أفرجت حماس الإثنين عن 11 من الإسرائيليين الذين تحتجزهم رهائن في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول مقابل إطلاق الدولة العبرية سراح 33 سجيناً فلسطينياً، وذلك في اليوم الرابع من اتفاق الهدنة الذي أبرمته إسرائيل والحركة واتّفق الطرفان على تمديده حتى صباح الخميس.
وعملية الإفراج عن الرهائن التي أعلن عنها الجيش الإسرائيلي بعد إعلان حماس وقطر عن تمديد الهدنة ليومين، ترفع إلى 50 العدد الإجمالي للإسرائيليين المفرج عنهم منذ الجمعة.
والرهائن الإسرائيليون الـ11 الذين وصلوا مساء الإثنين إلى إسرائيل هم جميعاً مزدوجو الجنسية إذ يحملون بالإضافة إلى جنسيتهم الإسرائيلية جنسيات تتنوّع بين فرنسية وألمانية وأرجنتينية.
والفرنسيون بحسب معلومات لوكالة "فرانس برس" هم ثلاثة قاصرين: ايتان (12 عاماً) وايريز (12 عاماً) وسهار (16 عاماً).
وقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان إنّ الإسرائيليين "المفرج عنهم من غزة هم 3 من حملة الجنسية الفرنسية و2 من الجنسية الألمانية و6 من الأرجنتين".
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الإثنين إنه "سعيد للغاية" بالإفراج عن القاصرين الفرنسيين-الإسرائيليين الثلاثة، مؤكداً مواصلة التعبئة "الكاملة" من أجل الإفراج عن كلّ الرهائن.
من جهتها، رحّبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الإثنين بالإفراج عن 11 رهينة بينهم "مراهقان ألمانيان".
ومنذ الجمعة، أطلِق سراح 39 رهينة بموجب الاتفاق، فضلاً عن 117 سجيناً فلسطينياً. كذلك، أُفرج عن 19 رهينة من خارج الاتفاق، غالبيتهم من التايلانديين الذين كانوا يعملون في إسرائيل.
وأعلنت مصلحة السجون الإسرائيلية ليل الإثنين-الثلثاء أنّها أطلقت سراح 33 سجيناً فلسطينياً مقابل الرهائن الـ11 الذين أفرجت عنهم حماس.
ولم تؤكّد إسرائيل على الفور تمديد الهدنة، فيما رحّب البيت الأبيض بالتمديد.
من جهته، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أنّ تمديد الهدنة يشكّل "بارقة أمل".
وبموجب اتفاق الهدنة الذي تم التوصل إليه بوساطة قطرية ومشاركة الولايات المتحدة ومصر، يتم الإفراج عن 20 رهينة إضافية يومي الثلثاء والأربعاء مقابل إطلاق إسرائيل سراح 60 سجيناً فلسطينياً.
وأعلنت إسرائيل أنّها أعدّت قائمة بأسماء 50 سجيناً فلسطينياً إضافياً من الممكن أن يتمّ إطلاق سراحهم خلال اليومين المقبلين إذا ما أطلقت حماس سراح مزيد من الرهائن.
وأعلن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية الإثنين أنّ وزير الخارجية أنتوني بلينكن سيزور مجدّداً إسرائيل والضفة الغربية بحلول نهاية الأسبوع.
وقال المسؤول طالباً عدم كشف هويته إنّ بلينكن "خلال هذه الاجتماعات في الشرق الأوسط، سيشدّد على الحاجة لمواصلة توفير مساعدة إنسانية لغزة، وضمان الإفراج عن كلّ الرهائن وتعزيز حماية المدنيين في غزة".
وأضاف أنّ بلينكن سيشدّد أيضاً على ضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلّة باعتبار أنّ هذا الأمر هو الحلّ الوحيد على المدى الطويل كما سيتطرق إلى الجهود المبذولة "لاحتواء النزاع".
"تحرير عدد أكبر من الرهائن"
ومن شأن تمديد الهدنة يومين أي حتى الساعة السابعة من صباح الخميس (الخامسة ت غ)، أن يتيح أيضاً دخول شاحنات محمّلة مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة المحاصر والمدمر من جراء قصف إسرائيلي عنيف تواصل مدى سبعة أسابيع رداً على هجوم غير مسبوق شنّته حماس على أراضي الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ "أدعو إلى تمديد الهدنة، هذا سيسمح بـ(إدخال) مزيد من المساعدات التي يحتاج إليها سكان غزة وبالإفراج عن مزيد من الرهائن".
وفي برشلونة، دعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى هدنة "مستدامة" بين إسرائيل وحركة حماس من أجل العمل على "حل سياسي" للنزاع.
وتسبّب الهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول بمقتل 1200 شخص في إسرائيل غالبيتهم مدنيون قضى معظمهم في اليوم الأول للهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية. واقتادت حماس خلال هجومها 240 رهينة نقلوا إلى غزة حسب الجيش الإسرائيلي.
