النهار

عودة إردوغان… "السلطان المتمسك بالعرش"
المصدر: أ ف ب
عودة إردوغان… "السلطان المتمسك بالعرش"
إردوغان يدلي بصوته في مدرسة بإسطنبول في جولة الإعادة الرئاسية (28 أيار 2023، أ ف ب).
A+   A-
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فوزه بالانتخابات الرئاسية معربا عن شكره للجميع بعد أن أصبح من الممكن له أن يظل في السلطة للسنوات الخمس المقبل. واحتفل مع أنصاره بهذا الفوز في إسطنبول.
 
وبعد عقدين في السلطة، بدا إردوغان، مهددا بتداعيات الأزمة الاقتصادية واستئثاره بالسلطة. لكنه تصدّر نتائج الدورة الأولى لثالث انتخابات رئاسية يخوضها خلافا لكل التوقعات.

ويدا أن الرئيس التركي المنتهية ولايته (69 عاما) هو الأوفر حظا للفوز في الدورة الثانية في مواجهة مرشح المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو (74 عاما) زعيم حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديموقراطي) كما تكشف استطلاعات الرأي الأخيرة.

وعشية الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، اختار إردوغان زيارة ضريح رئيس الوزراء القومي الاسلامي السابق عدنان مندريس الذي أعدمه العسكريون، ويشكل مصدر إلهام له في السياسة، في محاولة لحشد تأييد القاعدة المحافظة.

وكان مندريس، الشخصية البارزة لدى اليمين المحافظ التركي أنهى في 1950 حكم حزب الشعب الجمهوري العلماني الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة.

وخلافا لانتخابات 2014 و2018 لم يفز بالمعركة من الدورة الأولى لكنه خاض الدورة الثانية الأحد من موقع قوة بعدما حصل على 49,5% من الأصوات مقابل 45% لمنافسه كيليتشدار أوغلو.

لا السجن ولا التظاهرات الحاشدة ولا حتى المحاولة الانقلابية عام 2016 نجحت في وقف صعود الرئيس. لكنه يواجه انتقادات شديدة بسبب وضع الاقتصاد التركي وغضب الناجين من زلزال السادس من شباط المدمر الذين تركوا لمواجهة مصيرهم في الأيام الأولى التي تلت الكارثة.

مع ذلك، أثبتت نتائج الدورة الأولى أن هذا المسلم المتدين المنادي بالقيم العائلية، لا يزال بطل الأغلبية المحافظة التي طالما ازدرتها النخبة المدنية والعلمانية.

أحدث إردوغان تحولًا عميقًا في تركيا من خلال مشاريع بنى تحتية ضخمة تضمنت بناء طرقات سريعة ومطارات ومساجد، وسياسة خارجية منفتحه على شرق آسيا ووسطها على حساب حلفاء أنقرة الغربيين التقليديين الذين حاول التقرب منهم اثر وصوله إلى السلطة.

رغم النفور الغربي تجاهه، سمحت له الحرب في أوكرانيا بالعودة إلى صدارة المشهد الدبلوماسي بفضل جهود الوساطة التي قام بها بين كييف وموسكو، إلى جانب تعطيله منذ نحو عام دخول السويد إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

لكن معارضي إردوغان يتهمونه بنزعة استبدادية، ولا سيما بعد المحاولة الانقلابية التي وقعت في تموز 2016 والتعديلات الدستورية عام 2017 التي وسعت صلاحياته.

- خطيب مفوّه -
غالبا ما يصور إردوغان في الغرب على أنه سلطان متمسك بالعرش. لكن الرجل الذي يحن الى الامبراطورية العثمانية والذي شيّد قصرا يضم أكثر من ألف غرفة في أنقرة، يواصل تقديم نفسه بصفته رجلا من الشعب في مواجهة "النخب".

واستند إلى هذه الصورة ليفوز في كل الانتخابات منذ تولى حزبه العدالة والتنمية السلطة في 2002. لكنه واجه هزات سياسية خصوصا عندما حرمته المعارضة في 2015 من غالبيته البرلمانية، ثم انتزعت منه رئاسة بلديتي أنقرة واسطنبول العام 2019. 

ورغم تباطؤ حركته في بعض الأحيان، لا يزال رجب طيب إردوغان قادرا على عقد ثمانية اجتماعات في يوم واحد، ويستعرض قدراته الخطابية مستشهدا بقصائد قومية وآيات قرآنية لإثارة الحشود.

ولد إردوغان في حي قاسم باشا الشعبي في اسطنبول وكان يتطلع الى احتراف رياضة كرة القدم التي مارسها لفترة قصيرة، قبل الانتقال إلى العمل السياسي.

تعلم أصول اللعبة السياسية داخل التيار الاسلامي الذي كان يقوده نجم الدين اربكان، ثم دفع الى الواجهة مع انتخابه رئيسا لبلدية اسطنبول في 1994.

في 1998، حكم عليه بالسجن مع النفاذ بعدما أنشد قصيدة دينية، في حادث ساهم في تعزيز موقعه.

وسنحت له الفرصة للانتقام عند فوز حزب العدالة والتنمية الذي شارك في تأسيسه، في انتخابات 2002. ففي السنة التالية أصبح رئيسا للحكومة وبقي في هذا المنصب حتى 2014 عندما أصبح أول رئيس تركي ينتخب بالاقتراع العام المباشر.

ويبقى إردوغان المتزوج والأب لأربعة أولاد، في نظر أنصاره الوحيد القادر على "التصدي" للغرب وقيادة السفينة عبر الأزمات الاقليمية والدولية. 

لكن منذ التظاهرات الكبيرة المعادية للحكومة والتي قمعت بعنف في ربيع 2013، أصبح اردوغان الشخصية التي تواجه أكبر قدر من الانتقادات في تركيا.

واجه الرئيس أشد اختبار ليل 15 الى 16 تموز 2016، خلال محاولة انقلابية دامية.

وطبعت في الأذهان صورة إردوغان شاحب الوجه، وهو يطلق نداء الى الشعب في تلك الليلة عبر شاشة هاتف نقال، ثم بعد ذلك وصوله مظفرا الى مطار أتاتورك القديم في اسطنبول عند الفجر معلنا هزيمة الانقلابيين.

اذا أعيد انتخابه في الدورة الثانية من الانتخابات الأحد، بعد عشر سنوات على حركة الاحتجاجات الواسعة في حديقة جيزي التي قمعها بشدة، فسوف يشدد قبضته أكثر على البلاد رغم استياء معارضيه.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium