن محمد الشرقي على الاهتمام بشؤون الإمارة، والانخراط في مجالات العمل الميداني لتطوير المنطقة الناشئة، متدرّجًا سموّه في المناصب التي تولّى مهامها، فحين كان وليًا للعهد تمّ تعيينه في منصب قائد الشرطة والأمن في الفجيرة، ثمّ عُيّن سموّه وزيرًا للزراعة والثروة السمكيّة بعد قيام الاتحاد في أوّل تشكيلٍ وزاريٍ للحكومة الاتحادية في التاسع من ديسمبر عام 1971، حيث نشطت بقيادة سموّه مشاريع الإنتاج الزراعي وبرامج دعم المزارعين والاستفادة من التجارب الدولية لإنجاح منظومة التنمية الزراعية والحيوانية في البلاد.
وبعد تشرين الثاني وفاة المغفور له، الشيخ محمد بن حمد بن عبدالله الشرقي عام 1974، وخَلَفًا لوالده، تولّى حُكم إمارة الفجيرة، ليبدأ بعقله الراجح، وشكيمته المتّقدة، وفطنته العالية، عهدًا جديدًا في تاريخ المنطقة، ويُكمل مسيرة بناء الوطن، ونمائه، ونهضته.
الأولى عالميًا في الأمن والاستقرار
في آب الماضي، حققت إمارة الفجيرة المركز الأول عالميًا في مؤشر الأمن والأمان والاستقرار المعيشي بحسب تقرير موقع الإحصائيات الرسمي الأميركي "نومبيو"، متصدرة 466 مدينة من حول العالم بنسبة فاقت 93 بالمئة. ويجسّد هذا الإنجاز تحت قيادة حاكم الفجيرة مستوى جودة الحياة الآمنة التي يحظى بها المواطنون والمقيمون على أرض الفجيرة، كما يعكس تكامل الجهود والعمل الجاد للمؤسسات الأمنية والشرطية والمجتمعية بتوجيهاته، لتكون الفجيرة المدينة الأقل إقليميًا في نسبة الجريمة والحوادث المقلقة بحسب إحصائيات القيادة العامة لشرطة الفجيرة، والوجهة الأكثر تفضيلًا للسكن والاستقرار المعيشي والاستثمار العالمي.
البناء والتطوير
برزت في عهده العديد من مشاريع البنية التحتية، والتطوير العمراني، التي ساهمت بشكلٍ مباشرٍ في خدمة الأفراد ورفع جودة حياتهم وتسهيل تنقلهم بين مختلف مناطق الإمارة التي تمتد على مساحتها الشاسعة، حيث وجّه بإنشاء شبكة الطرق الرئيسية والداخلية وتطويرها داخل المدينة والمناطق التابعة لها وتزويدها بالخدمات الضرورية، كما قفزت الفجيرة قفزات مشهودة في مجال العمران والبناء حيث شمَخت الأبراجُ والمباني الشاهقة جنبًا إلى جنب مع المعالم الأثريّة التي تزخر بها مناطق الفجيرة من القلاع والحصون التاريخية، وبيوت التراث، والمعالم الأثريّة القديمة التي وجّه سموّه بترميمها، والمحافظة على تاريخها وأصالتها لتُبرز حضارة المكان وتُعيد حضور الزّمان، وتستقبل الزوّار والسيّاح لتعرّفهم على تفاصيلها الزاخرة وتنقل صورةً حول حياة الإنسان الذي عاش فيها عبر القرون.
وتسارعت وتيرةُ العمل في استغلال الموارد البيئية والمواقع السياحية الطبيعية التي تنتشر في مختلف مناطق الفجيرة، ومن ذلك استثمار المناظر الخلابة للشواطئ الممتدة والمواقع البحرية والجبلية في إنشاء المزيد من وجهات السياحة الخدمية كالفنادق والمنتجعات السياحية والمواقع الترفيهية والخدَميّة لتحقيق تجارب فريدة للمقيمين والزوّار. ومن المعروف أنّ إمارة الفجيرة تضم عددًا من المحميات البرية والبحرية التي تحتوي على كائنات حية فريدة، وقد أولت حكومة الفجيرة بمتابعة صاحب السمو حاكم الفجيرة اهتمامًا منقطع النظير للمحافظة عليها، ومنها العمل في مشروع حدائق الفجيرة للشعاب المرجانية المستزرعة بهدف حماية البيئة البحرية وتنمية مواردها وتنشيط الجانب السياحي فيها.
وبفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي، شهدت إمارة الفجيرة نشاطًا اقتصاديًا كبيرًا في مجال الصناعات البترولية والملاحة البحرية، وتم إصدار العديد من المراسيم لتأسيس المؤسسات الاقتصادية الضخمة التي تعنى بتطوير الامارة في هذا القطاع الحيوي .
ولا زالت إمارة الفجيرة تخطو بقيادة الشيخ حمد بن محمد الشرقي خطوات حاضرة ومستقبلية مشرقة، مستندةً إلى حكمة قائدها وبصيرته الثاقبة في التخطيط والعمل الجاد، لتكون الفجيرة مدينةً عالميةً ، ضمن دولة عالمية السمات والأبعاد، تقدم نماذج استثنائية من المنجزات التنموية، وتحقق أرقامًا قياسية في مؤشرات التقارير العالمية، وتحت مظلة الحاكم وتوجيهاته السديدة؛ تتكاتف الأيدي والقلوب وتتكامل الجهود الفردية والمؤسسية لتحقيق مستقبل أفضل لإمارة الفجيرة، ودولة الإمارات العربية المتحدة.