منذ عام مضى في محادثات الأمم المتحدة حول المناخ التي عقدت في غلاسغو باسكتلندا، أعلنت دول وبنوك وشركات عن مجموعة كبيرة من الخطط والتعهدات المتعلقة بالمناخ. وفي ما يلي نبذة عن التقدم الذي أحرز في بعض أهم الوعود منذ ذلك الحين.
*خطط خفض الانبعاثات على الصعيد الوطني
وافقت نحو 200 دولة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب26) العام الماضي على تحسين تعهداتها بشأن خفض الانبعاثات، المسماة بالمساهمات المحددة على المستوى الوطني، قبل حلول مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب27)، ولكن لم تلتزم بذلك سوى 24 دولة حتى الآن. ويسير العالم في مسار تخطي متوسط ارتفاع درجات الحرارة درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
ومن بين الدول التي تحسنت مستويات خفض الانبعاثات بها إندونيسيا وكوريا الجنوبية وأستراليا، إذ تعهدت هذه الدول بخفض الانبعاثات بنسبة 43 بالمئة بحلول عام 2030 مقارنة بالمستويات المسجلة فيها عام 2005.
وقدمت البرازيل خطة في مارس آذار تتيح فعليا زيادة الانبعاثات لمستوى أعلى من المنصوص عليه في تعهداتها لعام 2016، لكن فوز لويس إيناسيو لولا دا سيلفا يوم الأحد في انتخابات الرئاسة هناك يزيد الآمال في اتخاذ إجراءات طموحة لمكافحة إزالة غابات الأمازون.
ويخطط الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة، وهو ثالث أكبر مسبب للتلوث في العالم، لتحسين تعهده تخفيض الانبعاثات في عام 2023. وقاومت الصين الضغوط الواقعة عليها لتحسين تعهده بوصول مستوى الانبعاثات إلى ذروتها قبل عام 2030، وهو هدف لا يتناول التخفيضات الكبيرة الضرورية لتفادي الاحتباس الحراري الكارثي.
*إزالة الغابات
تعهدت أكثر من 100 دولة العام الماضي بإنهاء إزالة الغابات بحلول عام 2030. وتضمنت الدول الداعمة للتعهد البرازيل وإندونيسيا والكونغو، التي تحتوي مجتمعة على أكثر من 80 بالمئة من الغابات الاستوائية المتبقية في العالم.
ولكن لتحقيق ذلك الهدف، كان يستلزم تقليص المنطقة التي تزال منها الغابات بنسبة عشرة بالمئة كل عام بدءا من عام 2020. ولكن بدلا من ذلك، انخفضت نسبة إزالة الغابات العام الماضي بنسبة 6.3 بالمئة فقط، وفقا لمنصة الإعلان عن إزالة الغابات التي تتعقب التقدم المحرز في هذا الصدد.
ووصل مستوى إزالة الغابات في الأمازون إلى أعلى مستوياته منذ عام 2006، وتشير البيانات الحكومية الأولية إلى ارتفاعه بنسبة 23 بالمئة في التسعة أشهر الأولى من 2022.
وشهدت إندونيسيا تباطؤا في إزالة الغابات منذ عام 2016. ولكن الكونغو، التي تعهدت بتحسين إجراءات حماية الغابات بعد مؤتمر كوب26، أعلنت بدلا من ذلك عن خطط لفتح مناطق غير ملوثة من الغابات المطيرة وأراضي الخث الغنية بالكربون للتنقيب عن النفط والغاز.
*تعهدات بشأن غاز الميثان
حتى اللحظة، انضمت 119 دولة وتكتلا، ومن بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى تعهد مؤتمر كوب26 لخفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30 بالمئة عن مستويات 2020 بحلول عام 2030. ولكن 15 منها فقط طرحت خططا واقعية لفعل ذلك، وفقا لتقرير صادر هذا الشهر عن المعهد الدولي للموارد.
ومن المتوقع أن تقدم عدة دول استراتيجيات تتعلق بخفض غاز الميثان بحلول انعقاد مؤتمر كوب27 في مصر. وقد تطرح الصين أيضا مستجدات حول خطتها لبدء مراقبة انبعاثات غاز الميثان، وهو تعهد قطعته على نفسها بموجب الاتفاق بين الولايات المتحدة والصين المعلن عنه في غلاسغو.
ويأتي التركيز على غاز الميثان بعد تحذير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أكبر قفزة سنوية في مستويات تركيز غاز الميثان في 2021، منذ بدء توثيق السجلات قبل ما يقرب من 40 عاما.
*التخلي عن الوقود الأحفوري
تعهدت حوالى 20 دولة، منها ألمانيا والولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا، في تشرين الثاني الماضي بوقف التمويل العام لمشاريع الوقود الأحفوري خارج أراضيها بحلول نهاية عام 2022. إلا في ظروف "محدودة" تتوافق مع أهداف المناخ.
