دخل الغزو الروسي لأوكرانيا شهره السادس غداة ضربات صاروخية استهدفت ميناء أوديسا، ما يهدّد تنفيذ الاتفاق بشأن استئناف تصدير الحبوب العالقة بسبب الحرب.
وأكدت موسكو الأحد أنّ ضرباتها دمّرت زورقاً حربياً أوكرانياً وصواريخ أرسلتها الولايات المتحدة كانت موجودة في ميناء أوديسا الحيوي لتصدير الحبوب الأوكرانية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية "صواريخ عالية الدقة بعيدة المدى أُطلقت من البحر دمّرت زورقاً حربياً أوكرانياً كان راسياً، ومخزوناً من صواريخ هاربون المضادة للسفن التي سلّمتها الولايات المتحدة لنظام كييف".
وأضافت الوزارة في بيان على "تلغرام"، "توقّف عمل مصنع لإصلاح وتحديث السفن التابعة للجيش الأوكراني".
وفي وقت سابق الاحد، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا أنّ الضربات الجوية دمّرت زورقاً حربياً أوكرانياً. وقالت في بيان نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي إنّ "صواريخ كاليبر دمرت بنى تحتية عسكرية في ميناء أوديسا بضربة عالية الدقة، مشيرة إلى غرق "زورق حربي".
وكانت روسيا قد نفت السبت تورّطها في هذه الضربات، وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار "أخبرنا الروس أنّ لا علاقة لهم مطلقاً بهذا الهجوم وأنهم يدرسون المسألة عن كثب".
وأثار الهجوم على الميناء مخاوف على مصير الاتفاق الذي يهدف إلى التخفيف من حدة أزمة الغذاء العالمية. وتمّ توقيعه في اسطنبول بعد أشهر من المفاوضات.
وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي إنّ الضربات على أوديسا تُظهر أنه لا يمكن الوثوق بموسكو للوفاء بوعودها، مضيفاً أنها قوّضت إمكان إجراء حوار أو تفاهم مع موسكو. وأضاف في خطاب ألقاه في وقت متأخر من الليل "هذه الهمجية الروسية الواضحة تقرّبنا أكثر من الحصول على الأسلحة التي نحتاج اليها لتحقيق نصرنا".
وبموجب الاتفاق الذي توسّط فيه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فإنّ أوديسا هي واحد من ثلاثة مراكز تصدير للحبوب.
وقال متحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية إنّ "ميناء أوديسا حيث كان يتم تحضير الحبوب للشحن، تعرّض للقصف"، مضيفاً "أسقطنا صاروخين، وضرب صاروخان آخران أراضي الميناء، حيث توجد حبوب".
من جهته، قال حاكم منطقة أوديسا ماكسيم مارشينكاو إنّ الضربات الصاروخية خلّفت جرحى كما أدت إلى أضرار في البنية التحتية لميناء أوديسا، من دون أن يحدد عدد الإصابات أو مدى شدّتها.
ويهدف الاتفاق الأول بين الدولتين منذ غزو روسيا لأوكرانيا في شباط إلى تخفيف "الجوع الحاد" الذي تقول الأمم المتحدة إنّ 47 مليون شخص إضافي يواجهونه بسبب الحرب. ويتضمّن الاتفاق نقاطاً تتعلق بتسيير سفن الحبوب الأوكرانية على طول ممرات آمنة.
وحُظر تصدير كميات ضخمة من الحبوب من الموانئ الأوكرانية بسبب السفن الحربية الروسية والألغام التي زرعتها كييف لتجنّب هجوم برمائي. وقال زيلينسكي إنّ حوالى 20 مليون طن من محصول العام الماضي سيتمّ تصديرها بموجب الاتفاق، مقدّراً قيمة مخزون الحبوب الأوكراني بنحو 10 مليارات دولار.
من جهة أخرى، أفادت الرئاسة الأوكرانية الأحد بأنّ الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في اسطنبول لم يؤدِّ إلى تغيير يذكر في ساحة المعركة، حيث كانت القوات الروسية تنفّذ عمليات قصف على خط المواجهة في عطلة نهاية الأسبوع.
- لا هدوء على الجبهات -
لا تعرف الحرب التي تدخل شهرها السادس هدوءاً على الجبهات في ميكولايف (جنوب)، وفي منطقة خاركيف الواقعة في الشمال الشرقي والتي تعدّ ثاني أكبر مدينة في البلاد، وفي منطقة خيرسون (جنوب)، وفي إقليمي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليين المواليين لروسيا في شرق أوكرانيا.
وأشارت الرئاسة الأوكرانية إلى أن "ميكولايف قُصفت من جديد" صباح الأحد بعدما استُهدفت مساء السبت بأربعة صواريخ كروز من نوع كاليبر، ما أدى إلى إصابة خمسة أشخاص بجروح من بينهم فتى، كما تضرّر عدد من المباني.
وعن منطقة خاركيف، قالت الرئاسة الأوكرانية إنّ "عدداً من المباني السكنية تضرّر، كما اشتعلت النيران في عدد آخر".
بالإضافة إلى ذلك، أفادت كييف عن وضعٍ مقلق في منطقة خيرسون التي احتلّت القوات الروسية جزءاً كبيراً منها منذ غزوها لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير، في الوقت الذي ينفّذ فيه الأوكرانيون هجوماً مضاداً هناك. وأوضحت الرئاسة الأوكرانية أنّ "سكان كلّ أحياء المنطقة (...) أفادوا عن سقوط عدّة قذائف ووقوع انفجارات".
إلّا أن مسؤولاً أكد الأحد أن كييف ستستعيد خيرسون بحلول أيلول/سبتمبر. وقال سيرغي خلان مساعد رئيس منطقة خيرسون في مقابلة مع التلفزيون الأوكراني "يمكننا القول إنّ منطقة خيرسون ستتحرّر بالتأكيد بحلول أيلول/سبتمبر وستفشل كلّ خطط المحتلّين".
واضاف "يمكننا الحديث عن انقلاب الوضع الميداني. خلال العمليات الاخيرة، كانت الافضلية للقوات المسلحة الاوكرانية".
- آلاف القتلى -
أدّت الحرب على أوكرانيا إلى سقوط آلاف القتلى ونزوح آلاف الأشخاص.
وبالرغم من أنه لا توجد حصيلة شاملة للضحايا المدنيين، لكنّ الأمم المتحدة أحصت ما يقرب من 5 آلاف حالة وفاة مؤكَّدة، من بينها أكثر من 300 طفل. إلّا أنّ العدد الحقيقي يبقى أعلى من ذلك بكثير. ففي مدينة ماريوبول (جنوب شرق) وحدها، تشير السلطات الأوكرانية إلى سقوط حوالى 20 ألف قتيل.
على المستوى العسكري، قدّر قائد القوات المسلّحة البريطانية الأدميرال توني راداكين الأحد الماضي عدد القتلى والجرحى من الجنود الروس بحوالى 50 ألف جندي، فيما أبلغت كييف عن مقتل 10 آلاف جندي في قواتها.
ولا توجد إحصاءات مستقلّة عن النزاع في أوكرانيا، حيث تمّ تدمير أكثر من 150 موقعاً ثقافياً بشكل جزئي أو كلي، وفقاً لليونسكو.
- بيونغ يانغ تتهم -
الى ذلك، اتهمت كوريا الشمالية، التي اعترفت رسمياً بمنطقتين انفصاليتين مواليتين لروسيا في شرق أوكرانيا، واشنطن الأحد بتصنيع أسلحة بيولوجية في أوكرانيا، مكررة اتهامات روسية كانت قد رفضتها الأمم المتحدة في آذار.
وقالت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية "كي سي ان اي"، إنّ واشنطن "أنشأت عدداً من المختبرات البيولوجية في عشرات البلدان والمناطق، من بينها أوكرانيا، متجاهلة المعاهدات الدولية". وأشارت إلى عناصر "مكتشفة" من قبل روسيا.
وكانت موسكو قد اتهمت واشنطن في آذار بتمويل أبحاث لتطوير الأسلحة البيولوجية في أوكرانيا.
وتنفي واشنطن وكييف وجود مختبرات لإنتاج مثل هذه الأسلحة في أوكرانيا. لكن الولايات المتحدة تعرب عن خشيتها من أن تكون هذه الاتهامات بمثابة تمهيدٍ لاستخدام موسكو الأسلحة البيولوجية في أوكرانيا.