النهار

ما مصير تنظيم "القاعدة" بعد مقتل الظواهري؟
المصدر: "أ ف ب"
ما مصير تنظيم "القاعدة" بعد مقتل الظواهري؟
زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري (أ ف ب).
A+   A-
وجّهت صواريخ "هيلفاير" الأميركية التي قتلت أيمن الظواهري ضربةً رمزيةً قوية لتنظيم "القاعدة"، لكن فروعه المنتشرة مستقلة تكتيكيّاً ولن يردعها مقتَله عن التخطيط لمزيد من الهجمات على أهداف محلية وغربية، وفق ما يقوله محللون.

ومنذ توليه زعامة التنظيم، بعد مقتل أسامة بن لادن، القوّة الدافعة الأصلية للقاعدة في عام 2011، كثيراً ما فقد التنظيم أراض لصالح تنظيم "الدولة الإسلامية" في صراع للهيمنة، لا سيما بين الجهاديين الشبّان الذين أغرتهم الجماعة الجديدة التي أَعلنت الخلافة.

لم يستطع الظواهري، الذي لاحقته سمعة التصلُب وضيق الأفق وعدم التمتّع بشعبية كبيرة، أن يضاهي أُسلوب بن لادن في التواصل من مخابئ "القاعدة" في جنوب آسيا لإقامة روابط مع جماعات ذات تفكير مماثل في جميع أنحاء العالم.

لكنّ الخبراء يقولون إنَّ الظواهري كان مهمّاً للإشارة إلى استمرار الطموح العالمي للجماعة، بصفته شخصية ذات خبرةً واسعةً تحدثت بانتظام عبر الإنترنت إلى المتعاطفين معها.

وقال اتش إيه هيلير، الباحث في مؤسسة "كارنيجي للسلام الدولي"، إنّ "وجود الظواهري كان يعني استمرار منظمة فعلية، وكان رمزياً للغاية".

لكن السؤال الرئيسي سيكون: "من يستطيع أن يملأ هذا الفراغ للجماعة، خاصة في عالم فيه جماعات مثل طالبان أكثر قوةً، ناهيك عن (داعش)؟".

وقلّة من البدلاء المحتملين يمكنهم مضاهاة سجل الظواهري الذي امتدَّ لعقود من الزمن كجهادي. فقد استغلّ مكانته كمتشدّد مخضرم للمساعدة في إعادة بناء "القاعدة" في مواجهة هجوم أميركي في أعقاب هجمات 11 أيلول 2001 على الولايات المتحدة.

لكنّ محلّلين يقولون إن هوية الزعيم أصبحت أقلَ أهميةً، لأن فروع القاعدة المستقلة تكتيكياً تدير العمليات اليومية في بلدانها.
ضابط سابق بالقوات الخاصة المصرية

يقول الخبراء إنّ المنافس الرئيسي هو سيف العدل. كان ضابط القوات الخاصة المصرية السابق الغامض يُنظَر إليه على نطاقٍ واسعٍ على أنه رقم ثلاثة في تنظيم القاعدة وأحد قادتها العسكريين.

تعود سيرته الجهادية إلى عام 1981، عندما اشتبه في تورّطه مع الظواهري في اغتيال الرئيس المصري أنور السادات بعد توقيعه معاهدة سلام مع إسرائيل.

ساعد سيف العدل في التخطيط لهجمات بالقنابل على السفارتين الأميركيتين، في نيروبي ودار السلام في عام 1998، وأقام معسكرات تدريب للتنظيم في السودان وباكستان وأفغانستان في التسعينيات.

ويتنافس أيضاً يزيد مبارك، المعروف بأبو عبيدة يوسف العنابي، الذي أصبح أميراً لـ"القاعدة" ببلاد المغرب الإسلامي عام 2020 عندما قتلت غارة فرنسية سلفه.
ويقول بعض الخبراء إنّ عبد الرحمن المغربي، منافس آخر. وقال مكتب التحقيقات الإتحادي، الذي يريد استجوابه بشأن عضويته في "القاعدة"، إنّه درس البرمجة في ألمانيا قبل أن ينتقل إلى أفغانستان، حيث تم اختياره لإدارة الجناح الإعلامي الرئيسي لـ"القاعدة". والمغربي صهر الظواهري وهو قيادي بارز في "القاعدة".

وواجهت "القاعدة" انتكاسات منذ أن نفّذت هجمات 11 أيلول، وشمل ذلك الضغط العسكري الأميركي والمنافسة من تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي سيطر على مناطق شاسعة في العراق وسوريا.

لكن مراقبين للجهاديين يقولون إنَّه من غير المرجّح أن يتغير هيكل "القاعدة" بشكل كبير بعد مقتل الظواهري.

وقال جيروم دريفون، كبير المحلّلين المعنيين بشؤون الجهاد والصراع الحديث في "مجموعة الأزمات الدولية"، إنّ هيكل التنظيم يتألف من مجلس شورى يضمُّ كبار المحاربين وقادة الفروع، ثم بعد ذلك تأتي لجنة تنفيذية تحل القضايا الداخلية.

وتتألف القيادة العامة لـ"القاعدة" من كبار القادة الذين يمثّلون جيلاً جديداً من القادة ليس لهم علاقات تاريخية بأفغانستان، حيث حارب المتشددون قوات الاحتلال السوفيتي.

وقال آرون زيلين من معهد واشنطن: "إنّ كبار قادة (القاعدة)، المنتشرين في أنحاء الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأفريقيا، سيتقاسمون عبء قيادة الجماعة من خلال أفرعها المختلفة".

ولفت إلى أنّ مقتل الظواهري ترك فراغاً في "الشرعية" على رأس "القاعدة". وأضاف: "لكن في نفس الوقت لا أعتقد أن ذلك سيؤثّر حقاً على إدارة الشؤون اليومية للفروع وما تحاول القيام به في عملياتها".

وأضاف أنّه "كانوا بالفعل يتخذون (قراراتهم) الخاصة على أساس يومي ويحصلون فقط على توجيهات إستراتيجية رفيعة المستوى من القيادة العليا (التي) لم تكن تدير ما كان يجري بشكل دقيق".

يبقى أن نرى ما إذا كانت الفروع التابعة، التي يتواصل قادتها عبر سعاة لتجنب رصدهم، ستسعى الآن إلى دورٍ أقوى في هيكل القيادة الرسمي.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium