دائماً ما يجذبنا في الدراما المصرية التفاصيل والعادات الجميلة، فهي تنقل لنا الواقع بحكايات الشارع المصري البسيط … وأبسطها أكلة الفسيخ.
بالطبع، معظمكم تذكّر مشهد الممثل أحمد حلمي في فيلمه "عسل أسود"، عندما تجمّعت العائلة وذهبوا إلى عطلة "شمّ النسيم" ليأكلوا الفسيخ على نهر النيل، لتتوالى الأحداث بشكل كوميديّ حين تذوّق أحمد حلمي بشخصية "مصري" السّمكة، وجعلنا نتساءل ماذا حلّ به؟! وما سر هذه الأكلة؟! حتى ظهر لي فيديو للمدوِّنة وصانعة المحتوى نسمى خضر، وهي تقوم بإعداد هذا الطبق المشهور لنغوص معها في الحديث عن هذا الطبق.
قالت نسمة لـ"النهار العربي" إن طبق الفسيخ هو بالأساس أكلة فرعونية، أي للمصريين القدماء، وهو عبارة عن سمك بوري، يُنقع في كمّية كبيرة من الملح لمدّة طويلة تماماً كالمخلّل، وعادة ما يتمّ أكله إمّا في عيد الفصح أو عيد الفطر. وأكملت بأن أكلّ الفسيخ "يحبّ اللمة"، أي لا يجب أن تأكله بمفردك، وأنت جالس على التلفاز، بل يُفضّل أن يُؤكل بمشاركة العديد من الأشخاص. كذلك يُفضّل أكله مع البصل، لأنه يقتل نسبة كبيرة من السّم في داخله، ويعود ذلك طبعاً للمدة الطويلة التي مكثّ فيها ليتخلّل.
وذكرت أنّ رائحته ليست جميلة، لكنها - بالطبع - ليست كذلك لمن يحبّه؛ ويجب بعد الانتهاء من هذه الوجبة شرب الكثير من الماء، فالمشروبات الغازية أو الشاي يسبّب حذاقة في الطعم.
استخدم الفراعنة أنواعاً مختلفة من الأسماك لإعداد الفسيخ مثل: البوري والشبّوط والبلوطي، وفق ما تُظهر رسومات جدران المقابر.
جاءت فكرة تمليح السّمك وتخزينه، نظراً لأنّ الصيد يقلّ في فترة الربيع كثيراً. ويُساعد الملح على حفظ السّمك لأطول فترة ممكنة. وبسبب تأثيره على الأسماك حيث يؤدّي إلى تفسّخها لتُصبح مفككة من الداخل، أطلق على هذه الوجبة اسم "الفسيخ".
تُعد مدينة دسوق الواقعة في محافظة كفر الشيخ أقصى شمال مصر، أشهر المدن المعروفة بإعداد الفسيخ، وهي المدينة التي تُلقّب بـ"عروس النيل".