النهار

انتخابات مصيريّة في تركيا... هل يطيح الأتراك بإردوغان؟
المصدر: أ ف ب- رويترز
انتخابات مصيريّة في تركيا... هل يطيح الأتراك بإردوغان؟
فرز للأصوات في مركز اقتراع في اسطنبول (14 أيار 2023، أ ف ب).
A+   A-
بدأ الأتراك، صباح اليوم الأحد، الإدلاء بأصواتهم في واحدة من أكثر الانتخابات أهمية في تاريخ تركيا الحديث الممتد على مدار مئة عام، والتي ستقرّر ما إذا كان الرّئيس رجب طيب إردوغان سيواصل حكمه الذي بدأه قبل عقدين.
 
وحتى قبل بدء عمليات التصويت، امتدت طوابير طويلة الأحد أمام مراكز الاقتراع في المدن الكبرى في تركيا وبين المقترعين سيلا البالغة من العمر 19 عاما والتي قالت "كانوا موجودين منذ أن ولدت، أريد التغيير!".
 
تلتقط سيرين (19 عاما) التي تحضر لامتحانات الجامعة صور سيلفي مع بطاقتها الانتخابية وتقول عن تصويتها للمرة الأولى "انا متحمسة جدا، لذلك جئت في هذا الوقت الباكر".
 
ويرفض عدد من الأشخاص المعارضين للنظام ذكر كنيتهم في بلد يخشى فيه من الانتقام.

ولن تقرّر الانتخابات الرئاسيّة والبرلمانيّة ليس فقط من سيقود تركيا- العضو في حلف شمال الأطلسي التي يصل عدد سكانها إلى 85 مليون نسمة - وإنّما أيضاً ستحدّد كيفيّة حكمها والاتجاه الذي سيمضي إليه الاقتصاد وسط أزمة محتدمة لغلاء المعيشة.

وتظهر استطلاعات الرأي تقدّماً بفارق ضئيل لكمال كليتشدار أوغلو المنافس الرئيسي لإردوغان. ويقود كليتشدار أوغلو تحالفاً من ستة أحزاب معارضة.
 
وإذا ما لم يتمكن أيّ منهما في الحصول على تأييد أكثر من 50 بالمئة من الأصوات من الجولة الأولى فإن جولة إعادة ستجري في 28 أيار.

ويصوّت الأتراك اليوم الأحد في واحدة من أكثر الانتخابات أهمية في تاريخ تركيا الحديث الممتد لمئة عام، والتي يمكن أن تطيح بالرئيس رجب طيب إردوغان بعد 20 عاماً في السلطة.
 

أ ف ب
 

 

وتجري الانتخابات بعد ثلاثة أشهر من وقوع زلازل في جنوب شرق تركيا أودت بحياة أكثر من 50 ألف شخص. وعبر الكثيرون في الأقاليم المتضرّرة عن غضبهم من بطء استجابة الحكومة الأولية للكارثة، لكن لا يوجد دليل يذكر على أن هذه القضية قد غيرت اتجاهات الناس في التصويت.
 
ثمة خمسة ملايين ناخب على غرار هاتين الشابتين سيلا وسيرين، يصوتون للمرة الأولى في هذه الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
 
ويصل عدد الناخبين المسجلين في تركيا إلى 64 مليون ناخب في حوالى 200 الف مكتب اقتراع، بعضهم مصممون على "استعادة كرامتهم" والبعض الآخر على "المضي قدما" بين السأم والأمل والخوف من الغد.

أ ف ب

ويختار الناخبون أيضاً برلماناً جديداً، ومن المحتمل أن يكون هناك سباق متقارب بين تحالف الشعب الذي يتألف من حزب العدالة والتنمية المحافظ ذي الأصول الإسلامية بزعامة إردوغان وحزب الحركة القومية اليميني وآخرين، وتحالف الأمّة بزعامة قليغدار أوغلو المكوّن من ستة أحزاب معارضة، بما في ذلك حزب الشعب الجمهوري الذي أسّسه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة.

 
 

تدلي نوركا سوير وهي تضع الحجاب بصوتها في حي أوسكودار المحافظ المؤيد للرئيس المنتهية ولايته على الضفة الاسيوية من البوسفور في اسطنبول، موضحة "أقول +استمروا+ مع اردوغان".
 
