يدخل سباق انتخابات التجديد النصفي مرحلته الأخيرة مع انتهاء الحملات الاثنين، عشيّة استحقاق يُمكن أن يُغرق العهد الرئاسي لـجو بايدن وأن يُضعف الدعم الغربي لأوكرانيا وحتى أن يفتح المجال أمام احتمال عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى السلطة.
أدلى نحو 40 مليون أميركي بشكل مُبكر بأصواتهم، علماً بأنّ مراكز الاقتراع تفتح الثلثاء. وفي خطوة لافتة، دعا المالك الجديد لـ"تويتر" الملياردير إيلون ماسك الاثنين الناخبين في الولايات المتحدة لدعم المرشّحين الجمهوريّين.
وقال ماسك الذي يحظى بـ114 مليون متابع على "تويتر" في تغريدة: "يحدّ تشارك السلطة من أسوأ التجاوزات التي يمكن أن تصدر عن الحزبَين، لذا أوصي بالتصويت لكونغرس جمهوري، على اعتبار أن الرئيس ديموقراطي".
في الأثناء، أقرّ رجال الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين الاثنين بأنّ روسيا تسعى للتأثير على النتائج، مضيفاً: "لقد تدخّلنا، نقوم بذلك وسنواصل القيام بذلك. بحذر ودقة، بطريقة موضعية، بطريقة خاصة بنا".
يخضع بريغوجين لعقوبات أميركية وأوروبية وهو متّهم منذ سنوات عدّة بالتدخّل في الانتخابات الأميركية لاسيما الانتخابات الرئاسية عام 2016 التي أوصلت ترامب إلى السلطة.
وفي آخر تصريحات له، حذّر بايدن من أن الديموقراطية الأميركية على المحكّ، ومن المقرّر أن يختتم الرئيس الديموقراطي حملاته لدعم مرشّحي الحزب خلال تجمّع الاثنين قرب بالتيمور.
في المقابل، يشارك الملياردير الجمهوري في اجتماع الاثنين في أوهايو، وهي ولاية صناعية.
تظهر استطلاعات الرأي أنّ الجمهوريين يتّجهون لحصد الغالبيّة في مجلس النواب، مع تطلّع الحزب الذي يميل بشكل متزايد نحو اليمين المتطرّف إلى عرقلة مشاريع بايدن بتحقيقات مكثّفة ومعارضة لمشاريعه الإنفاقية.
ولم يستبعد الجمهوري كيفن مكارثي الذي من المرجّح أن يتولى رئاسة مجلس النواب، إطلاق إجراءات لعزل بايدن.
وقال مكارثي في تصريح لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية: "لن نستغلّ أبداً تدابير العزل لأغراض سياسية"، لكنّه استدرك: "لا يعني ذلك أنّ هذا التدبير لن يتمّ اللجوء إليه في حال استدعت الأمور ذلك".
لكنّ السؤال يحوم حول مصير الأغلبية في مجلس الشيوخ، في حين يعوّل بايدن على بقائها بيد الديموقراطيّين للاحتفاظ بقدرة على مقارعة الجمهوريين.
ومن شأن سيطرة الجمهوريون على الكونغرس بمجلسَيه أن يسقط الأجندة التشريعية للرئيس الديموقراطي.
وفي هذه الحال، ستطرح تساؤلات حول كلّ المسائل، من سياسات أزمة المناخ التي سيعرضها بايدن في مؤتمر الأطراف كوب27 المنعقد في مصر هذا الأسبوع، وصولاً إلى ملف أوكرانيا حيث لا يُبدي الجمهوريون حماسة للإبقاء على الوتيرة نفسها للمساعدات المالية والعسكرية.
وفي حين أصرّ مكارثي على دعمه النضال الأوكراني، قال في تصريح لـ"سي إن إن" إنّه لن يكون هناك أيّ "صكّ على بياض" على هذا الصعيد، في استعادة لموقف الجناح اليميني المتطرف المؤيد لترامب في حزبه.
ومن شأن المسار الذي ستسلكه الأمور الثلثاء أن يحدّد ما إذا الرئيس الذي يبلغ هذا الشهر الثمانين وهو الأكبر سناً في المنصب في بلاده، سيترشح لولاية ثانية أو سيعلن عزوفه عن ذلك، ما سيغرق حزبه في ضبابية جديدة.
"جرس إنذار"
تدور المنافسة حول جميع مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435 مقعداً، وثلث مقاعد مجلس الشيوخ البالغ عددها الإجمالي 100 مقعد وعدد من المناصب الحكومية.
في هذه الأثناء، مُنح المرشّحون الديموقراطيون دفعاً قوياً خلال الحملة الانتخابية من قبل السياسيّين الأكثر شعبية في الحزب، بمن فيهم الرئيسان السابقان باراك أوباما وبيل كلينتون في مسعى لتفادي "موجة" جمهورية متوقّعة.
لكن شعبية الحزب الديموقراطي تشهد تراجعاً منذ الصيف، مع تركيز الجمهوريّين في حملاتهم على التضخم المتسارع والجرائم والهجرة غير النظامية، وهي ملفات تثقل كاهل الإدارة الديموقراطية.
وقال الحاكم الجمهوري لفرجينيا غلين يونغكين: "سيكون ذلك جرس إنذار للرئيس بايدن". ويونغكين من الشخصيات الصاعدة في الحزب الجمهوري ومن المطروحة أسماؤهم للرئاسة في العام 2024.
ورغم أنّ السباق في مجلس الشيوخ يبدو محتدماً، إلّا أنّ الديموقراطيّين يأملون الاحتفاظ بغالبيّتهم الضئيلة في هذا المجلس بفضل نائبة الرئيس كامالا هاريس، صاحبة الصوت المرجّح.
وقال ديف واسرمان الكاتب في نشرة "كوك بوليتياكل ريبورت" إنّ المرشّحين الجمهوريّين يتمتّعون بأفضلية ضئيلة لدى الناخبين الذين لم يحسموا بعد قرارهم.
وقال واسرمان في تصريح لشبكة "إم إس إن بي سي" إنّ الجمهوريّين قد يكسبون ما بين 15 مقعداً و25 مقعداً في مجلس النواب، كما قد يكسبون المقعد الذي يمنحهم الغالبية المطلقة في مجلس الشيوخ.
وتُفيد الاستطلاعات بأنّ التنافس سيكون محتدماً في ولايات بنسلفانيا ونيفادا وإريزونا وجورجيا وويسكونسن ونيوهامشر وأوهايو. وأيّ من هذه الولايات قادر على قلب ميزان القوى.
خلال الحملة الانتخابية، ركّز الديموقراطيون على حقوق التصويت والحق في الإجهاض والرفاهية، وعلى التهديد الذي يمثله الدعم المتزايد بين الجمهوريّين المؤيّدين لترامب لنظرية المؤامرة السياسية.
في المقابل، ركّز الجمهوريّون في حملاتهم على أنّ التصويت للديموقراطيّين يعني أنّه لن تكون هناك نهاية للتضخّم المرتفع وتصاعد جرائم العنف، وذلك في إطار سعيهم إلى جعل الانتخابات النصفية استفتاءً على الرئيس.
ومع تراجع نسبة تأييد الرئيس إلى نحو 42 في المئة، تجنّب بايدن المشاركة في حملات انتخابية في الولايات حيث المنافسة محتدمة.