استيقظت ناتاليا (72 عامًا)، الأحد، في كييف، على سلسلة انفجارات قوية هزت العاصمة الأوكرانية، للمرة الأولى منذ أواخر نيسان، بعد أسابيع من العودة إلى حياة شبه طبيعية في العاصمة رغم الحرب مع روسيا.
وشنّت القوات الروسية ضربات عدة استهدفت فجرا بنى تحتية للسكك الحديد في كييف على بعد عشر كيلومترات من وسط المدينة. وأفاد مراسلون ميدانيون لوكالة فرانس برس أن الجيش أقام ممرًا آمنًا في محيط بنى تحتية للسكك الحديد مانعًا الوصول إليها.
وقالوا إن الواجهات الزجاجية لمبنى مؤلف من عشرة طوابق تحطّمت بالكامل، وقرابة الساعة التاسعة (06,00 ت غ) تمكّنت فرق الإطفاء من إخماد النيران التي اندلعت فيه.
وأكّدت روسيا أنها دمّرت الأحد مدرعات سلمتها دول من أوروبا الشرقية لأوكرانيا في الضربات الجوية التي استهدفت كييف.
أ ف ب
من جهته، قال الجيش الأوكراني ورئيس هيئة السكك الحديدية إن روسيا قصفت العاصمة كييف بصواريخ كروز انطلاقا من بحر قزوين، اليوم الأحد، مستهدفة منشأة لإصلاح عربات القطارات في المدينة في أول هجوم من نوعه منذ أسابيع.
وذكر الجيش الأوكراني أن الدفاعات الجوية أسقطت صاروخ كروز قرابة الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي (0300 بتوقيت غرينتش).
وقالت شركة إنيرجوآتوم للطاقة النووية التي تديرها الدولة في منشور على تلغرام إن صاروخا روسيا كان متجها على الأرجح صوب كييف حلّق "على انخفاض خطير" فوق مفاعل كبير للطاقة النووية في منطقة ميكولايف الجنوبية.
وأكد أوليكسندر كاميشين، رئيس السكك الحديدية الأوكرانية، أن أربعة صواريخ دمرت منشأة دارنيتسيا لإصلاح عربات القطارات في شرق كييف لكنه نفى وجود أي عتاد عسكري في الموقع.
وقال "هدفهم (الروس) هو الاقتصاد والسكان المدنيين".
وتلعب خطوط السكك الحديدية دورا حيويا منذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير شباط الذي دمر الاقتصاد الأوكراني، إذ تم استخدامها كشريان تصدير بديل عن البحر الأسود المحاصر بسبب الحرب.
وكانت الصواريخ هي الأولى التي تضرب العاصمة منذ أواخر نيسان عندما قُتلت منتجة في راديو ليبرتي في ضربة صاروخية روسية أصابت المبنى الذي تعيش فيه.
وقالت القوات الجوية الأوكرانية في بيان "وفقا للبيانات الأولية، أطلق (الروس) صواريخ من طائرات تو-95 من بحر قزوين".
ودعا مستشار الرئيس الأوكراني ميخائيلو بودولياك الغرب إلى فرض مزيد من العقوبات على روسيا لمعاقبتها على الضربات وتزويد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة.
وكتب في تغريدة "يلجأ الكرملين إلى هجمات غادرة جديدة. الضربات الصاروخية اليوم على كييف ليس لها سوى هدف واحد... قتل أكبر عدد ممكن".
وحث رئيس بلدة بروفاري التاريخية التي تقع على بعد 20 كيلومترا من وسط كييف السكان على البقاء في منازلهم مع ورود تقارير عن انبعاث رائحة السخام من الدخان.
أ ب
أ ب
أ ب
- "يقصفون كل شيء" -
وقالت ناتاليا التي لم تشأ كشف اسمها الكامل لفرانس برس "سمعت ستة انفجارات تقريبًا عند الساعة 5,57 صباحًا"، علما أنها موظفة سابقة في الموقع الذي قُصف.
