بدأ الإسرائيليّون صباح الثلثاء التوجّه إلى صناديق الاقتراع للتّصويت في الانتخابات الخامسة في أقلّ من أربع سنوات فيما يسعى رئيس الوزراء السّابق بينيامين نتانياهو إلى العودة إلى السّلطة.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الخامسة بتوقيت غرينتش (السابعة بالتوقيت المحلي) لبدء عمليّة التصويت التي تستمر حتى20,00 ت.غ.
ويسعى رئيس الوزراء السّابق بينيامين نتانياهو للعودة إلى السّلطة بعدما أطاح به ائتلاف "التغيير" الذي جمع ثمانية أحزاب متباينة لكنّه فشل في النّهاية في تحقيق الاستقرار السّياسي.
ويُحاول رئيس حكومة تصريف الأعمال يائير لبيد التمسّك بالسّلطة فيما أظهرت استطلاعات الرّأي أنّ حزبه الوسطي "يش عتيد" سيتخلّف عن حزب اللّيكود اليميني بزعامة نتانياهو في الاقتراع الذي ستليه كالعادة مساومات معقّدة للتوصّل إلى تشكيل ائتلاف حكومي.
وبعد إدلائه بصوته، حثّ لبيد النّاخبين على التّصويت وخاطبهم قائلاً "إذهبوا وصوّتوا اليوم من أجل مستقبل أطفالنا، من أجل مستقبل بلدنا".
لكن في ظلّ نظام سياسي قد يؤدّي فيه انتقال مقعد واحد من مقاعد الكنيست الـ 120 من حزب إلى آخر، إلى تعزيز ائتلاف حاكم أو إلى مزيد من الجمود وصولاً إلى انتخابات جديدة محتملة، تبقى النتيجة غير مؤكّدة مرّة أخرى.
خلال الحملة الانتخابية جال نتانياهو (73عاماً) الذي شغل رئاسة الوزراء لأطول فترة في تاريخ إسرائيل، على أنصار حزبه الأوفياء، في حافلة مصفّحة في محاولة لاقناعهم بأنّه الوحيد القادر على ضمان أمن البلاد.
في تجمّع حاشد مؤخّراً قال نتانياهو الملاحق بتهمة الفساد: "أطلب منكم أن تذهبوا إلى جميع أصدقائكم، كل جيرانكم، كل أقاربكم، وأن تخبروهم أنه لا ينبغي لأحد أن يبقى في المنزل".
وفي مركز للاقتراع في تل أبيب، بدا شاي باركان منزعجاً من العودة إلى صناديق الاقتراع للمرّة الخامسة.
وقال لوكالة فرانس برس "عجز الأحزاب عن تشكيل ائتلاف واختيار حكومة أمر رهيب".
وأكّد باركان (66 عاماً) "سأصوّت لميرتس، حزب ديموقراطي اجتماعي مهتمّ بالحقوق المدنيّة وحقوق الإنسان".
- سباق محموم -
سيحتاج أيّ شخص يتمّ اختياره لتشكيل الحكومة الحصول على دعم الكثير من الأحزاب الصّغيرة ليحظى بفرصة الفوز بغالبيّة 61 مقعداً.
وقد يكون زعيم حزب "الصهيونيّة الدينيّة" إيتمار بن غفير اليميني المتطرّف هو المفتاح لمساعدة نتانياهو على العودة إلى رئاسة الوزراء حيث اكتسبت كتلته زخماً في الأسابيع الأخيرة، وقد تحتلّ المرتبة الثالثة في الانتخابات.
بن غفير المعروف بخطابه المعادي للعرب ودعوته إلى ضمّ الضفّة الغربيّة المحتلة بأكملها إلى إسرائيل، يقول إنه يخوض الانتخابات "لإنقاذ البلاد".
