بازار تجريش.
يلمس تجار بازار تجريش في شمال طهران، تراجعا في نشاطهم لاسيما في فترات المساء، مذ بدأت التحركات الاحتجاجية في إيران اعتبارا من 16 أيلول/سبتمبر على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق.
ويقول مهدي في متجره لبيع القمصان (تي شيرت) "لم يكن الوضع مذهلا في السابق نظرا للأزمة الاقتصادية التي تعانيها بلادنا على خلفية العقوبات الأميركية، لكن الآن مع التظاهرات، تراجع عملنا الى النصف".
ويبدي التاجر البالغ 53 عاما، والذي جلس الى كرسيه معتمرا قبعة، أسفه لأن "بعض الزبائن كانوا يأتون مساء، لكنهم لا يقومون بذلك" حاليا.
خلال النهار، تبدو الحركة عادية في السوق التجارية المسقوفة في شمال العاصمة، اذ تعجّ بالمتسوقين الباحثين عن منتجات شتى، من الخضار والفاكهة الطازجة، الى التوابل والملابس والسجاد والأدوات المنزلية.
ويقع بازار تجريش عند تقاطع رئيسي قرب ساحة تحيط بها مطاعم ومقاهٍ ومراكز تسوق حديثة.
وينعكس النشاط التجاري في مختلف جنبات الميدان خلال اليوم، اذ تعج المطاعم والمقاهي بروادها. وفي الفترة الحالية، تمكن رؤية عناصر من قوات حفظ الأمن وشرطة مكافحة الشغب بزيهم الرسمي وخوذاتهم الواقية على الرأس أمام دراجاتهم النارية.
وآثر التجار عدم التعليق على التحركات الاحتجاجية الراهنة التي دخلت أسبوعها الثالث، وتركزت بشكل أساسي في فترات المساء والليل، وهذا ما ينعكس على الحركة التجارية.
ويشير مهدي الى أنه "حين تبدأ التحركات، يتوجب عليّ إقفال متجري قبل أربع أو خمس ساعات (من الموعد المعتاد) لأسباب السلامة. عند ذلك، يغلق التجار أبواب محالهم ويخلو البازار من رواده".
وشهدت مدن إيرانية عدة في الأسابيع الماضية، تحركات مسائية قام خلالها محتجون بعرقلة حركة المرور في بعض الشوارع أو إحراق مستوعبات إطارات مطاطية أو مستوعبات للنفايات. وتخلل بعض التحركات مواجهات مع قوات الأمن التي تؤكد تصديها لـ"مثيري الشغب".
وفي مقابل حركة التسوق الكثيفة خلال النهار، كان جزء آخر من الناس يفضّل التبضع مساء لتفادي حرارة الشمس، أو انتظار انتهاء ساعات العمل، أو في أعقاب أداء الصلاة في مزار إمام زاده صالح الديني المجاور للسوق.
ويقول بهزاد "حين تحلّ ساعة +سرتشراغي+ (مفردة فارسية تعني "إضاءة الأنوار")، عند مغيب الشمس، كان قسم آخر من الزبائن يأتي".
ويضيف بائع القبعات والملابس منذ نحو ثلاثة عقود "بسبب الاحتجاجات، لم يعد الناس يخرجون بعد الساعة الخامسة عصرا، خصوصا النساء".
ويشدد على أن "الشرطة لم تطلب منا غلق المتاجر، لكن النقابة (المعنية بقطاعه التجاري) حذرتنا من أن إبقاء المحال مفتوحة هو على مسؤوليتنا الخاصة ولن تتحمّل أي مسؤولية في حال تعرّض لحريق" في حال وقوع أعمال شغب.
وأفادت وسائل إعلام محلية عن مقتل زهاء ستين شخصا على هامش الاحتجاجات، بينهم عناصر من الأمن. من جهتها، أوردت منظمات حقوقية خارج الجمهورية الإسلامية عن مقتل أكثر من تسعين.