أعلنت إيران أنّها أطلقت صواريخ باليستية على أهداف في العراق وسوريا دفاعاً عن سيادتها وأمنها وكذلك لمواجهة الإرهاب.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني إنّ طهران تحترم سيادة الدول الأخرى ووحدة أراضيها لكنها في الوقت نفسه تستخدم "حقها المشروع والقانوني لردع تهديدات الأمن القومي".
واستدعى العراق سفيره لدى طهران للتشاور على خلفية الاعتداءات الإيرانية الأخيرة على أربيل.
كما استدعى القائم بالأعمال الإيراني في بغداد للاحتجاج على شن بلاده هجمات على عدد من المناطق في أربيل بإقليم كردستان العراق أمس الاثنين.
وكان الحرس الثوري الإيراني قد أكّد أنّه قصف بصواريخ بالستية ليل الإثنين-الثلثاء أهدافاً "إرهابية" في كلّ من سوريا وإقليم كردستان العراق، في هجوم وصفته واشنطن بـ"المتهوّر" وأوقع في أربيل أربعة قتلى مدنيين على الأقلّ.
وكشفت وسائل إعلام إيرانية، عما أسمته "خفايا" رجل الأعمال الكردي بيشرو دزيي، الذي قتل في قصف أربيل، وأشارت إلى أن "شركات دزيي مسؤولة عن تدريب المشاركين في الهجمات الإرهابية الأخيرة التي وقعت في محافظة كرمان جنوب ايران".
صورة متداولة لرجل الأعمال بيشرو دزيي.
وبيشرو دزيي هو "صاحب شركة فالكون غروب، والتي تعمل بشكل أساسي في الامن والإسكان والنفط، وتقدر ثروته بـ 2.5 مليار دولار ، ويعتبر من اغنى 10 اشخاص في الإقليم، وهو من المقربين من عائلة بارزاني الحاكمة للإقليم"، وفق وسائل إعلام ايرانية.
وبحسب الأخيرة، فإن “دزيي ومجموعة شركاته مسؤولة عن تدريب المشاركين في الهجمات الأخيرة التي وقعت في جنوب ايران”، مضيفة أن “شركاته تقوم بتشغيل متقاعدين عسكريين اميركيين في مهام أمنية”.
وقالت وزارة الخارجية العراقية في بيان إنّ بغداد أدانت اليوم الثلثاء "العدوان" الإيراني على أربيل الذي أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين في مناطق سكنية، وذلك بعدما قال الحرس الثوري الإيراني إنه هاجم "مقر تجسّس" إسرائيليّاً في إقليم كردستان العراق.
وجاء في البيان أنّ "الحكومة العراقية ستتخذ كافة الإجراءات القانونية ضد هذا السلوك الذي تعتبره انتهاكاً لسيادة العراق وأمن شعبه بما يشمل تقديم شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".
وذكرت وكالة الأنباء العراقية أنّ الخارجية استدعت القائم بالأعمال الإيراني ببغداد وسلّمته مذكّرة احتجاج على اعتداء أربيل.
ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "إرنا" عن الحرس الثوري قوله في بيان إنّه "دمّر مقرّ تجسّس" و"تجمّعاً لمجموعات إرهابية معادية لإيران" في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق.
كما أعلن جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم #كردستان العراق إسقاط ثلاث طائرات مسيّرة اليوم الثلثاء فوق مطار أربيل حيث تتمركز قوات أميركيّة ودوليّة أخرى.
ولم يذكر الجهاز في بيان أصدره ما إذا كان الهجوم قد أسفر عن خسائر بشريّة أو أضرار في البنية التحتيّة.
"متهوّرة وغير دقيقة"
وفي واشنطن، ندّدت المتحدّثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أدريان واتسون بـ"سلسلة ضربات متهوّرة وغير دقيقة"، مؤكّدة أنّه "لم يتمّ استهداف أيّ طواقم أو منشآت أميركية" في كردستان العراق.
لكنّ سلطات كردستان أكّدت مقتل "أربعة مدنيين" على الأقلّ وإصابة ستة آخرين بجروح، "حالة بعضهم غير مستقرة".
وأفاد مراسل لوكالة "فرانس برس" في المنطقة بأنه سمع دويّ انفجارات عدّة، مشيراً إلى أنّ الصواريخ أصابت منطقة سكنية راقية في الضاحية الشمالية الشرقية لأربيل.
وندّد رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني بـ"هذه الجريمة ضد الشعب الكردي".
ودعا بارزاني في بيان الحكومة الاتحادية إلى اتّخاذ "موقف صارم ضدّ هذا الانتهاك للسيادة العراقية"، مطالباً أيضاً المجتمع الدولي "وضع حدّ لهذه الهجمات الوحشية على شعب كردستان الأبرياء".
ويأتي هذا القصف الإيراني في وقت تشهد فيه المنطقة توتّراً متزايداً على وقع الحرب الدائرة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس والمخاوف من اتساع رقعة هذا النزاع.
وفي هذا السياق، حذّرت وزارة الخارجية الأميركية من أنّ القصف الإيراني "المتهوّر" لأربيل من شأنه أن يقوّض استقرار العراق.
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في بيان إنّ "الولايات المتحدة تدين بشدّة الهجمات التي شنّتها إيران على أربيل اليوم وتقدّم تعازيها لأسر القتلى. نحن نعارض الضربات الإيرانية الصاروخية المتهوّرة التي تقوّض استقرار العراق".
"الأراضي المحتلّة في سوريا"
وفي سوريا، طال القصف وفقاً للحرس الثوري "أماكن تجمّع القادة والعناصر الرئيسية للإرهابيين وخاصة تنظيم داعش، في الأراضي المحتلّة في سوريا".
من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنّ دويّ انفجارات عنيفة سُمع في مدينة حلب وريفها، مشيراً إلى سقوط "ما لا يقل عن 4 صواريخ جاءت من اتجاه البحر الأبيض المتوسط" وسقطت في ريف حلب.
وفي بيانه، قال الحرس الثوري إنّ قصفه لهذه المواقع في سوريا أتى "ردّاً على الفظائع الأخيرة للجماعات الإرهابية التي أدّت إلى استشهاد مجموعة من مواطنينا الأعزاء في كرمان وراسك".
وفي الثالث من كانون الثاني وقع تفجيران انتحاريان في مدينة كرمان بجنوب الجمهورية الإسلامية قرب مرقد القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني، وذلك خلال مراسم إحياء الذكرى السنوية لمقتله في كانون الثاني 2020 بغارة أميركية في العراق.
والتفجيران اللذان تبنّاهما تنظيم "الدولة الإسلامية"، أوقعا نحو 90 قتيلاً وعشرات الجرحى.
ويومها، قالت وزارة الاستخبارات الإيرانية إنّ "أحد الإرهابيين الانتحاريين من الجنسية الطاجيكية" فيما لم يتم التعرف بعد على هوية الثاني.
وفي كانون الأول قتل 11 شرطياً إيرانياً في محافظة سيستان-بلوشستان في جنوب شرق إيران تبناه تنظيم جهادي ينشط في هذه المنطقة الحدودية مع باكستان وأفغانستان.
وأعلن تنظيم "جيش العدل" مسؤوليته عن ذاك الهجوم. وشكّل تنظيم "جيش العدل" البلوشي العام 2012 عناصر سابقون في جماعة سنية متطرفة شنّت تمرّداً دامياً في المنطقة حتى العام 2010.
وفي تشرين الثاني 2022 شنّت إيران ضربات صاروخية عبر الحدود ضد مجموعات إيرانية-كردية معارضة متمركزة في شمال العراق تتّهمها طهران بتأجيج الاحتجاجات في الجمهورية الإسلامية.
وجاءت الضربات بعد انطلاق تحركات احتجاجية في إيران على خلفية وفاة مهسا أميني (22 عاماً) بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.
"الموساد" -
وفي بيان لاحق، قال الحرس الثوري إنّه "ردّاً على الأعمال الشريرة الأخيرة للكيان الصهيوني والتي أدّت إلى استشهاد قادة من الحرس الثوري ومحور المقاومة، فقد تمّ استهداف وتدمير أحد المقرّات الرئيسية للموساد الصهيوني في إقليم كردستان العراق".
وبحسب البيان فإنّ "هذا المقر كان مركزاً لتوسيع العمليات التجسّسية والتخطيط للعمليات الإرهابية بالمنطقة وداخل إيران على وجه الخصوص".
وتوعّد الحرس الثوري في بيانه بأنّ "عملياته الهجومية ستتواصل حتى الثأر لآخر قطرة من دماء الشهداء".