استقبل ثمانية مليار شخص حول العالم أمس السبت سنة 2023، وودّعوا عاماً مضطّرباً شهد الحرب في أوكرانيا وتضخّماً قياسيّاً وقيادة ليونيل ميسي منتخب بلاده إلى الفوز بمونديال قطر ورحيل الملكة اليزابيث الثانية وبيليه والبابا الفخري بنديكتوس السادس عشر.
بالنسبة إلى كثرٍ، ستكون تلك مناسبةً للتخلّص من ذكريات مرتبطة بمعدّلات التضخّم القياسية في كل أنحاء العالم وبأزمة كوفيد-19 الذي يصبح رويداً رويداً في طيّ النسيان من دون أن يختفي فعليّاً.
في أوستراليا، كانت سيدني من بين أولى المدن الكبرى التي أعلنت الانتقال إلى العام الجديد، مستعيدةً بذلك لقبها "العاصمة العالميّة لعيد رأس السّنة"، بعدما شهدت في العامين الماضيين إغلاقاً واحتفالات محدودة بسبب تفشّي المتحوّرة أوميكرون.
ومذاك أُعيد فتح الحدود الأوسترالية وقد توافد أكثر من مليون شخص إلى مرفأ سيدني لحضور إضاءة سماء المدينة بأكثر من مئة ألف من الأسهم النارية.
ومنذ الظهيرة، شغل مئات الأشخاص أفضل المواقع لحضور العرض. أمام مبنى أوبرا سيدني قال ديفيد هيو-باترسون (52 عاماً) "لقد كان عاماً جيّداً جداً بالنّسبة إلينا، تخلّصنا من كوفيد، هذا رائع".
وقال منظّم عرض الألعاب الناريّة فورتوناتو فوتي: "إذا تمكنّا من جمع كلّ العالم في الحفلة واستقبال العام المقبل بتفاؤل وفرح متجدّديَن، فسنكون قد نجحنا".
تساهم الاحتفالات في التخلّص من مشاعر سلبية خلّفتها سنة 2022 التي شهدت وفاة الملكة إليزابيث الثانية والزعيم السوفياتي السّابق ميخائيل غورباتشيف والرّئيس الصيني السابق جيانغ زيمين ورئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي.
- استقالات جماعية -
وشهدت الأيام الأخيرة من العام 2022 أيضاً رحيل أسطورة كرة القدم البرازيلي بيليه (82 عاماً) الخميس، والبابا الفخري بنديكتوس السادس عشر السبت (95 عاماً).
في ماركتل، البلدة التي يتحدّر منها البابا الرّاحل، في جنوب ألمانيا، لم يكن هناك أجواء احتفالات بالعام الجديد. وقد رفرف علم مزيّن بشريط أسود أمام مبنى البلدية.
وسُجّلت في هذا العام أيضاً استقالات جماعيّة لموظّفين من عملهم بعد أزمة الوباء وصفعةً في احتفال توزيع جوائز الأوسكار فضلًا عن تقلّص ثروات أصحاب المليارات جرّاء تدهور قيمة العملات المشفّرة.
لكن قبل كل شيء سيتذكّر العالم سنة 2022 دائماً لأنّها شهدت عودة الحرب إلى أوروبا مع الغزو الروسي لأوكرانيا.
ففي أكثر من 300 يوم، قُتل قرابة سبعة آلاف مدني وجُرح نحو عشرة آلاف شخص، بحسب مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان.
واضطرّ 16 مليون أوكراني للفرار من منازلهم. أما بالنسبة إلى الذين بقوا، فيتخلّل يوميّاتهم انقطاع متكرر للتيار الكهربائي وعمليات قصف روسي وحظر تجوّل.
واستهدفت ضربات روسية مناطق أوكرانية عدة السبت منها العاصمة كييف حيث أسفر القصف عن مقتل شخص واحد على الأقلّ والعديد من الجرحى.
