فيما تحاول القوات الروسية تطويق مدينة باخموت على الجبهة، يزداد آخر سكان المدينة المدمّرة إصرارًا على أنهم لن يتركوا ديارهم في حال وصول الروس.
وتسأل ناتاليا شيفتشينكو (75 عامًا) التي تخشى أن يكون الانتقال إلى مكان آخر مكلفًا "كيف يمكنني أن أرحل؟".
باتت تمضي وقتًا طويلاً في الاختباء في قبو منزلها لدرجة باتت تشعر "كأنها خلد" وهي تتطلع صوب الضوء.
وبينما كان دوي القصف مسموعًا، قالت لمراسلي وكالة فرانس برس "لا تقلقوا (...) إن القصف بعيد. أصبحت أعلم مسار" سقوط القذائف.
منذ أشهر، تحاول القوات الروسية السيطرة على باخموت في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا في معركة هي الأطول منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط 2022.
ورغم تلقي كييف شحنات أسلحة غربية، أعلنت روسيا تحقيق مكاسب في المنطقة.
وتحوّلت باخموت، التي كان يقطنها نحو 75 ألف شخص قبل الحرب، مدينة أشباح تنتشر فيها دفاعات مضادة للدبابات وسيارات محترقة، بسبب القتال.
ولا يزال يعيش نحو سبعة آلاف شخص، معظمهم من كبار السن، في المدينة بدون غاز ولا كهرباء ولا مياه، رغم أصوات تبادل هجمات المدفعية وإطلاق النار والمسيّرات التي تحلّق فوق المنطقة.
الثلثاء، قُتل فتى يبلغ 12 عامًا ومسن يبلغ 70 عامًا في قصف على البلدة.
وفي زيارة أجراها فريق لوكالة فرانس برس لباخموت الأربعاء، شاهد الصحافيون دخانًا يتصاعد من الجزء الشرقي من المدينة.
واستهدفت ضربة روسية مركبة عسكرية أوكرانية الثلثاء في غرب المدينة، ورأى مراسلو وكالة فرانس برس الأربعاء ثلوجًا ملطخة بالدماء في الموقع.
- "سأبقى على قيد الحياة" -
يعمل الجنود الأوكرانيون على تحصين مواقعهم خارج المدينة المدمّرة.
وأصبح النهر الذي يقسم باخموت خطًا فاصلًا رئيسيًا في المعارك.
وتخاطر شيفتشينكو، التي تعيش على الضفة الشرقية، بحياتها كل يوم عندما تعبر الجسر للحصول على الماء.
وتقول "انسوا الغاز. لو كانت لدينا كهرباء، لكان كل شيء أسهل. ولكانت لدينا تدفئة وفرصة للطهو".
وتضيف "أسوأ ما في الأمر أنه لم تعد لدينا تغطية للاتصالات".
وتتابع "لا يمكنني الاتصال بعائلتي. لدي ابنان - أحدهما في كييف والثاني في أوديسا. أولادهما صغار، لذلك اضطرّا إلى الرحيل".
وتقول ناديا بوردينسكا (66 عامًا) إنها عاشت في باخموت طوال حياتها ولا تنوي الرحيل.
وتضيف أمام مسكنها الذي بُني في الحقبة السوفياتية "كل شيء ممكن، إن شاء الله، سأبقى على قيد الحياة".
من أجل التدفئة، اشترت موقدًا بقيمة 3500 هريفنا (95 دولارًا) وطلبت من السلطات الحصول على حطب زهيد الثمن.
وعلقت "هكذا نعيش في القرن الحادي والعشرين".