عرضت "النهار" في تقرير سابق الفرص السانحة أمام إيران للاستفادة من الانسحاب الأميركي في أفغانستان. لن تكون الاستفادة من هذه الفرص مجانية بالنظر إلى سلسلة التعقيدات التي تعيق تعاون "طالبان" مع إيران بسبب الاختلاف الإيديولوجي-الديني بينهما، كما بسبب الحوادث الخطيرة التي طرأت على العلاقات الثنائيّة كما حصل سنة 1998.
حينها، قتلت "طالبان" ثمانية ديبلوماسيين إيرانيين في مدينة مزار شريف شمالي أفغانستان. وقفت إيران حينها إلى جانب "تحالف الشمال" المناهض للحركة. على إثر هذه الأحداث، كادت إيران تذهب إلى الحرب مع "طالبان".
هذه المرة، لا يبدو أنّ الحركة شنّت عمليات انتقامية ضد شيعة الهزارة خصوصاً في مدينة هرات. على العكس من ذلك، هي ضمّت مقاتلين شيعة إلى صفوفها. ويبدو أنّ هنالك المزيد من التعاون بين الطرفين بحسب التقارير الغربية.
ذكر الصحافي والمحلل في الشؤون الدولية محمد جواد موسوي زاده أن صوراً مثيرة للجدل ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي بيّنت قافلة شاحنات مقطورة يزعم أنها تنقل تجهيزات عسكرية من أفغانستان إلى إيران.
وكتب موسوي زاده في مؤسسة الرأي "ذا ناشونال إنترست" أنّ تقارير غير رسمية أشارت إلى أن إيران اشترت عربات همفي ومركبات مدرعة خفيفة من "طالبان" بهدف إجراء الأبحاث والهندسات العكسية. في هذه الأثناء، واجه الرئيس الأميركي جو بايدن انتقادات حادة بعد الصور التي أظهرت تجهيزات دفاعية أميركية بين أيدي الحركة.
وتوجه النائبان الجمهوريان جايمس كومر وغلين غروثمان برسالة إلى وزير الدفاع لويد أوستين لإعطاء معلومات عن خطط البنتاغون لاستعادة الأسلحة التي تُركت في أفغانستان. والرئيس السابق دونالد ترامب قال إنه "يجب طلب إعادة جميع التجهيزات فوراً إلى الولايات المتحدة، وهذا يتضمن كل سنت من كلفة الـ 85 مليار دولار" التي أنفقتها واشنطن على تسليح وتدريب الجيش الأفغاني.
لم تعلّق السلطات الإيرانية والأميركية على الصور، لكن من الواضح أنها توجّه ضربة جديدة لبايدن بحسب موسوي زاده. وقال وزير الدفاع في حكومة أشرف غني بسم الله محمدي خلال تغريدة نشر فيها إحدى الصور إن إيران "جار سيئ".
ويرى البعض أنّ "طالبان" ستكون بحاجة لتدفق الأموال من أجل تعزيز الاقتصاد الأفغاني. وبيع "طالبان" بعض هذه الأصول أو "الجوائز" الجديدة قد يؤمّن للحركة الأموال اللازمة لإدارة القطاعات العامة وبناء البنية التحتية.
من جهته، كتب المحلل الاستخباري غوران كيزيتش أنّ "إيران عقدت على الأرجح اتفاقات مع طالبان لشراء بعض هذه المركبات والتجهيزات لأهداف الأبحاث وإعادة الإنتاج. لذلك إذا وصلت قطع من مروحية أميركية أو طائرة بين أيدي الحكومة الإيرانية، فسيكون ذلك مغيراً جذرياً لتطوير المقاتلات العسكرية".
ومع أنّ قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكنزي قال إنّ الطائرات الأميركية المتروكة في أفغانستان غير قابلة للتشغيل وهي لن تطير مرة أخرى، سيكون بالإمكان عكس هندستها من قبل إيران أو أعداء آخرين لواشنطن.
وبحسب موسوي زاده، عززت إيران تواصلها الديبلوماسي مع "طالبان" قبل أشهر من انهيار الحكومة الأفغانية. حتى أنّ بعض التقارير أشارت إلى أنّ إيران أمّنت الدعم العسكري لـ"طالبان" لتسريع الانسحاب الأميركي من البلاد، علماً أنّ طهران تنفي هذه المزاعم.