وكلٌّ يعيش هذا النزاع على طريقته، فهناك من يصلّون بهدوء وآخرون يحتفلون، في خطوات تهدف إلى إعطاء زخم للمقاومة المشتركة.
وأكّد المخرج ياروسلاف موتنكو (23 عاماً) أنّ القذيفة التي أصابت فندق ألفافيتو قرب شقته في كييف لن تمنعه من الذّهاب للاحتفال في منزل أحد الأصدقاء.
وقال: "أعداؤنا الرّوس يمكنهم اختبار هدوئنا لكن لا يمكنهم تدمير روحنا".
شرقاً، يبدو أنّ روسيا ليست في وضع يخوّلها الاستمتاع. فقد ألغت موسكو عروضها التقليدية للمفرقعات بعدما سأل رئيس بلدية المدينة سيرغي سوبيانين السكان كيف يودّون الانتقال إلى العام الجديد.
- "صفر كوفيد" -
قالت إيرينا شابوفالوفا (51 عاماً) وهي موظّفة في حضانة، إنّ أُمنية سكان موسكو الوحيدة هي "سماء سلميّة فوق رؤوسنا".
وأكّد الرئيس الرّوسي فلاديمير بوتين في خطابه لمناسبة رأس السنة أنّ: "الحقّ الأخلاقي والتاريخي في صالحنا" فيما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه "واثّق بأننا سننتصر في هذه الحرب".
في لندن، يتوقّع أن يجمع عرض الألعاب النارية التقليدية ليلة رأس السنة، والتي تنظّم للمرة الأولى منذ جائحة كوفيد، حوالى 100 ألف متفرج.
وفي فيينا، كان 1850 ضيفاً يستعدّون لحضور الحفلة الموسيقيّة التقليديّة لرأس السنة للأوركسترا الفلهارمونية، في قاعة موسيكفيرين.
في فرنسا، استغلّ الرّئيس إيمانويل ماكرون خطاب العام الجديد لتجديد دعمه لكييف "حتى النصر". في العاصمة الباريسية، استعادت جادّة الشانزليزيه تألّقها وحشود الأمسيات العظيمة قبل كوفيد. وكان متوقّعاً حضور ما يقرب من نصف مليون شخص في عرض ليلة رأس السّنة.
أمام بويرتا ديل سول في مدريد، تناول الآلاف من الناس 12 حبة عنب بمناسبة آخر 12 ثانية من عام 2022. وهي طقوس تتبعها غالبيّة الإسبان.
من جهتها اعتمدت كرواتيا ليل السبت الأحد العملة الأوروبية الموحدة وألغت الإجراءات الحدودية أمام حاملي جوازات السفر الأوروبية، وهما محطتان رئيسيتان لهذه الدولة منذ انضمامها للاتحاد الأوروبي قبل نحو عقد من الزمن.
في آسيا، تشهد الصين تفشياً واسعاً لكوفيد-19، فيما يسمح التّلقيح لسكّان سائر دول العالم بعيش حياة شبه عادية.
وتخلّت بكين فجأةً عن سياستها "صفر كوفيد" مطلع الشّهر، في تحوّل تلاه فوراً ارتفاع حادّ في عدد الإصابات. ورغم أنّ المستشفيات تكتظّ بالمُصابين وكذلك المحارق بالجثث، فإنّ الاحتفالات بُعيد رأس السنة ستُقام في عدد لا يُحصى من الحانات والمسارح ومراكز التسوّق في كلّ أنحاء البلاد.
وقصد الرئيس شي جينبينغ أن يبثّ نفحة أمل قبل ساعات من حلول العام الجديد قائلاً "بارقة الأمل أمامنا".
في الشرق الأوسط، أُطلِقَت ألعاب نارية من أمام برج خليفة في دبي، أطول مبنى في العالم (830 متراً) لمناسبة العام الجديد.
مهرجان الشيخ زايد
أمّا في البرازيل، فيشهد اليوم الأول من العام الجديد عودة رئيس البلاد السّابق لولا إلى السلطة.