في مدرسة ثانوية حُولت موقتًا مشرحة، نظر زوجان إلى مجموعة صور لجثث مشوّهة من جراء اصطدام ثلاثة قطارات في الهند، قبل أن تلفتهما واحدة قدّرا أنها تعود لابنهما البالغ 22 عامًا. حاولا عدم تصديق حدسهما لكن القلادة حول عنق صاحب الصورة أكّدت أنه نجلهما.
حاولت الأمّ كبت دموعها وألقت برأسها قليلًا على كتف زوجها بضع ثوان، قبل أن تشيح بنظرها عن حاسوب الموظف الذي يحاول تحديد هويات ضحايا واحدة من أسوأ كوارث القطارات في تاريخ الهند.
توافد أشخاص كثر إلى مدرسة باهاناغا الثانوية، على بعد أقل من كيلومتر واحد من موقع اصطدام القطارات الجمعة قرب بالاسور بولاية أوديشا الشرقية.
قُتل ما لا يقلّ عن 288 شخصًا في المأساة وأُصيب أكثر من 900 آخرين.
وكانت صحيفة "تايمز أوف إنديا" ذكرت الأحد نقلا عن تقرير التحقيق الأولي أن "خطأ بشريا" في تنظيم الإشارات المرورية قد يكون تسبب في التصادم، قائلة إن قطار "كوروماندا اكسبرس" الذي يربط بين كالكوتا ومادراس أعطي الضوء الأخضر ليسير على السكة الرئيسية لكن تم تغيير مساره بسبب خطأ بشري إلى سكة كان يستخدمها قطار للشحن.
اصطدم قطار الركاب بسرعة حوالي 130 كلم في الساعة بقطار الشحن، ما أدى الى انقلاب ثلاث عربات على السكة المجاورة واصطدامها بالجزء الخلفي من قطار سريع كان في رحلة بين بانغالور وكالكوتا، كما أضافت الصحيفة نقلا عن التقرير نفسه.
وقالت "تايمز أوف إنديا" إن انقلاب العربات هو الذي تسبب بالضرر الأكبر.
وقال أرفيد أغاروال المسؤول عن المشرحة الموقتة "كانت الجثث التي وصلت إلى هنا في حالة سيئة بالأساس"، مشيرًا إلى أن الحرّ الشديد "زاد من تشويه" الكثير منها.
أ ف ب
وفي مكتب مدير المدرسة، أوضح لوكالة فرانس برس أن "التحدي الأكبر يتمثل بالتعرّف" على الجثث.
إلى جانبه، جلست المتطوعة سيدارث جينا (23 عامًا) مع حاسوب فيه صور مرقّمة لكلّ الجثث التي انتُشلت وأُرسلت إلى المشرحة الموقتة منذ مساء الجمعة.
- أروقة جثث -
وكانت رائحة الجثث المتعفنة منتشرة في أرجاء المدرسة الثانوية.
في الخارج، جلس عشرات الأشخاص على أمل العثور على أقاربهم.
فور تعرّف أي أسرة على أقاربها في الصور، تحصل العائلة على إيصال يسمح لها برؤية الجثة. لكن العملية ليست بسيطة أبدًا.
وقال راناجيت ناياك، وهو الشرطي الموكل إخراج الجثث، "وصلتنا 179 جثة لكن تمّ التعرف على 45 منها فقط".
نُشرت جثث في أكياس بيضاء تحمل علامة "محددة الهوية" أو "غير محددة الهوية" على جانبَي ممر ملطخ بالدماء مساء السبت، فيما وُضعت أخرى في قاعات التدريس.
وأضاف الشرطي "وصلت جثث هي عبارة فقط عن جذع ووجه محترق بالكامل وجمجمة مشوهة ولم يتبق أي علامات هوية أخرى".
وتابع "هل تتوقعون أن تكون عملية التعرف على هذه الجثث سهلة على أحد؟"
وبدأ العمل في وقت متأخر من مساء السبت لنقل جثث مجهولة الهوية إلى مركز مجّهز بمرافق أفضل لحفظ الجثث بانتظار وصول العائلات القادمة من مسافات بعيدة.
وستُنقل الجثث المجهولة في مرحلة لاحقة إلى مشارح دائمة في المدينة.
بالنسبة للبعض مثل أبيجيت شاكرابارتي (27 عامًا)، انتهت مرحلة الانتظار إذ رأى صورة ظهر فيها سوار كان يرتديه صهره سوبهاشيش المفقود والبالغ من العمر 25 عامًا.
لكن يواصل آخرون بحثهم اليائس.
ونبّه المسؤول عن المشرحة الموقتة أرفيد أغاروال إلى أن بعض الأسر قد تحتاج لإجراء اختبارات الحمض النووي لتقديم المطابقات.
لم تصل نور جمال موندون (38 عامًا) من مقاطعة بردامان أي أنباء بعد عن شقيقه المفقود ياد علي (35 عامًا).
وقال موندون "سألنا في جميع المستشفيات وفي موقع الحادث طيلة اليوم... سننظر الآن من جديد الى الجثث في المشرحة".