النهار

حفل "ليلة أمل": نصرٌ لثقافة الحياة التي يستحقها اللبنانيون
المصدر: رفقا عطا الله
استمتع اللبنانيون بغناء هبة طوجي وعزف أسامة الرحباني. هما اسمان لم يحملا للبنان سوى الأمل. فخر لوطننا لبنان حضورهم بيننا. يحملان الوطن أينما حلّا. ما أجمل أن يكون وطنك جزءاً لا يتجزأ منك. فتكون له فخرًا كما هو فخر لك.
حفل "ليلة أمل": نصرٌ لثقافة الحياة التي يستحقها اللبنانيون
ليلة أمل / نبيل إسماعيل
A+   A-

لا يُمكن للإنسان العيش وسط البؤس والظلم والأزمات التي تحاصره. مهما  تعثر وهو يبحث عن الأمل، فسيعثر بالنتيجة على طريقة للنجاة، وسيتخطّى العوائق.

الشعب اللبناني في مهب الانهيار ومن دون مهرب، ويحاول التعايش مع الواقع المرير الذي يوثق الخناق حول رقبته. لكن  لحظة واحدة تكفيه كي يفصل نفسه عن واقعه الأليم. وكيف سيكون حاله لو طالت مدّة هذه اللحظة إلى ما يقارب الساعتين! لا شكّ أنّ المدّة أشبه شيء بالفترة العلاجيّة!

ففي حضرة الموسيقى تداوى النفوس، وفي حضرتها يتأمّل الإنسان وتتلاشى المتاعب. كذلك تُخاطب النوتات المشاعر الإنسانية من فرح، حزن، ابتسامة، ألم وبكاء. حتّى الذكريات والمواقف تتراءى أمامنا مع النغم.  

 في حفل "ليلة أمل" أمس، انسلخ كلّ لبنانيّ مقهور من آلامه لبعض الوقت، واستمتع بالنغمات، بالكلمات وبالمشهديّة.

استمتع الحضور بغناء هبة طوجي وعزف أسامة الرحباني اللذين حملا طويلاً للبنان الأمل أينما حلّا؛ فما أجمل أن يكون وطنك جزءاً لا يتجزّأ منّك كي تكن له فخرًا كما هو فخر لك.

 

مقاومة ثقافية وفنية

بحضور أكثر من خمسة آلاف شخص في "الفوروم دو بيروت"، وبمشاركة الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية وكورال صوت الجنة وفرقة كبيرة من الراقصين، أرّخ يوم الأحد الواقع في الثاني والعشرين من أيار انتصاراً لثقافة الحياة على ثقافة الموت. أعلنها أسامة الرحباني في كلمته في بداية الحفل كمقاومة ثقافية وفنية بوجه كلّ من يريد سحق وجه لبنان الثقافيّ المميّز.

يحقّ لنا الحلم والاستمرار. نقدّم فنًا لنظلّ منارة مختلفة عن كلّ من حولها. الفنّ والثقافة يرفعان اسم لبنان عاليًا في حين أن أهل السياسة والمال يشوّهان وجهه، حسب قوله. إذا أردت قتل شعب فاقتل ثقافته. وهذا ما يقوم به أهل السلطة بتغييبهم أيّ خطّة ثقافيّة وفنيّة عن خريطة أعمالهم.

 

من أرشيفها الغنائي

وللغناء على أرض الوطن طعم مختلف، ووقع خاصّ، بعد غياب، حيث اشتاق اللبنانيّون إلى الأمسيات كما اشتاقت بيروت إلى روح الحياة. تصاعدت نبضات قلب العاصمة ما إن تمّ عزف النشيد الوطني. بعد ذلك، عرض شريط مصوّر وثق ما عانى منه الوطن في السنتين الأخيرتين.
ومن بين الجمهور، دخلت هبة وهي تؤدي أغنية "صار لازم غيّر النظام"، موجّهة رسالة أمل شدّدت فيها على أن الحياة أقوى من الموت والحبّ أقوى من الحقد.
كذلك حضر النقد الاجتماعي من خلال أغانٍ مختلفة: "عالبال يا وطنا"، "بلد التناقض"، و"قطيشة"، التي أدّاها نادر الخوري، في الوقت الذي لم تغب الأغاني ذات الطابع الوطني من خلال "بغنيلك يا وطني"، "وحياة لي راحوا" و"لمعت أبواق الثورة".

