النهار

إرث رامسفيلد بعد وفاته... بين الإشادة والتنديد
المصدر: "النهار"
اختلاف أميركي حول النظرة إلى مسيرته في وزارة الدفاع
إرث رامسفيلد بعد وفاته... بين الإشادة والتنديد
A+   A-

ترك وزير الدفاع الأسبق دونالد رامسفيلد، بعد وفاته منذ يومين عن عمر 88 عاماً، إرثاً مثيراً للجدل داخل الولايات المتحدة بسبب إشرافه على حربي العراق وأفغانستان. انتقدت رئيسة برنامج اللاعبين من غير الدول في "معهد نيولاينز" ومقره واشنطن رشا العقيدي رامسفيلد بشدة لأنه "مزّق العراق".

وكتبت عقيدي التي تتحدر من الموصل مقال رأي في صحيفة "نيويورك تايمس" سردت فيه مجموعة أخطاء كبيرة وقع فيها رامسفيلد في حربه، من بينها تبرير النهب الذي مارسه الجنود الأميركيون بعد اجتياح العراق وسقوط نظام صدام حسين واللذين شكلا الهدف الوحيد بالنسبة إليه وفقاً لرأيها.

وانتقدته أيضاً لأنه ناصر الاجتياح بناء على أدلة يسهل كشف زيفها ولإشرافه على حرب مطولة قُتل بسببها عشرات آلاف العراقيين، ولدعمه أساليب استجواب قاسية، ولإخفاقه في توقع اندلاع تمرد بوجه الاحتلال وهذا يعكس نقص فهمه للحرب نفسها، بحسب وجهة نظرها. سرّعت هذه الخطوات سقوط العراق في الهاوية ولم يعتذر على الألم الذي تسبب به.

لا تؤيد العقيدي صدام وترى فيه ديكتاتوراً كان يصعب إسقاطه من خلال تمرد داخلي. مع ذلك، تحمّل الكاتبة رامسفيلد المسؤولية عمّا وصل إليه العراق الذي بات دولة على الورق فقط كما باتت ديموقراطيته لعبة سياسية تستغلها الأحزاب الفاسدة لتتقاسم الثروات. وتشير إلى أن إيران أضحت صانعة ملوك مع وكلائها المسلحين الذين استطاعوا العودة إلى العراق فقط بسبب إسقاط صدام وهم يهاجمون المصالح الأميركية في تلك البلاد.

من جهته، دافع كبير المستشارين في وزارة الخارجية خلال إدارتي بوش الابن وترامب كريستشن ويتون عن رامسفيلد بشدة في مقاله الذي نشره موقع "ذا ناشونال إنترست". حتى أنه وصف رامسفيلد بأنه "آخر وزير دفاع جيد" حظيت به واشنطن.

لقد أنجز رامسفيلد إطاحة صدام و"طالبان" في العراق وأفغانستان بسرعة قياسية على الرغم من أن الجيش لم يكن قد خضع للتحديث حينها وكان ضحية تجاهل من الرئيس بيل كلينتون طوال ثماني سنوات. ولام بوش الابن ومستشارته للأمن القومي كوندوليزا رايس ووزير خارجيته كولن باول الذين لم تكن لديهم فكرة عن إدارة الحرب حتى أنّهم ظنوا أنّ إيران قادرة على أن تكون شريكتهم في الحرب، وهذا الافتراض هو الذي أدى إلى الكارثة بحسب رأيه.

تابع ويتون مقاله فكتب أنّ حل الجيش العراقي لم يكن فكرة رامسفيلد ولا تعيين بول بريمر مسؤولاً عن الملف العراقي. والتعيين هو خطوة من "مكائد" رايس وباول. ولم يكن رامسفيلد من اعتقد بأنّ إيران قوة خير في العراق. ولام ويتون أيضاً البيروقراطية الاستخبارية لتخييب ظن واشنطن أكثر من مرة عبر نشر الاعتقاد بأن صدام امتلك أسلحة دمار شامل.

وانتقد بوش أيضاً لتحويله المهمة في العراق إلى عملية لبناء الديموقراطية. ومع اعترافه بأن الجيش الأميركي شكل حتى الفترة الأخيرة نقطة تلاقٍ بين الأميركيين، كتب عن "كذب" جنرالات وخبراء دفاع على الشعب الأميركي حول التقدم الذي تم تحقيقه في مواجهة التهديدات القومية وطبيعة تلك التهديدات.

وكتب أن الجمهور أحب المؤتمرات الصحافية لرامسفيلد وكرهه الإعلام حتى أن البيت الأبيض شعر "بالغيرة" فوضع حداً لها. وذكر ويتون أن من "يشيطنون" رمسفيلد يريدون حجب عدم كفاءتهم مضيفاً أنه يمكن استخدام رامسفيلد جديد لتشذيب العيوب في مؤسسة الدفاع.

لا شك في أن حربي العراق وأفغانستان ستظلان ترخيان بثقلهما على النقاش الداخلي الأميركي لفترة طويلة وستصوغ إلى حد بعيد إرث كبار السياسيين الذين أشرفوا عليهما.

 

 

اقرأ في النهار Premium