ومن المتوقع أن يشهد مؤتمر كوب27 اشتراك مجموعة دول جديدة في التعهد. كما تواجه الدول الموقعة ضغوطا لتحويل الالتزامات غير الملزمة قانونيا سياسات واقعية، وهو ما فعلته بعض الدول ومنها فرنسا.
ولم تنشر دول أخرى مثل ألمانيا والولايات المتحدة سياسات مشابهة. ويظل السؤال مطروحا عن مدى صرامة هذه الخطط. ودعت ألمانيا هذا العام إلى ضخ استثمارات جديدة في الغاز، بحيث تسعى جاهدة إلى استخدام بدائل لإمدادات الغاز الروسي، ويقول قادة حملات مكافحة تغير المناخ عن دعوة ألمانيا إنها قد تنتهك الالتزام.
ويأمل تحالف دولي حديث التأسيس يهدف إلى وقف العمليات الجديدة للتنقيب عن النفط والغاز، أن يعلن عن ضم أعضاء جدد في مؤتمر كوب27. ويعد تحالف "بلا نفط أو غاز" (بييوند أويل آند جاس)، الذي أسسته الدانمارك والسويد في محادثات المناخ العام الماضي، فرنسا والسويد من بين أعضائه، ولكن لم يفز بعد بدعم أي من كبار منتجي الوقود الأحفوري.
*100 مليار دولار بحلول 2023
تسبب عجز الدول الغنية عن تقديم التمويلات التي تعهدت بها إلى الدول الأفقر في تقويض الثقة في محادثات المناخ الأخيرة وزاد من صعوبة إحراز تقدم على المستوى الجماعي.
ويعود جوهر المشكلة إلى تعهد في عام 2009 من الدول المتقدمة بمنح الدول الأكثر فقرا 100 مليار دولار سنويا بحلول عام 2020. وأصبح المبلغ رمزيا، على الرغم من انخفاضه كثيرا عن المبالغ الواقعية اللازمة للدول الفقيرة لمواكبة الآثار القاسية لتغير المناخ.
وتخلفت الدول الغنية بمبلغ قيمته 16.7 مليار دولار عن المبلغ المستهدف في 2020 وأشارت إلى أنه لن يتم الوفاء به قبل عام 2023. وتشير تحليلات الحكومتين الألمانية والكندية إلى أن الدول الغنية ستقدم أكثر من 100 مليار دولار في الأعوام التالية لعام 2023.
*الأنشطة الخضراء
يؤدي تحالف غلاسغو المالي من أجل صافي انبعاثات صفري، الذي تأسس قبل محادثات الأمم المتحدة العام الماضي، دور المجموعة المظلية لشركات الخدمات المالية المتطلعة إلى تحقيق صافي انبعاثات صفري عبر مؤسساتها. وبلغ عدد أعضاء المجموعة الآن 550 عضوا، ومن بينهم أكبر البنوك وشركات التأمين وشركات إدارة الأصول العالمية الرائدة، ويصل مجموع أصولها إلى ما يزيد عن 150 تريليون دولار.
ووضعت 118 شركة لإدارة الأصول و44 مالكا للأصول و53 بنكا، منذ انضمامها، أهدافا قصيرة الأجل لخفض الانبعاثات، ويتوقع فعل المزيد في الشهور المقبلة.
وأطلق التحالف، الذي يقوده مارك كارني المحافظ السابق لبنك إنجلترا، مجموعة مشروعات لتعجيل التغيير في الاقتصاد الحقيقي، ومن بينها مشروعات للمساعدة في وضع معايير وأطر عمل للكشف وتحديد الأهداف.
ومع ذلك، تعرضت المجموعة وبعض أعضائها لانتقادات لعدم الإسراع في أعمالها بما يكفي، لا سيما فيما يتعلق بتوفير التمويل للشركات التي تتوسع في إنتاج الوقود الأحفوري. والأسبوع الماضي، انتقد نشطاء مكافحة تغير المناخ التحالف لإسقاط أحد الاشتراطات الذي يلزم الأعضاء بالتسجيل في حملة الأمم المتحدة لخفض الانبعاثات.
*معايير تقارير البيانات
تأسس مجلس معايير الاستدامة الدولية، الذي أعلن عن تأسيسه في مؤتمر كوب26، لترسيخ المعايير الأساسية للإبلاغ عن البيانات البيئية من الشركات على الصعيد العالمي، وسط شكاوى من المستثمرين والشركات بأن من الصعب مضاهاة أهداف الشركات.
ومنذ ذلك الحين، أعلن المجلس تعيين إيمانويل فابر، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي السابق لشركة تصنيع اللبن (الزبادي) الفرنسية دانون، رئيسا له وتعيين مجموعة قيادية رفيعة المستوى للاتفاق على المبادئ التوجيهية في الوقت المناسب لإطلاقها في عام 2023.
ومع ذلك، تحرك الاتحاد الأوروبي والجهات التنظيمية الأميركية لإطلاق اللوائح الخاصة بهم، وتختلف كلها اختلافات طفيفة جعلت الشركات تخشى من أنها قد تزيد من تكلفة الامتثال وتكون أقل وضوحا في نهاية المطاف.