وكان للحبّ وخيباته حضور أيضًا من خلال الأغاني الآتية: "يمكن حبيتك"، "خلص"، "لا بداية ولا نهاية" و"أول ما شفتوا"، إضافةً إلى أغنية "مين اللي بيختار" التي أهدتها إلى كلّ امرأة لبنانية.

 

من ألبومها الجديد

قدّمت هبة للمرة الأولى خلال الحفل أربع أغانٍ جديدة، يتضمّنها ألبومها الغنائيّ المرتقب صدوره قريبًا؛ الأولى هي عبارة عن قصيدة من كلمات الشاعر الكبير منصور الرحباني بعنوان "راجع من رماده الفينيقي"، فيما الثانية مأخوذة من أغنية الفنّان البلجيكي الشهير جاك بريل La chanson des vieux amants، وهي من كلمات غدي الرحباني وموسيقى أسامة الرحباني، إضافةً إلى أغنية بعنوان "عبالي اهرب"، وأخرى بعنوان "زمان".
أربع أغانٍ كانت كافية لتزيد من فضولنا حول أغاني الألبوم الواعد والمنفّذ وفقًا لمعايير عالميّة.
 

مشاركة إبراهيم معلوف

كانت لافتة مشاركة عازف البوق العالمي والمؤلف الموسيقي إبراهيم معلوف في هذا الحفل، إذ أطلّ للمرّة الأولى لدى أداء هبة لأغنيتها المقتبسة من أغنية لجاك بريل. بعدها، قدّم مقطوعة الحريّة La mélodie de la liberté التي امتازت بتفاعل الجمهور معه، بعد أن طلب إليهم الهتاف. وفي نهاية الحفل، عاد وعزف أغنيتي "قطيشة" و"بلد التناقض".

 

إليسا مفاجأة الحفل

تخلّل الحفل عدة مفاجأت، بدءًا من الأغاني الجديدة، التي يتضمّنها ألبوم هبة طوجي الجديد، وصولًا إلى مشاركة الفنانة إليسا، التي قدّمت للمرة الأولى أغنية من ألبومها المرتقب، عبّرت فيها عن حبّها للوطن؛ وهي من كلمات الشاعر كمال قبيسي وموسيقى أسامة الرحباني.

كذلك عبّرت إليسا عن فخرها بهذه اللحظة قائلةً: "بفتخر اليوم إني كون يمكن عملت كلّ شي، اليوم بقدر قول إني عملت كل شي".

 

لفتة تكريمية لإلياس الرحباني

تكريمًا لروح إلياس الرحباني الذي رحل العام الماضي، قدّمت هبة طوجي وإليسا أغنيتين من ألحانه هما "حنا السكران" و"كان عنا طاحون". غادر هذه الحياة من دون أن نودّعه جرّاء جائحة أودت بحياة العديد من الأحبة. كان لديه نقمة على كلّ من يؤذي لبنان، وكان ليتضايق جرّاء أيّ كلمة سيّئة تصدر بحق الوطن. هكذا استذكره أسامة الرحباني.

 

تفاعل الفنّانين مع الحفل

أثنى العديد من الفنانين على حفل "ليلة أمل" كجورج وسوف، نانسي عجرم، رندة كعدي. إليكم أبرز التعليقات التي وردت على وسم ليلة أمل على تويتر.

 

حفل "ليلة أمل" أتى ليُضيء الظلام، وليُحيي الحياة في نفوس مفعمة بالأوجاع. أغانيه وضعت الإصبع على الجرح، واستشرفت إلى ما ستؤول إليه الأمور. هذا هو الفن الحقيقي ينقل لكم واقعكم، يُضيء على مكامن الخلل فيه، يوجّه لكم رسائل علّكم تعيرونها أهمية، يعبّر عن الحبّ كما يعبّر عن المجتمع، فما من تفرقة لديه. يتغنّى بجمال الوطن وبتناقضاته، ويدفعكم إلى القول "رزق الله شو كانت أحلى الدنيا إيام زمان".

شكرًا أسامة الرحباني وهبة طوجي وكلّ من شارك في هذا الحفل على منحنا الأمل بغد أفضل.

اقرأ في النهار Premium