قطعت إيران والسعودية شوطاً جديداً في المصالحة بينهما اليوم، بزيارة وزير الخارجية السعودي إلى طهران بعد سبع سنوات من القطيعة والعداء بينهما.
بعد نحو مئة يوم من الإعلان المفاجئ عن استئناف العلاقات الديبلوماسية، أعربت الرياض وطهران عن رغبتهما في أن "تنعكس عودة العلاقة الطبيعية بين البلدين إيجابياً على المنطقة والعالم الإسلامي والعالم أجمع"، وفق ما قال الوزير السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أول وزير خارجية سعودي يزور طهران منذ 17 عاماً.
بعد لقائه نظيره حسين أمير عبداللهيان، يلتقي الوزير السعودي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ويسلّمه دعوة من الملك سلمان بن عبد العزيز لزيارة المملكة العربية السعودية قريباً. ومن المفترض أن تضع هذه الزيارة اللمسات الأخيرة على عملية المصالحة التي أضفي الطابع الرسمي عليها في 10 آذار في بيجينغ، عبر اتفاق أبرم بوساطة الصين، الفاعل المهم الجديد في الشرق الأوسط.
قطعت المملكة الخليجية علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية عام 2016 بعد هجوم متظاهرين إيرانيين على سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، احتجاجاً على إعدام الرياض رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر. مذاك، تنامى بين القوتين المتنافستين العداء القائم أصلاً منذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979.
احترام "السيادة"
شدّد الوزير السعودي على أنّ العلاقات الثنائية الآن تقوم على "أساس واضح من الاحترام الكامل والمتبادل للاستقلال والسيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية". وأضاف أنّ التعاون بين الرياض وطهران مهمّ "في ما يتعلّق بالأمن الإقليمي، لاسيما أمن الملاحة البحرية والممرات المائية"، إذ يطل البلدان على الخليج الذي يمر عبره قسم كبير من صادرات النفط العالمية.
بدوره، أكّد أمير عبداللهيان أنّ "الأمن الإقليمي لا يمكن ضمانه إلا من الفاعلين الإقليميين"، في إشارة إلى رغبة طهران في إنهاء الوجود العسكري الأميركي في المنطقة.
وكانت واشنطن قد أعلنت في أيار تعزيز وجودها الإقليمي بسبب تزايد الحوادث في مياه الخليج، لا سيما احتجاز القوات الإيرانية ناقلات نفط.
بموجب المصالحة، أعادت إيران فتح سفارتها في الرياض في 6 حزيران، وعيّنت الديبلوماسي علي رضا عنياتي، نائب وزير الخارجية حتى ذلك الحين، سفيراً لها.
تأخرت إعادة فتح السفارة السعودية في طهران بسبب سوء حالة المبنى الذي تضرّر جراء هجوم المتظاهرين عام 2016. وسيتم تشغيلها مرة أخرى "قريباً"، وفق ما أشار فيصل بن فرحان من دون إعلان موعد محدد. وبانتظار الانتهاء من الأشغال، سيعمل الديبلوماسيون السعوديون في أماكن آمنة في فندق فخم في طهران، بحسب تقارير إعلامية.
أعقبت المصالحة الإيرانية - السعودية سلسلة من التغييرات في المشهد الدبلوماسي في الشرق الأوسط، فقد أعادت المملكة العربية السعودية علاقاتها مع سوريا التي استأنفت نشاطها الكامل في جامعة الدول العربية. كما كثّفت الرياض جهود السلام في اليمن حيث تقود تحالفاً عسكرياً يدعم الحكومة اليمنية ضدّ الحوثيين القريبين من إيران.
في الوقت نفسه، بدأت إيران عملية تطبيع مع الدول العربية الأخرى التي كانت على خلاف معها، ومن المتوقع أن تعيد علاقاتها قريباً مع البحرين ومصر.