وردّت إسرائيل بقصف مكثف على قطاع غزة ترافق منذ 27 تشرين الأول مع عمليات برية واسعة داخل القطاع، ما تسبّب بمقتل زهاء 15 ألف شخص بينهم أكثر من ستة آلاف طفل، وفق حكومة حماس. ويقدر الدفاع المدني في غزة عدد المفقودين بنحو سبعة آلاف شخص.
وتمّ الاتفاق بوساطة قادتها قطر وشاركت فيها الولايات المتحدة ومصر على هدنة لأربعة أيام تبدأ الجمعة ويفرج خلالها عن خمسين رهينة لدى حماس في مقابل إطلاق سراح 150 سجيناً فلسطينياً وإدخال مساعدات إنسانية إلى غزة.
وأكّدت إسرائيل أنّه يمكن تمديد الهدنة بشرط إفراج الحركة الفلسطينية عن عشر رهائن إضافيين كلّ يوم، في مقابل إطلاق سراح ثلاثة أضعاف هذا العدد من الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وأشار المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي الإثنين إلى أنّ حماس "تعهّدت الإفراج عن 20 امرأة وطفلاً" رهائن يومي الثلثاء والأربعاء.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب محادثات هاتفية مع بايدن إنّ ثمة ترتيبات "للإفراج عن عشر رهائن آخرين كلّ يوم، وهذه نعمة. لكنّي أخبرت الرئيس أيضاً أنّنا سنعود بعد الاتفاق إلى هدفنا: القضاء على حماس والتأكد من أن قطاع غزة لم يعد ما كان عليه" في السابق.
وأقرّت حكومة نتنياهو ليل الإثنين مشروع موازنة "حرب" بقيمة 30,3 مليار شيكل (7,5 مليارات يورو) ستطلب من الكنيست إقرارها.
وفي الضفة الغربية المحتلّة، نقلت حافلات تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر السجناء الفلسطينيين المفرج عنهم إلى رام الله وبيتونيا حيث كانت في استقبالهم حشود.
وفي بيتونيا، قُتل فجر الثلثاء شاب فلسطيني برصاص القوات الإسرائيلية خلال مواجهات دارت بين الجيش وفلسطينيين كانوا في استقبال السجناء المفرج عنهم، بحسب ما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية.
لم يدخل "أي وقود"
وإذا كانت الهدنة قد أتاحت فترة هدوء وجيزة لسكان غزة، فإنّ الوضع الإنساني في القطاع يبقى "خطراً" والاحتياجات "غير مسبوقة"، بحسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
ومنذ الجمعة، تمكّنت 248 شاحنة محمّلة مساعدات من دخول القطاع، بحسب الأمم المتحدة.
وقال المتحدث باسم الأونروا عدنان أبو حسنة لوكالة "فرانس برس" "علينا إرسال 200 شاحنة يومياً لمدّة شهرين على الأقل لتلبية الاحتياجات"، مضيفاً أنه "لا يوجد مياه شرب ولا طعام" في بعض المناطق.
وقال فؤاد حارة وهو نازح فلسطيني من مدينة غزة في تصريح لـ"فرانس برس" "نحن نعاني لأنه ليس لدينا طعام ولا ماء، ولا يقدمون لنا أي مساعدة. أطفالنا الخمسة ليس لديهم حفاضات".
وأكّد المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة منير البرش أنه "لم يتم إدخال الوقود إلى المستشفيات في مدينة غزة وشمال قطاع غزة منذ بداية الهدنة".
بدوره قال المسؤول في الوزارة محمود حماد إن الجرحى الـ156 الذين بقوا في مستشفى الشفاء، وهو الأكبر في غزة والذي سيطر عليه الجيش الإسرائيلي إلى أن انسحب منه الجمعة، "تم نقلهم إلى مستشفيات في جنوب" قطاع غزة.
ووصلت حاملة المروحيات الفرنسية ديكسمود التي تم إعدادها لتوفير الرعاية للجرحى في قطاع غزة، إلى ميناء العريش المصري الاثنين، حسبما قال مصدر في الميناء لوكالة "فرانس برس".
وتضرر أو دمر أكثر من نصف المساكن في القطاع بسبب الحرب، وفق الأمم المتحدة، فيما نزح 1,7 مليون من أصل 2,4 مليون نسمة.
وفرضت إسرائيل على القطاع الخاضع أصلاً لحصار منذ وصول حماس إلى السلطة عام 2007، "حصاراً مطبقاً" منذ التاسع من تشرين الأول وقطعت عنه الماء والغذاء والكهرباء والدواء والوقود.
والإثنين، دعا خبيران أمميان في حقوق الإنسان إلى إجراء تحقيقات مستقلّة في "ادّعاءات حول ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية" من كل الأطراف منذ السابع من تشرين الأول.