تجاوزت حصيلة القتلى في غزة منذ السابع من تشرين الأول المنصرم عشرة آلاف قتيل، معظمهم من النساء والأطفال، وفقاً لحركة حماس، في حين دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف عاجل لإطلاق النار محذّراً من أن القطاع يتحوّل إلى "مقبرة للأطفال".
وإزاء أوضاع في غزة وصفتها الأمم المتحدة بأنها "كارثية"، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن ناقش الإثنين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي سبق أن رفض كل الدعوات لوقف لإطلاق النار، إمكان التوصل إلى "هدنات تكتيكية".
وجاء في بيان صدر عن البيت الأبيض أن "الزعيمين ناقشا إمكان (تطبيق) هدنات تكتيكية توفر للمدنيين فرصاً لمغادرة المناطق التي يدور فيها القتال بشكل آمن، (و)لضمان وصول المساعدات إلى المدنيين الذين يحتاجون إليها، وإفساح المجال لإطلاق سراح محتمل للرهائن".
ومنذ السابع من تشرين الأول تقصف إسرائيل قطاع غزة بلا هوادة رداً على هجوم مباغت شنته حركة حماس على البلدات الحدودية في إسرائيل وأوقع 1400 قتيل غالبيتهم من المدنيين الذين سقطوا في اليوم الأول للهجوم بحسب السلطات الإسرائيلية.
ومساء الأحد أعلنت إسرائيل التي توعّدت "القضاء على حماس" في غزة، تشديد القصف على القطاع حيث تشن قواتها منذ 27 تشرين الأول عملية برية موازية.
- "المسؤولية الأمنية الشاملة" -
والإثنين، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار في قطاع غزة ما لم تفرج حركة حماس عن الرهائن الذين تحتجزهم منذ شهر.
وقال نتنياهو في مقابلة تلفزيونية أجرتها معه شبكة "إيه بي سي نيوز" الأميركية إنّه "لن يكون هناك وقف إطلاق نار - وقف إطلاق نار شامل - في غزة من دون إطلاق سراح رهائننا"، معتبراً أنّه "في ما يتعلّق بوقف إطلاق النار لفترات قصيرة - ساعة هنا وساعة هناك - فهذا أمر سبق وأن حصل فعلاً".
كما أعلن نتنياهو أنّ "إسرائيل ستتولّى، لفترة غير محدّدة، المسؤولية الأمنية الشاملة" في غزة، معتبراً أنّه "عندما لا نتولّى هذه المسؤولية الأمنية، فإنّ ما نواجهه هو اندلاع إرهاب حماس على نطاق لا يمكننا تخيّله".
وبحسب المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة لحماس أشرف القدرة، فقد قُتل 292 فلسطينياً على الأقل ليل الأحد-الإثنين في غارات عنيفة شنّها الجيش الإسرائيلي، متهماً إياه "بارتكاب 19 مجزرة في الساعات الأخيرة".
وروى سعد أبو سارية في أعقاب قصف إسرائيلي لرفح أن الأمر كان "أشبه بمليون هزة أرضية متراكمة"، مشدّداً على أن "أي تحذير مسبق لم يصدر". وأضاف "تفاجأنا بالصواريخ تسقط على رؤوسنا من دون توقف".
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة لحماس في مؤتمر صحافي إنّ الحصيلة الإجمالية للضحايا في القطاع بلغت 10022 قتيلا، وذلك في اليوم الحادي والثلاثين للحرب.
وبحسب الوزارة، فإن الحصيلة تشمل أكثر من 4 آلاف طفل، وغالبية القتلى منذ بداية الحرب هم من المدنيين.
والإثنين أقرّت الولايات المتحدة بأن حصيلة الضحايا المدنيين بين قتلى وجرحى في غزة هي بـ"الآلاف"، علماً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن كان قد شدّد في نهاية تشرين الاول على أنه "لا يثق" بالحصيلة التي تعلنها حماس.
- "مقبرة للأطفال" -
وفي اليوم الـ31 للحرب، لا تزال تدور حرب شوارع بين الجنود الإسرائيليين ومقاتلي حماس، أعنفها في شمال القطاع حيث مدينة غزة المحاصرة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي تقسيم القطاع إلى شطرين جنوبي وشمالي.
وحضّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الإثنين على وقف إطلاق النار، محذّرا من أنّ القطاع يتحوّل إلى "مقبرة للأطفال".