وأفادت معلومات أولية أن الانفجارات لم تسفر عن سقوط قتلى، وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو إن جريحا نقل إلى المستشفى.
وعملت امرأة في مكان قريب على تنظيف الزجاج المكسور في الشارع أمام مركز ثقافي تحطّمت نوافذه بسبب الانفجارات.
عمل ليونيد (63 عامًا) أيضًا في الموقع الذي قُصف، طيلة 45 عامًا.
وقال "ليس هناك أي هدف عسكري في الداخل، لكنهم يقصفون كل شيء".
ولفت إلى أنه لا يخاف على نفسه لأنه "عاش حياته"، لكنه يقلق على مصير أحفاده.
وتابع "لا نعلم إذا سيتكرر ذلك، لا يمكن التنبؤ".
تراجع الخناق على العاصمة الأوكرانية في نهاية آذار حين انسحبت القوات الروسية من منطقة كييف ومن شمال أوكرانيا لتركيز جهودها على دونباس في شرق البلاد والتي يسيطر عليها جزئيًا منذ العام 2014 انفصاليون موالون لروسيا.
وعاد نحو ثلثي سكان كييف البالغ عددهم نحو 3,5 ملايين شخص إلى العاصمة التي فرّ منها معظم سكانها في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط، حسبما أكّد فيتالي كليتشكو في 10 أيار الفائت.
واستأنفت السفارات الغربية التي هجرت كييف في بداية الحرب، نشاطاتها في العاصمة الأوكرانية.
وأشار رئيس بلدية كييف إلى أن السلطات لا يمكنها أن تعطي ضمانات أمنية، فيما يؤكد عدد من المسؤولين الأوكرانيين أن روسيا لم تتخلّ عن طموحها بالاستيلاء على كييف.
وكانت روسيا قد صرفت تركيزها عن كييف نهاية آذار ومطلع نيسان، لكنها عادت وقصفت المدينة في 28 نيسان خلال زيارة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
- "الناس خائفون" -
على شرفتها التي تبعد حوالى مئة متر من موقع القصف، تُظهر تيتيانا (58 عامًا) النوافذ العديدة المكسورة في المبنى الأبيض الذي تقيم فيه.
تقطن تيتيانا في بولندا، لكنها أتت إلى كييف من أجل زيارات عائلية. حين سُمع دوي الانفجارات، خرج الجميع، بحسب قولها.
وافاد سلاح الجو الأوكراني أن قاذفات روسية من نوع تو-95 متمركزة في بحر قزوين أطلقت فجرا صواريخ كروز باتجاه كييف تم تدمير أحدها.
وعلى مسافة قريبة، تضررت شقة فاسيل (43 عامًا) وتحطّمت النوافذ.
وقال حاملا أرنبين أبيضين في كيس بلاستيك "الناس خائفون الآن".
وعلى الرغم من الهجمات الروسية المستمرة على أوكرانيا والدمار واسع النطاق، لم تشهد كييف هجمات في الأسابيع القليلة الماضية بعد أن حولت موسكو تركيزها العسكري إلى الشرق والجنوب.
وعطلت صفارات الإنذار الحياة في العاصمة مرارا، لكن لم تحدث ضربات كبيرة على المدينة منذ عدة أسابيع.
وتمتد منطقة دارنيتسكي في كييف على الضفة اليسرى لنهر دنيبرو من ضواحي المدينة إلى شواطئ النهر، بينما تقع منطقة دنيبروفسكي في شمال المدينة بجانب النهر.
وقال أولكسندر جونشارينكو رئيس بلدية كراماتورسك في منطقة دونيتسك في الشرق إن ضربات ليلية استهدفت المدينة، مما أدى إلى أضرار واسعة النطاق لكن لم تقع إصابات.
وقال مسؤولون أوكرانيون أمس السبت إن القوات الأوكرانية استعادت السيطرة على مساحة من مدينة سيفيرودونيتسك في هجوم مضاد على القوات الروسية.