وافقت الحكومة اليمنية والمتمردون الحوثيون، الخميس، على تمديد الهدنة الحالية في اليمن لشهرين إضافيين قبل ساعات من انتهاء مفاعليها، وفق ما أعلن مبعوث الأمم المتحدة الى البلد الغارق في الحرب هانس غروندبرغ.
وقال غروندبرغ في بيان "أود أن أعلن استجابة أطراف النزاع بشكل إيجابي مع اقتراح الأمم المتحدة لتجديد الهدنة السارية في اليمن لشهرين إضافيين. تدخل الهدنة المجددة حيِّز التنفيذ عند انتهاء الهدنة الحالية"، أي بنهاية اليوم الخميس.
وخاض المبعوث الأممي محادثات مكثفة مع أطراف النزاع كافة خلال الأيام الماضية لدفعهم نحو تمديد الهدنة.
وبينما أعلن المتمردون والحكومة عدم ممانعتهم في التمديد، إلا أنهم وضعوا شروطا لذلك. وتريد السلطة من الحوثيين رفع حصارهم عن مدينة تعز في جنوب غرب البلاد كما نصت الهدنة، فيما يطالب المتمردون بأن تدفع الحكومة رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتهم.
وقال غروندبرغ في بيانه "لا بدّ من اتخاذ خطوات إضافية لكي تحقّق الهدنة إمكاناتها بالكامل، لا سيما في ما يتعلق بفتح الطرق وتشغيل الرحلات التجارية. وستتطلب مثل هذه الخطوات قيادة ورؤية لليمن كله".
وتابع "سأستمر في العمل مع الأطراف لتنفيذ وترسيخ عناصر الهدنة كاملةً، والتوجه نحو حل سياسي مستدام لهذا النزاع يلبي تطلعات ومطالب اليمنيين المشروعة رجالاً ونساءً".
ورحب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف بالخطوة، قائلا ان الهدنة "ستثمر في استمرار تهيئة الأجواء للأطراف اليمنية لبدء العملية السياسية والوصول إلى سلام شامل يحقق الأمن والاستقرار في ربوع اليمن".
كذلك، رحبت السعودية بقرار التمديد، مؤكدة "حرصها على دعم كل الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة للوصول إلى الحل السياسي المستدام للأزمة اليمنية"، على ما أوردت وكالة الانباء السعودية نقلا عن وزارة الخارجية.
وأعربت الخارجية عن أملها أن "يتمكن المبعوث الأممي لليمن من فتح طريق تعز لحركة وتنقل الآف المدنيين على هذا المعبر المهم للحياة اليومية والمعيشية للإنسان اليمني".
وفي واشنطن، رحب الرئيس الاميركي جو بايدن بتمديد الهدنة، وحض أطراف النزاع على جعلها "دائمة".
وقال بايدن في بيان إن "الشهرين الاخيرين في اليمن، بفضل الهدنة التي اعلنت في نيسان، كانا من الفترات الاكثر هدوءا منذ بدء هذه الحرب الفظيعة قبل سبعة أعوام. تم إنقاذ آلاف الارواح مع تراجع المعارك. من المهم العمل على جعل (الهدنة) دائمة".
ويدور نزاع في اليمن منذ العام 2014 بين الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء ومناطق أخرى في شمال البلاد وغربها، وقوات الحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية. وتسبّبت الحرب بمقتل مئات آلاف الأشخاص بشكل مباشر أو بسبب تداعياتها، وفق الأمم المتحدة.
وفي الثاني من نيسان الماضي، دخلت الهدنة حيز التنفيذ بوساطة من الأمم المتحدة. وشمل الاتفاق السماح برحلات تجارية من مطار صنعاء الدولي المفتوح فقط لرحلات المساعدات منذ 2016، ما مثّل بارقة أمل نادرة في الصراع بعد حرب مدمرة.
وكان يفترض السماح برحلتين تجاريتين من صنعاء أسبوعيا، لكن خلافات حول مصادر جوازات السفر قلّصت أعداد هذه الرحلات. والأربعاء، نقلت طائرة تابعة للخطوط اليمنية عشرات المسافرين من صنعاء إلى القاهرة في أول رحلة تجارية بين العاصمتين منذ 2016.
وهذه سابع رحلة تجارية تنطلق من العاصمة صنعاء منذ بدء سريان الهدنة. والرحلات الست الأخرى كانت بين صنعاء وعمّان في الأردن، ونقلت غالبيتها مرضى يمنيين.
- بناء الثقة -
ويتهم الحوثيون المدعومون من إيران الرياض بفرض "حصار" على اليمن خصوصا عبر إغلاق الأجواء اليمنية أمام الرحلات التجارية، في حين يقول السعوديون إنهم يريدون منع تهريب الأسلحة إلى المتمردين.
وخلال فترة الهدنة، تبادلت الحكومة اليمنية والمتمردون اتهامات بخرق وقف النار، ولم يطبّق الاتفاق بالكامل وخصوصا ما يتعلق برفع حصار المتمردين لمدينة تعز، لكنه نجح بالفعل في خفض مستويات العنف بشكل كبير.
ودعت منظمات إغاثية عاملة في اليمن أطراف النزاع الثلثاء إلى تمديد الهدنة، قائلة "في الشهر الأول من الهدنة فقط، انخفض عدد القتلى او الجرحى في اليمن بأكثر من 50 بالمئة، ونظرا للدخول المنتظم لسفن الوقود إلى ميناء الحديدة لم يعد الناس يقفون في طوابير".
وتعليقا على تمديد الهدنة، قالت منظمة "المجلس النروجي للاجئين" في بيان إنّ القرار "يظهر التزاماً جاداً من جميع الأطراف بإنهاء معاناة ملايين اليمنيين. لقد أظهر الشهران الماضيان أن الحلول السلمية للصراع هي خيار حقيقي".
وتابعت "نأمل أن يسمح تمديد الهدنة بمزيد من التقدم في إعادة فتح الطرق التي تربط المدن والمناطق، والسماح لمزيد من النازحين بالعودة إلى ديارهم، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الأشخاص الذين أصبحوا بعيدًا عن متناولها بسبب القتال".
في صنعاء، قال الشاب نبيل القانص لوكالة فرانس برس "سئم اليمنيون من هذه الحرب وضاقوا ذرعا بالوضع الحالي. على جميع الأطراف العمل الجاد لوقف الحرب وإنهاء الحصار، وعلى الأمم المتحدة أن تمارس الضغط على أي طرف عنيد".
اما مكين العوجري في تعز، فقال "أريد أن أذهب لزيارة عائلتي وأقاربي وأصدقائي ، لكن مشكلة الحصار منعتنا من الوصول إلى عائلاتنا. كنا نأمل أن ترفع الهدنة الحصار وتفتح الطرق الرئيسية ، لكن فشل هذه المفاوضات خيب آمالنا".
ويهدد خطر المجاعة الملايين من سكان اليمن، فيما يحتاج آلاف وبينهم الكثير من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين، إلى علاج طبي عاجل غير متوافر في البلد الذي تعرّضت بنيته التحتية للتدمير. ويعتمد نحو 80 بالمئة من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات للاستمرار.
واعتبر غروندبرغ في بيانه، أنه من خلال الموافقة على تنفيذ الهدنة وتجديدها، قدّم الأطراف "بصيص أمل لليمنيين بأنه من الممكن إنهاء هذا النزاع المدمّر".
وقال "أعتمد على التعاون المستمر للأطراف بنيّة حسنة، لبناء الثقة، واستغلال الزخم المتاح لتوفير مستقبل يعمّ فيه السلام في اليمن".