وقال غوتيريس في تصريح لصحافيين في مقر الأمم المتحدة إن "الكارثة التي تتكشّف فصولها تجعل وقف إطلاق النار لدواع إنسانية أكثر إلحاحاً على مرّ الساعات".
وأضاف أنّ "الكابوس في غزة هو أكثر من مجرد أزمة إنسانية. إنها أزمة للبشرية".
وإذ جدّد إدانته لـ"أعمال إرهابية مروعة" ارتكبتها حماس، حضّها على "الإفراج الفوري والآمن وغير المشروط عن الرهائن المحتجزين في غزة" منذ السابع من تشرين الأول.
وشدّد الأمين العام على أنّ المساعدات الإنسانية التي تعبر رفح نحو القطاع المحاصر غير كافية.
ففي أسبوعين عبرت 400 شاحنة، مقابل 500 كانت تعبر يومياً، وقد شدّد على أنّها لا تلبّي على الإطلاق الاحتيجات الكبرى.
والإثنين، تم نقل مجموعة من الجرحى من قطاع غزة عبر معبر رفح، على أن يتم إجلاء عدد من الأجانب ومزدوجي الجنسية كذلك وفق حكومة حماس ومسؤول مصري.
وفي أنقرة، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الإثنين أنّ واشنطن تسعى لتأمين مزيد من المساعدات لغزة. وقال للصحافيين "أحرزنا تقدماً كبيراً في الأيام الأخيرة من أجل زيادة" المساعدة التي تصل لسكان غزة، مؤكداً أن "توقفاً (في المعارك) قد يساهم في ذلك أيضاً".
- إضاءة 1400 شمعة -
ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي أيّ هدنة في القطاع بدون الإفراج عن الرهائن. وأصرّ الإثنين على أنّ بلاده "تخوض معركة الحضارة مقابل الهمجية".
وأمام حائط المبكى (البراق) أضيئت 1400 شمعة في مراسم نظّمت بحضور عائلات ضحايا هجوم السابع من تشرين الأول.
وقرب الحدود مع غزة، أعرب جنود إسرائيليون شبان متمركزون في مواقع خلفية عن "افتخارهم" بخدمة بلادهم، من دون أن يخفوا خشيتهم من خوض معارك في "هذا المكان الرهيب".
وقتل 30 جندياً إسرائيلياً على الأقل، بحسب الجيش منذ بدء العملية البرية.
- "عنف المتطرفين" -
وفي قطاع غزة أحدث القصف الإسرائيلي المتواصل منذ شهر دماراً هائلاً وتسبب بنزوح 1,5 مليون شخص، وفق الامم المتحدة.
ويخشى المجتمع الدولي اتسّاع نطاق النزاع، خصوصاً في الصفة الغربية التي زارها بلينكن الأحد ودعا إلى وقف "عنف المتطرفين" ضد الفلسطينيين في الأراضي التي تحتلّها إسرائيل منذ العام 1967.
والإثنين قُتل ستة فلسطنيين بنيران القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بحسب السلطة الفلسطينية.
وقتل أكثر من 150 فلسطينياً في الضفة بنيران جنود أو مستوطنين إسرائيليين منذ بدء الحرب.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الإثنين توقيف الناشطة الفلسطينية عهد التميمي في الضفة "للاشتباه بتحريضها على العنف ونشاطات إرهابية في بلدة النبي صالح. وأحيلت التميمي على قوات الأمن الإسرائيلية لمزيد من الاستجواب".
ومنذ السابع من تشرين الأول، ينفذ الجيش الإسرائيلي حملات اعتقال واسعة في الضفة طالت أكثر من 2000 فلسطيني، وفق ما أعلن نادي الأسير الفلسطيني.
كما أعلنت الشرطة الإسرائيلية الإثنين مقتل شرطية متأثرة بجروحها اثر هجوم طعناً أمام مركز للشرطة في القدس الشرقية قرب باب العمود، مع "تحييد" المهاجم.
وتزداد المخاوف من احتمال توسع النزاع ليشمل لبنان مع تبادل يومي للقصف وإطلاق النار عند الحدود بين القوات الاسرائيلية و"حزب الله".
وفي اليمن، أعلن المتمردون الحوثيون شن هجوم جديد بمسيّرات على إسرائيل، وهو ما لم تؤكده على الفور الدولة العبرية.