تصوّت ألمانيا، الأحد، في أول انتخابات تغيب عنها أنغيلا ميركل منذ أكثر من عقد. لكن الأمر قد يستغرق بعض الوقت قبل أن تتضح هوية من سيخلفها في المستشارية.
فالمستشار لا ينتخب بشكل مباشر، بل يتمّ اختياره من خلال تصويت في البوندستاغ، مجلس النواب في البرلمان، بعد تشكيل الحكومة، ما يعني أن ميركل قد تبقى في منصبها لأسابيع أو حتى أشهر.
- محادثات استطلاعية -
بعد سنوات من ائتلافات مكونة من حزبين، يحتمل أن تكون هناك حاجة إلى ثلاثة أحزاب هذه المرة لتحقيق الأغلبية، وهو أمر شائع في البرلمانات الإقليمية في ألمانيا، لكنه ليس كذلك على المستوى الوطني منذ الخمسينات.
في معظم الأنظمة البرلمانية، يرشح رئيس البلاد حزبا لتشكيل الحكومة، عادة ما يكون الحزب الذي فاز بأكبر نسبة من الأصوات.
لكن في ألمانيا، يمكن جميع الأطراف المشاركة في ما يعرف باسم "المحادثات الاستطلاعية".
وفي هذه المرحلة الأولية التي لا تحدها مهلة، ليس هناك ما يمنع الأطراف من إجراء محادثات ائتلافية بشكل مواز، رغم أن التقاليد تنص على أن يقوم أكبر حزب بدعوة أصغر الأحزاب إلى المناقشات.
ودعا حزب الخضر إلى عقد مؤتمر حزبي السبت 2 تشرين الأول ليقرر خلاله مع من سيجري محادثات استطلاعية.
وقال أرمين لاشيت من تحالف ميركل المحافظ بين الاتحاد الديموقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي الأسبوع الماضي: "الشخص الذي سيحصل على الأغلبية في البوندستاغ سيصبح مستشارا"، لافتا إلى أن الطرف الذي يحتل المركز الثاني يمكنه أيضا بدء المفاوضات.
- اجتماعات أولى -
تبدأ المناقشات بمجرد ظهور النتائج مع تطلّع كل من الطرفين إلى اكتشاف الخطوط الحمراء لدى الطرف الآخر وتحديد ما إذا كان بإمكانهما العمل معا.
والاثنين، في اليوم التالي للانتخابات، ستعقد الأحزاب اجتماعات قيادية. وسيعقد النواب المنتخبون حديثا من كل حزب اجتماعاتهم الأولى الأسبوع المقبل، مع استعداد الحزب الديموقراطي الاجتماعي والاتحاد الديموقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي للاجتماع الثلثاء.
ويفترض أن يعقد البرلمان المنتخب حديثا جلسته الافتتاحية في موعد لا يتجاوز 30 يوما بعد الانتخابات في 26 تشرين الاول.
- مناقشة التفاصيل -
إذا اتفق حزبان أو ثلاثة من حيث المبدأ على الرغبة في تشكيل تحالف، ينبغي بعد ذلك بدء مفاوضات ائتلاف رسمية مع اجتماعات مجموعات عمل مختلفة لمناقشة القضايا المتعلقة بالسياسة.
وفي نهاية هذه المفاوضات، تقرر الأحزاب من سيكون المسؤول عن أي وزارة وتوقع عقد ائتلاف، وهو وثيقة تحدد شروط الاتفاق.
وهذه المرحلة ليست محددة بمهلة زمنية أيضا وبالتالي ستبقى الحكومة المنتهية ولايتها في مكانها حتى تشكيل الحكومة الجديدة.
ثم تسمي هذه الأحزاب مرشحيها لمنصب المستشار قبل التصويت الرسمي في البوندستاغ.
وعلى سبيل المثال، بعد الانتخابات الأخيرة في ألمانيا في 24 أيلول 2017، جرى تأكيد تعيين ميركل رسميا مستشارة في ائتلاف بين الاتحاد الديموقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الديموقراطي الاجتماعي في 14 آذار/مارس 2018.
- أسوأ السيناريوهات -
وفقا للمادة 63 من الدستور الألماني، على رئيس البلاد أن يقترح مستشارا محتملا للبوندستاغ.
إذا لم يظهر تحالف بين أحزاب، قد يرشّح الرئيس فرانك-فالتر شتاينماير من الحزب الاشتراكي الديموقراطي مستشارا محتملا سيكون على الأرجح من الحزب الذي فاز بأكبر نسبة من الأصوات.
وبعدها، يصوت البرلمان في اقتراع سري، مع حاجة المرشح إلى الغالبية المطلقة.
وإذا لم يحقّق ذلك، ينظم تصويت ثان بعد أسبوعين. وإذا لم تتحقق الغالبية المطلقة أيضا، يجرى تصويت ثالث فوري تكفي فيه الغالبية النسبية.
ثم يقرر الرئيس ما إذا كان سيعين المستشار كرئيس لحكومة أقلية أو حل البوندستاغ والدعوة إلى انتخابات جديدة.
وتم تجنب هذا السيناريو الأسوأ في العام 2017. فبعد مواجهة طريق مسدود في المفاوضات، حض شتاينماير الأطراف على الاجتماع مجددا مع الضغط من أجل تجديد ما يسمى الائتلاف الكبير.