يبذل زعماء تكتل اليسار الذي تصدر الانتخابات التشريعية الفرنسية وتحالف الوسط، الذي احتل المركز الثاني بزعامة الرئيس إيمانويل ماكرون، جهودا حثيثة لمحاولة طرح تصورات لتشكيل حكومة.
واتهمت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن، اليوم الأربعاء، ماكرون بأنه السبب المباشر في المأزق السياسي الذي تشهده البلاد.
وانزلقت فرنسا إلى حالة من الغموض السياسي بعد نتيجة غير متوقعة للانتخابات التشريعية المبكرة التي أُجريت يوم الأحد وفاز فيها اليسار بشكل مفاجئ لكن دون أن يكون لأي تحالف أغلبية مطلقة تسمح له بتشكيل الحكومة منفردا بما لا يضع سبيلا واضحا لتشكيل حكومة مستقرة.
ومما زاد الأمور تعقيدا، اختلف قادة كل معسكر على الأطراف التي يجب التواصل معها في محاولة التوصل إلى اتفاق. كذلك تزايد التوتر داخل الأحزاب مع تضارب آراء الأعضاء وتنافسهم على النفوذ في ظل إعادة بناء المشهد السياسي الذي غيرته الانتخابات المبكرة جذريا.
وقد تقع أي حكومة، سواء من اليسار أو الوسط أو من ائتلاف أوسع، ضحية بسرعة للمعارضة في تصويت على الثقة إذا لم تحصل على تأييد قوي كاف.
وقالت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن للصحافيين لدى وصولها إلى البرلمان "نجد أنفسنا اليوم في ورطة. لا يستطيع أحد أن يعرف من أي معسكر سيأتي رئيس الوزراء ولا السياسة التي ستتبعها البلاد".
ونددت لوبن بصفقات سبقت الجولة الثانية من الانتخابات قالت إنها أبعدت حزب التجمع الوطني عن السلطة.
ولوبن هي الشخصية السياسية الأبرز في الحزب وزعيمته في حين يرأسه جوردان بارديلا.
ودعا ماكرون، الذي تنتهي ولايته الرئاسية في 2027، إلى انتخابات برلمانية مبكرة بعد هزيمة حزبه أمام اليمين المتطرف في انتخابات الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي، وقال إن ذلك سيوضح المشهد السياسي في البلاد وهو ما لم يحدث.
وقالت لوبن ساخرة "أقل ما يمكن قوله هو أن هذا ليس نجاحا كبيرا لإيمانويل ماكرون".
وفي ظل تحذيرات من وكالات التصنيف والأسواق المالية، تراقب المفوضية الأوروبية وشركاء فرنسا في منطقة اليورو الوضع عن كثب لمعرفة ما إذا كانت فرنسا ستتمكن من الخروج من ذلك المأزق.
البدائل
من المعتاد أن يطلب من يشغل منصب الرئيس من أكبر كتلة في البرلمان تشكيل حكومة، لكن ليس هناك في الدستور ما يلزمه بذلك.
والخيارات لهذا الوضع تشمل تشكيل ائتلاف حكم واسع أو وجود حكومة أقلية تمرر التشريعات والقوانين في البرلمان بناء على كل حالة على حدة باتفاقات في وقتها.
وقالت مصادر سياسية لرويترز إن الهواتف لا تتوقف عن الرنين وإن بعض الاتصالات يقوم بها من ينتمون للوسط على أمل التوصل لاتفاق مع حزب الجمهوريين المحافظ واستبعاد اليسار.
وقالت أورور بيرج، النائبة البارزة من حزب النهضة الذي يتزعمه ماكرون، لتلفزيون فرانس2 "أعتقد أن هناك بديلا عن الجبهة الشعبية الجديدة... أعتقد أن الفرنسيين لا يريدون تنفيذ برنامج الجبهة الشعبية الجديدة وأعتقد أنهم لا يريدون زيادات ضريبية".
وأضافت "نحن الوحيدون القادرون على توسيع" قاعدتنا.
وفي الوقت ذاته، ظهر قياديون وزعماء من اليسار في وسائل الإعلام للتأكيد على أن تصدرهم للانتخابات يعني أن يديروا الحكومة بوجود رئيس وزراء ومجلس وزراء من الأحزاب المختلفة للجبهة الشعبية الجديدة التي لم تتفق بعد بالتحديد عليهم.
وفي غياب اتفاق وتحديد لشخصية سياسية تتولى رئاسة الوزراء، يواجه اليسار منافسة متزايدة من اليمين والوسط.
وشددت كارول ديلغا من الحزب الاشتراكي على أن اليسار لا يستطيع أن يحكم بمفرده ويتعين عليه أن يمد يده إلى الآخرين ولكن على أساس برنامج الضرائب والإنفاق الذي تتبناه الجبهة الشعبية الجديدة.
لكن آخرين اتخذوا موقفا أكثر تشددا.
وقال مانويل بومبارد من حزب فرنسا الأبية لمحطة إل.سي.آي التلفزيونية "الجبهة الشعبية الجديدة لديها أكبر عدد من النواب في الجمعية الوطنية، وبالتالي فإن الأمر متروك للجبهة الشعبية الجديدة لتشكيل حكومة... وهذا ما نعمل من أجله".