تصدَّر الرئيس اليساري الأسبق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة في البرازيل الأحد، متقدّماً على الرئيس اليميني المتطرّف المنتهية ولايته جايير بولسونارو، لكنّ تقدّمه جاء أقلّ ممّا توقّعته استطلاعات الرأي وبالتالي ستُجرى جولة ثانية في 30 تشرين الأوّل.
وحصل لولا على 47,91 في المئة من الأصوات في مقابل 43,65 في المئة لبولسونارو، وفقاً لأرقام المحكمة الانتخابيّة العليا، بعد فرز 97,3 في المئة من الأصوات.
وأدلى الناخبون البرازيليّون الأحد بأصواتهم في انتخابات رئاسيّة شهدت توتّراً شديداً كان يأمل لولا بالفوز فيها من الدورة الأولى على بولسونارو الذي سبق أن هدّد برفض الاعتراف بالنتائج.
وأدلى المرشّحان لولا (76 عاماً) وبولسونارو (67 عاماً) بصوتَيهما في الصباح الباكر.
وتشكّلت صفوف انتظار أمام مراكز الاقتراع وقف فيها ناخبون يرتدون ملابس بلون العلم الوطني تأييدًا لبولسونارو، وآخرون يرتدون الأحمر تأييدًا للولا.
وأدلى الرئيس اليساري الأسبق (2003-2010) بصوته في ساو برناردو دو كامبو، الضاحية العمّاليّة لساو باولو، حيث اشتهر بكونه زعيمًا نقابيًّا.
وقال لولا، الذي خاض سادس معركة انتخابيّة رئاسيّة في مسعى منه للفوز بولاية ثالثة بعد 11 عاماً من مغادرته الحكم مع شعبيّة غير مسبوقة: "بالنسبة إليّ، إنّها الانتخابات الأكثر أهمّية".
وصرّح معلّقا على الانقسام الذي يسود البرازيل أنّه "لم نعد نريد كراهية وخلافات، نريد بلدًا في سلام".
بُعيد ذلك، أدلى بولسونارو بصوته في ريو دي جانيرو، مرتديًا قميص المنتخب الوطني لكرة القدم الأصفر والأخضر فوق سترة واقية من الرصاص، ولوّح مجدّدًا بإمكان الطعن في النتائج.
وقال الرئيس المنتهية ولايته الذي انتقد مراراً نظام الاقتراع الإلكتروني: "إذا كانت الانتخابات نظيفة، لن تكون هناك أيّ مشكلة. ولينتصر الأفضل!".
ظهرًا، أكّد رئيس المحكمة الانتخابية العليا، ألكسندر دي مورايس، أنّ التصويت يجري "بلا مشاكل، في هدوء تامّ"، حارصًا على "إعادة تأكيد موثوقيّة" نظام الاقتراع الإلكتروني و"شفافيّته".
وكان آخر استطلاع للرأي أجراه معهد داتالوفها قد توقّع فوز لولا بحصوله على 50 في المئة من الأصوات مقابل 36 في المئة لبولسونارو.
ومع إغلاق صناديق الاقتراع عند الخامسة مساءً (20,00 ت غ)، تجمّع أنصار كلا المرشّحَين لمتابعة النتائج.
"فوضى"
امتدّت طوابير انتظار طويلة منذ الصباح الباكر أمام مراكز الاقتراع، خصوصًا في العاصمة برازيليا.
وقالت ألديزي دوس سانتوس، ربّة العائلة الأربعينيّة، ردّاً على أسئلة وكالة "فرانس برس" في برازيليا: "أنا مسيحيّة ولا أصوّت إلا للمرشّحين المؤيّدين لما ورد في الكتاب المقدّس، إذًا أصوّت لبولسونارو".
في ريو دي جانيرو، أعلنت كايا فيراري، عالمة النفس المتقاعدة البالغة 67 عاماً، باختصار ووضوح "أكره بولسونارو".
في ساو باولو، قالت لوسيا إستيلا دا كونسيساو، وهي متقاعدة: "كوني امرأة سوداء، صوّتت لمرشّح ملتزم مكافحة التمييز"، بعد أن أدلت بصوتها لصالح لولا. وأضافت "نعيش في مرحلة فوضى، وآمل بأن يجري كلّ شيء على ما يرام اليوم، وألّا تحدث اضطرابات".
تمَّ فتح بعض مراكز الاقتراع في مواقع غير معتادة، مثل فندق فخم على شاطئ كوبا كابانا في ريو.
وقالت جوليانا تريفيسان: "إنّها أوّل مرّة أدلي بصوتي في فندق. جيّد أن يرى السائحون أنّنا في ديموقراطيّة أو أنّنا على الأقل نناضل لحمايتها".
تعزيز الأمن
شهدت هذه الانتخابات الحاسمة لمستقبل الديموقراطيّة في البرازيل، مواجهة شديدة بين أبرز مرشّحَين، وحجبت تمامًا المرشّحين التسعة الآخرين الذين لم يكُن لهم حضور يُذكر.
وفي حال فاز لولا في الدورة الثانية، سيُشكّل ذلك عودةً إلى الحياة السياسيّة لم يكُن يأمل بها بعد سجنه المثير للجدل في قضايا فساد.
غير أنّ تنظيم دورة ثانية سيُتيح لبولسونارو تعبئة مؤيّديه والتقاط أنفاسه. وقد نشر على حسابه في "تويتر" رسائل دعم تلقّاها من حلفائه النادرين، أمثال نجم كرة القدم نيمار والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي دعا البرازيليّين إلى "إعادة انتخاب أحد أعظم الرؤساء في العالم".
لوّح الرئيس المنتهية ولايته بتحرّكٍ عنيف، ما أحيا مخاوف من حصول أحداث شبيهة بالهجوم على مبنى الكابيتول بواشنطن في كانون الثاني 2021 بعد هزيمة ترامب الانتخابيّة.
ولم تصدر أيّ مؤشّرات قلق من جانب الجيش. وأعلنت الولايات المتحدة أنّها ستتابع الانتخابات في البرازيل "من كثب". ونُشر أكثر من 500 ألف عنصر من قوّات حفظ النظام تولّوا ضمان الأمن.
كما انتخب البرازيليون الأحد نوّابهم الفدراليّين الـ513 وحكّام الولايات الـ27 ونوّاب مجالس الولايات. ويُنتخب هؤلاء المسؤولون لولاية من أربع سنوات. كما سيجري تجديد ثلث مقاعد مجلس الشيوخ الـ81 إنّما لثماني سنوات.