في هذا الحي صوت رجب طيب إردوغان ظهرا وسط حماية مشددة من الشرطة.

وقالت "كنا في ظل حكم جيد وستتحسن الأمور" رغم الأزمة الاقتصادية.
 
من جهته يقول رجب توركتان (67 عاما)، "ما يهم هو ألا تنقسم تركيا" التي تعد 85 مليون نسمة وتشهد انقساما عميقا.

من الجانب الآخر من البوسفور في شوارع منطقة شيشلي الأوروبية تظهر رغبة أيضا في الوحدة. وتقول هاندي تيكاي (55 عاما)  "سواء كنا متدينين أو علمانيين أو شيوعيين أو غير ذلك، يجب أن نعيش جميعنا معا بوئام".
 
 
الثامنة صباحا فتحت مراكز التّصويت أبوابها وتغلق في الخامسة مساء. وبموجب قانون الانتخابات التركي، يحظر إعلان أيّ نتائج حتى التاسعة مساء. وبحلول ساعة متأخرة اليوم الأحد قد يكون هناك مؤشر جيد على ما إذا كان سيتم إجراء جولة إعادة في انتخابات الرئاسة.

وسيلعب الناخبون الأكراد، الذين يمثلون 15-20 بالمئة من الناخبين، دوراً محوريّاً، ومن غير المرجح أن يحصل تحالف الأمة على أغلبية برلمانية بمفرده.

وحزب الشعوب الديموقراطي المؤيّد للأكراد ليس جزءاً من تحالف المعارضة الرئيسي، لكنه يعارض بشدّة إردوغان بعد حملة قمع ضد أعضائه في السنوات الأخيرة.

وأعلن الحزب دعمه لقليغدار أوغلو في السباق الرئاسي. وهو يخوض الانتخابات البرلمانيّة تحت شعار حزب اليسار الأخضر الصغير بسبب دعوى قضائيّة رفعها ممثّل ادّعاء كبير يسعى إلى حظر حزب الشعوب الديموقراطي بسبب صلته بالمسلّحين الأكراد، وهو ما ينفيه الحزب.

أ ف ب
 

- نهاية حقبة؟
إردوغان (69 عاماً) خطيب قوي وصاحب باع طويل في الحملات الانتخابية، وبذل قصارى جهده خلال حملته الانتخابية وهو يكافح من أجل اجتياز أصعب اختبار سياسي له. ويحظى بولاء قوي من الأتراك المتديّنين الذين شعروا في وقت ما أنّهم محرومون من حقوقهم في تركيا العلمانية. ونجت حياته السياسيّة من محاولة انقلاب في عام 2016 والعديد من فضائح الفساد.

ومع ذلك، إذا أطاح الأتراك بإردوغان، فسيكون ذلك إلى حدّ كبير لأنهم رأوا ازدهارهم ومساواتهم وقدرتهم على تلبية الاحتياجات الأساسية تتدهور مع معدل تضخم تجاوز 85 بالمئة في تشرين الأول 2022، إلى جانب انهيار الليرة.

أمّا قليغدار أوغلو (74 عاماً) فهو موظّف حكومي سابق ويعد بأنّه إذا فاز سيعود إلى السياسات الاقتصادية التقليدية.

ويقول أيضاً إنّه سيسعى لإعادة البلاد إلى نظام الحكم البرلماني، من النّظام الرّئاسي التّنفيذي لإردوغان الذي تمّ تمريره في استفتاء عام 2017. كما وعد باستعادة استقلال القضاء الذي يقول منتقدون إنّ إردوغان استخدمه في قمع المعارضة.

وخلال الفترة التي قضاها في السلطة، سيطر إردوغان بشدّة على معظم المؤسّسات التركية وهمّش الليبراليين والمنتقدين. وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الإنسان في تقريرها العالمي لعام 2022 إن حكومة إردوغان تسبّبت في تراجع سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان لعقود.

وإذا فاز قليغدار أوغلو فسيواجه تحدّيات في الحفاظ على تحالف معارض موحّد يضمّ قوميّين وإسلاميين وعلمانيين وليبراليين.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium