النهار

هجوم على مصفاة نفط وقصف واسع النطاق على أوكرانيا... روسيا تعترف بأنّها في "حالة حرب"
المصدر: "أ ف ب"
هجوم على مصفاة نفط وقصف واسع النطاق على أوكرانيا... روسيا تعترف بأنّها في "حالة حرب"
ضابط إنفاذ القانون يقوم بدورية في مكان الهجوم المسلح على قاعة الحفلات الموسيقية في كراسنوغورسك، خارج موسكو (23 آذار 2024 - أ ف ب).
A+   A-
تعرّضت أوكرانيا الجمعة لقصف واسع النطاق أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل وانقطاع شديد للتيار الكهربائي، بينما أقرّ الكرملين بأنّ روسيا "في حالة حرب" في أوكرانيا، بعدما واظبت موسكو على استخدام عبارة "عمليّة عسكريّة خاصّة" للإشارة إلى الهجوم الذي شنّته على جارتها قبل أكثر من عامين.
 
استهدف قصف روسي ليلي كثيف شبكة الطاقة الأوكرانية. وأكّد الجيش الروسي أنه أتى ردّاً على الهجمات الأخيرة على مناطق عند الحدود مع أوكرانيا. وأفادت السلطات الوطنية والمحلية في أوكرانيا بمقتل خمسة أشخاص وإصابة نحو عشرين آخرين في منطقتي خميلنيتسكي (غرب) وزابوريجيا (جنوب).
 
في موسكو، أقرّ المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأنّ روسيا "في حالة حرب" في أوكرانيا. ومنذ بداية الغزو في شباط 2022، منع الكرملين استخدام كلمة "حرب" مع فرضه غرامات وأحكاماً بالسجن على من يستعملها، ومُبقياً التعريف الرسمي "عملية عسكرية خاصة".
 
واستخدم كثير من المسؤولين الكبار مدى عامين، كلمة "حرب" في تصريحات عامة، ولكن في إشارة إلى الحرب التي يقولون إنّ الغرب يشنّها ضدّ روسيا عبر أوكرانيا، وليس في ما يتعلّق بالهجوم الروسي نفسه.
 
وقال بيسكوف في حديث إلى صحيفة روسية مقرّبة من الكرملين نشر الجمعة "نحن في حالة حرب. نعم لقد بدأ الأمر كعملية عسكرية خاصة، لكن مذ تشكّلت هذه المجموعة، مذ شارك الغرب مجتمعاً في كل هذا إلى جانب أوكرانيا، بالنسبة إلينا، أصبحت حرباً".
 
 
هجوم مسيّرة على مصفاة
اندلع حريق اليوم في مصفاة لتكرير النفط في منطقة سامارا الروسية (فولغا) عقب هجوم بطائرة مسيرة، على ما أفاد الحاكم المحلي دميتري أزاروف، في بيان للحكومة المحلية نُشر على تلغرام، قائلاً: "هذه الليلة، نُفذت عدة هجمات بطائرات بدون طيار على مصفاتي النفط في المنطقة".
 
وأضاف أزاروف أنّ أحد هذه الهجمات تسبب في "حريق في مصفاة كويبيتشفسكي النفطية"، مؤكّداً عدم وقوع إصابات.
 
والمصفاة التي تديرها مجموعة "روسنفت" الروسية العملاقة هي من الأكبر في منطقة سامارا، وتصل قدرتها الإنتاجية إلى سبعة ملايين طن من النفط في السنة، وفق معلومات متوافرة على موقعها الرسمي.
 
وأعلن أزاروف التصدي لهجوم بمسيّرة على مصفاة نفط أخرى في نوفوكويبيشفسكي في منطقة سامارا "من دون التسبب بأضرار للتجهيزات التكنولوجية". وكتب: "نرى أن العدو الذي يتكبد هزائم في ساحة المعركة يبذل ما بوسعه لتقويض صمودنا ووحدتنا".
 
من جانبها، أفادت وزارة الدفاع الروسية بأنّها تصدّت خلال الليل لـ"12 مسيّرة أوكرانية" فوق مناطق بريانسك (5) وبلغورود (5) وفورونيج (1)، على الحدود الأوكرانية، وفوق ساراتوف (1).
 
 
انقطاع الكهرباء
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطابه اليومي المسائي إنّ "الإرهاب الروسي ممكن اليوم فقط لأننا لا نملك ما يكفي من أنظمة الدفاع الجوي الحديثة، أو، لنكون صادقين، لأنه لا توجد إرادة سياسية كافية لتوفيرها".
 
واعتبر أنّ "جميع الشركاء يعرفون ما هو مطلوب ومن يمكنه اتخاذ القرارات التي تنقذ الأرواح حقاً"، في وقت تتعرقل المساعدات الأميركية منذ شهور بسبب المشاحنات السياسية بين الجمهوريين والديموقراطيين في الكونغرس بينما تأخرت مساعدات من الاتحاد الأوروبي كثيراً.
 
في وقت سابق الجمعة صرّح زيلينسكي عبر شبكات التواصل الاجتماعي بأنّ القوات الروسية أطلقت خلال الليل "أكثر من 60 مسيّرة من طراز شاهد ونحو 90 صاروخاً من أنواع مختلفة"، مقدِّماً تعازيه "لأُسر الذين قُتلوا في هذا الإرهاب".
 
وأوضح أنّ الهجمات استهدفت خصوصاً "محطات توليد طاقة وخطوط توتّر عالٍ، وسدّاً للطاقة الكهرومائية، ومباني سكنية عادية، وحتى عربة ترولي باص".
 
في الإطار، أفادت شركة "أوكرينيرغو" المشغّلة بأنّ هذه الضربات أدّت إلى انقطاع التيار الكهربائي في سبع مناطق على الأقل في البلاد وألحقت أضراراً بـ"عشرات" المنشآت.
 
وحرمت خاركيف، ثاني كبرى المدن الأوكرانية التي كان يقطنها قبل الحرب نحو مليون ونصف مليون نسمة، من الكهرباء والتدفئة بسببب القصف الذي "ألحق أضراراً جسيمة" بمنشآت الطاقة، على ما قال رئيس بلديتها إيغور تيريخوف، مشيراً إلى أنه "أقوى" هجوم طال المدينة منذ بدء الحرب.
 
من جهته، قال وزير الطاقة الأوكرانية غيرمان غالوشتشينكو إنّ القصف الليلي الذي طال بلده كان "أكبر هجوم على قطاع الطاقة الأوكرانية في الآونة الأخيرة". وقد تسبّب القصف بانقطاع أحد الخطين الكهربائيين اللذين يغذيان محطة الطاقة النووية الأوكرانية في زابوريجيا التي استولى عليها الروس، قبل إعادة التيّار.
 
وحُرم أكثر من 1,5 مليون شخص من الكهرباء في ثماني مناطق أوكرانية على الأقلّ، وفق ما أفادت بعثة مراقبة حالة حقوق الإنسان في أوكرانيا التابعة للأمم المتحدة.
 
في المقابل، دانت وزارة الخارجية الفرنسية هذه الضربات "بأشدّ العبارات".
 
وأكد مكتب المدعي العام في كييف أن أكبر محطات أوكرانيا لإنتاج الطاقة الكهرومائية تعرضت لأضرار بالغة جراء إصابتها بثمانية صواريخ روسية في وقت باكر الجمعة.
 
 
60 قتيلاً في هجوم موسكو المسلح
على خط التطورات الأمنية، قُتِل أكثر من 60 شخصاً وأصيب 115 بجروح، في إطلاق نار أعقبه حريق ضخم مساء الجمعة داخل قاعة للحفلات الموسيقيّة في ضواحي العاصمة الروسيّة، وأعلن "تنظيم الدولة الإسلاميّة" مسؤوليّته عن الهجوم.
 
ونقلت وكالات أنباء روسيّة عن الكرملين أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تلقّى تقارير من رئيس أجهزة الأمن، ولجنة التحقيق، والحرس الوطني، ومن وزراء الداخليّة والصحّة وحالات الطوارئ. وأجرى بوتين اليوم محادثات مع مسؤولي إنفاذ القانون والإنقاذ بعد الهجوم.

ندّدت المتحدّثة باسم الخارجيّة الروسيّة ماريا زاخاروفا بـ"الاعتداء الإرهابي الدامي" و"الجريمة الفظيعة"، فيما أعلنت اللجنة المكلّفة التحقيقات الجنائيّة الكبرى في البلاد أنّها "فتحت تحقيقاً جنائياً في عمل إرهابي".

الهجوم الذي بدأت وسائل الإعلام الروسيّة في الإبلاغ عنه نحو الساعة الثامنة والربع مساء (15:30 بتوقيت غرينيتش)، نفّذه عدد من المسلّحين في كروكوس سيتي هول، وهي قاعة للحفلات الموسيقيّة تقع في كراسنوغورسك عند المخرج الشمالي الغربي للعاصمة.
 
 
قتيل في بيلغورود
اعتبر الجيش الروسي أن هذا الهجوم "الواسع النطاق" على أوكرانيا هو ردّ على العمليات العسكرية الأخيرة التي استهدفت مناطق روسية حدودية. وأكّد أنه استهدف "منشآت طاقة ومجمّعات عسكرية-صناعية وتقاطعات سكك حديد وترسانات".
 
ولطالما أكّد الكرملين للروس أنّ الحرب لن تؤثر على حياتهم اليومية أو على أراضي البلاد، لكن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الروسية في منتصف آذار، تزايدت هذه الهجمات.
 
وأعلنت مجموعات تعرّف عن نفسها بأنها تضمّ مقاتلين معارضين لفلاديمير بوتين مسؤوليتها عن هذه الهجمات، في حين تعهّد الرئيس الروسي الانتقام والاقتصاص من هؤلاء "الخونة" و"الحثالة".
 
منذ الأسبوع الماضي، أعلنت هذه المجموعات مسؤوليتها عن توغلات في منطقتي بيلغورود وكورسك الحدوديتين الروسيتين حيث أفاد الجيش الروسي بأنّه صدّ هجماتها. وقُتل شخص بينما جُرح آخرون صباح الجمعة في قصف استهدف منطقة بيلغورود الروسية الحدودية مع أوكرانيا، وفق ما أفاد الحاكم المحلّي.
 
إلى ذلك، أعلن جهاز الأمن الفدرالي الجمعة توقيف سبعة أشخاص في موسكو متهمين بالارتباط بمجموعة من المقاتلين الموالين لأوكرانيا يقفون وراء توغلات مسلّحة شهدتها مناطق روسية في الأيام الأخيرة.
 
وشنّت روسيا فجر الخميس هجوماً مكثّفاً على كييف، يعدّ الأول والأكبر منذ بداية شباط. وأشار قائد القوات البرية الأوكرانية إلى "احتمال" أن تشنّ روسيا هجوماً صيفياً يشارك فيه 100 ألف عنصر. وفيما أكّد أنّ هذه التقديرات تعكس "التوقعات الأكثر قتامة"، أوضح أنّ الهدف من هذا العدد من العسكريين قد يكون التعويض عن الخسائر البشرية.
 
 
عرقلة مستمرة
في الأشهر الأخيرة، أعلن الجيش الروسي الاستيلاء على بلدات عدّة في وجه جيش أوكراني يفتقر إلى الذخيرة، غير أن الوضع على الجبهة هو على حاله تقريباً منذ أكثر من سنة، في غياب أي اختراق فعلي لأحد المعسكرين.
 
في مقابل ذلك، أعرب زيلينسكي مجدداً عن انزعاجه من بطء المساعدات الغربية. وقال ساخراً إنّ "الصواريخ الروسية لم تتأخّر، على عكس حزم المساعدات المقدّمة لبلدنا. وليس هناك تردّد بشأن تزويد (روسيا) بـ(مسيّرات من طراز) شاهد، على عكس تردّد بعض" المسؤولين السياسيين.
 
من جانبه، ندّد البيت الأبيض بالضربات الروسية الواسعة النطاق على أوكرانيا، مجدِّداً مطالبة الجمهوريين في الكونغرس بالتوقّف عن عرقلة المساعدات العسكرية إلى كييف.
 
وقالت أدريين واتسون الناطقة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض في بيان: "ندين الهجمات الروسية التي استهدفت في الليل مدناً أوكرانية ومنشآت مدنية". وأضافت: "من الضروري أن نزوّد أوكرانيا أنظمة دفاع جوي إضافية لنسمح لها بالتصدّي لهذه الهجمات في أسرع وقت. حياة السكان في خطر وكلّ تأخير إضافي لا يغتفر".
 
واعتبرت أنه "ينبغي للجمهوريين في مجلس النواب اعتماد الموازنة الإضافية للأمن القومي الآن كي يتسنّى لنا أن نقدّم هذه التجهيزات المنقذة للأرواح إلى أوكرانيا".

اقرأ في النهار Premium