تتعامل بعض الشعوب مع الرقص على أنّه وسيلة للتجلّي والابتهال إلى الإله الخالق، حتّى أنّ بعض الفئات الصوفيّة اتّخذت هذا المنحى وسلكت بالرقص مرحلة الانسلاخ عن الواقع للابتهال.
ويؤكّد الفيلسوف الطبيب ابن سينا، ارتباط الرقص بالعبادة، إذ يعتبر أنّ النفس هبطت إلى هذا العالم، وسكنت الجسد، ولا بدّ أن تحنّ وتضطرب وتخلع عنها سلطان البدن وتنسلخ عن الدنيا لتصعد إلى العالم الأعلى وتعرّج إلى المحلّ الأرفع.
إلّا أنّ الهندوس ذهبوا إلى ما لم تفكّر به الشعوب، حيث جعلوا للرقص إلهاً خاصّاً وأسموه شيڤا أو شِوَا.
هو الإله الأعلى في "الشيفاوية"، وهي أحدى الطرق الأساسيّة في الهندوسية ويسمّى أيضاً الإله المدمّر، ويرقى بمرتبته إلى جانب براهما الخالق وفيشنو الحافظ.
وفي عقيدتهم أيضاً، شيفا هو الذي خلق العالم، ثمّ دمّره ثمّ أعاد خلقه. والطريقة الشيفاوية المنسوبة له هي فلسفة وليست ديانة.
يرقص الهندوس لشيفا على إيقاع الطبل، فهو ينطق بصوت الإله الذي يحمل بشعره الطويل نهر الغانج المقدّس.
أمّا أتباعه فهم معروفون في أرجاء الهند بزهدهم وابتعادهم عن الدنيا، وغالباً ما يخرجون من منازلهم فيطلون وجوههم بالرماد لأداء طقوس التطهير الذاتيّ.
وفي متحف اللوفر الموجود في أبو ظبي، تمثالٌ للإله الراقص، حيث ورد في بطاقة التعريف: "تتنوّع الصور الرمزية للإله شيفا في الهندوسية تنوعًا خاصًّا، إذ يظهر هنا بأربعة أذرع في هيئة تجمع بين الشكل البشري والخيالي. يُصوَّر الإله شيفا - وهو أقنوم في ثالوثٍ إلهيّ - على أنّه إله الدمار الدوري للعوالم، إلى جانب براهما الخالق وفيشنو الحامي الكون."
ويحمل شيفا من التناقضات ما يجعله يرعى عِباده الأتقياء ويدمّر العالم في نهاية الدورة الكونية، ويقود العالم إلى التحرّر عبر سحق الجهل. ولكونه زاهداً وسط عالم همجيّ، اعتُبر الإله شيفا الزوج والأب المثاليّ. وينهض من بين وظائفه المتعدّدة بوظيفة " إله الرقص أو "ناتاراجا" (Nataraja).