وفي مركز للاقتراع في إحدى المستوطنات قرب مدينة الخليل في جنوب الضفّة الغربيّة، قال بن غفير "نحن بحاجة إلى مواصلة العمل الجاد، نريد حكومة يمينية بالكامل".
وقال تاجر الماس جوناثان كيرن (40 عاماً) أحد مؤيّدي بن غفير "إنّه يركّز على الأمور التي تهمّني وأريد أن تكون هناك سياسة يمينيّة" مشيراً إلى أولويّاته المتمثّلة بـ"الهويّة اليهودية والوضع الأمني".
وتتزامن الانتخابات التشريعيّة في إسرائيل مع تصاعد العنف في القدس الشرقية والضفة الغربية اللتين احتلّتهما إسرائيل في العام 1967.
وقُتل في الضفّة الغربيّة منذ مطلع الشهر الحالي 29 فلسطينيّاً وثلاثة إسرائيليّين وفق حصيلة لوكالة "فرانس برس".
وأعلن الجيش الإسرائيلي إغلاق المعابر مع الضفّة الغربية المحتلة الثلثاء مستثنياً الحالات الإنسانيّة من ذلك.
فيما اعتبر الكثير من المرشّحين أنّ الأمن مصدر قلق، لم يقم أيّ منهم بحملة على أساس برنامج لإحياء محادثات السّلام المحتضرة مع الفلسطينيّين.
- انقسامات وإحباط -
استحال غلاء المعيشة في البلاد قضية ساخنة في موسم الانتخابات هذا في اسرائيل، حيث يعاني الإسرائيليّون من ارتفاع الأسعار منذ فترة طويلة وباتوا يشعرون أكثر بتداعيات الأزمة وسط الاضطرابات الاقتصادية العالمية المرتبطة بغزو روسيا لأوكرانيا.
لكن في جولات الانتخابات المتكررة منذ نيسان 2019 لم يغير سوى عدد قليل من الناخبين ولاءاتهم بشكل كبير.
ومع ذلك فقد تغيّرت الاتفاقيات التي وافق عليها القادة السياسيون وخرقوها، بمرور الوقت وأفضت إلى حكومات لم تدم طويلاً.
كان لبيد مهندس التّحالف الأخير برئاسة نفتالي بينيت الذي ضمّ للمرّة الأولى حزباً عربيّاً "القائمة العربيّة الموحّدة -الحركة اللإسلامية" برئاسة منصور عبّاس، وضمّ يساريّين ووسطيّين ويمينيّين.
وكان منصور عباس انفصل عن القائمة العربيّة المشتركة في العام 2021 ما مهّد لانضمامه إلى الائتلاف. وكانت القائمة المشتركة حصلت على 15 مقعداً في العام 2015 وضمّت أربعة أحزاب.
لكن في حزيران، أعلن بينيت أنّ الائتلاف لم يعد قابلاً للاستمرار، فتمّت الدّعوة إلى انتخابات هي الخامسة منذ العام 2019.
وفي الانتخابات الأخيرة شغلت الأحزاب العربية عشرة مقاعد فقط من أصل 120 مقعداً في البرلمان.
ويشهد المجتمع العربي إحباطا في ظلّ الانقسامات التي حدثت في القوائم العربيّة إذ تخوض ثلاث قوائم عربيّة الانتخابات.
وقالت عضو الكنيست عايدة توما من الجبهة العربيّة للسّلام والمساواة المتحالفة مع العربية للتغيّر "علينا العمل أكثر لإقناع النّاس بالخروج والتّصويت فالوضع أصعب والناس تعبت ولديها إحباط تراكمي".
ولا تزال القوائم العربية في خطر إذا لم ترتفع نسبة التّصويت في المجتمع العربي الذي يشكّل 20 في المئة من عدد السكّان في إسرائيل.
وينبغي على كلّ لائحة أن تتجاوز نسبة الحسم وهي 3.25 في المئة من الأصوات لتكون مؤهّلة لدخول الكنيست.